الشباب في عصر العولمة
 

أحلام عبدالكافي

أحلام عبدالكافي / لا ميديا

لقد تم اختراق مجتمعاتنا عبر أساليب خفية تستخدم الجذب والإغواء، اختراق ممنهج لوعي الشبان والبنات، اختراق خطير توغل بخيوطه التدميرية ليستهدف الحاضر والمستقبل باستهدافه لأبنائنا وبناتنا، في عصر العولمة الذي أدّى إلى جعل العالم قرية إلكترونيّة صغيرة تترابط أجزاؤها عن طريق الأقمار الصناعيّة والاتصالات الفضائيّة والقنوات التلفزيونيّة.
كيف أصبح حال شبابنا اليوم في المجتمعات العربية؟ وكيف أصبحت أقوالهم وأفعالهم؟ كيف أصبحت أشكالهم؟ وكيف أصبحت طريقة تفكيرهم؟!
للأسف أصبح واقعاً وساحة للتقليد الأعمى لتلك الثقافات الواردة والثقافة المغلوطة والهدامة للوعي، التي تبتعد عن ثقافتنا الإسلامية وهويتنا الإيمانية، وعن عاداتنا وتقاليدنا المجتمعية، ثقافة خطيرة جداً عندما نشاهد الشباب قد وصلوا لحالة التشبه بشخصيات منحلة أخلاقياً لا تمت للدين ولا للعروبة وللأخلاق بصلة، فجعل أولئك الشباب الذين وقعوا فريسة للحرب الناعمة، من تلك الشخصيات الهابطة قدوة لهم للأسف.
أعداء الأمة يعلمون علم اليقين أنه إذا تم تغريب الشباب وتجهيلهم، وهم عماد بناء حضارة الدول، فإنهم بذلك يستهدفون منع وجود دول قوية، مصنعة ومنتجة وقادرة على الاكتفاء الذاتي، دول واعية وقادرة على إدراك خطورة أعدائها والمتربصين بها.
للأسف يشن أعداء الأمة حرباً شعواء عبر وكلائهم من الداخل، لضرب قدواتنا الإسلامية، عبر أساليب قديمة وومنهجة، وتشويه لرموز وعظماء، كان لابد أن يتم إبراز أدوارهم القوية والواعية، ومواقفهم وأقوالهم للأجيال عبر التعليم وعبر وسائل الإعلام، لكن ما الذي حدث؟ تم إسقاطهم كقدوة في نفوس الأجيال بذات الأساليب المذكورة، لماذا؟ لكي يصنعوا لهم رموزاً واهية لا تبني أمة ولا تصنع جيلاً قوياً، رموزاً تخدم أجندات الأعداء، رموزاً هشة تارة ومنحلة أخلاقياً تارة أخرى، رموزاً إرهابية تربي على العنف والدمار والقتل وغيرها. 
المفترض أن تكون نفسيات شبابنا قائمة على القوة والقدرة والعطاء بناءً على المخزون الثقافي الواعي لديهم، لكن للأسف ما حدث أن نفسية أغلب شبابنا محبطة، واليأس يعتريها من كل جانب، لماذا؟ لأن هناك استهدافاً ممنهجاً لهم من قبل أعداء الأمة منذ طفولتهم، عبر الوسائل الإلكترونية والمسلسلات التلفزيونية المقدمة، مروراً بفترة شبابهم وما رافقها من ضخ لكل ما يهدم معطيات تقويمهم السلوكي والنفسي، وصولاً لنشأة جيل في المجتمعات العربية للأسف بهذه الصورة المشتتة القاصرة الضعيفة والمتخبطة. 
إذا ما تأملنا طريقة تفكير شباب اليوم في أغلب المجتمعات، وما هي طموحاتهم وأهدافهم، وأبرز اهتماماتهم، سنلاحظ أن شريحة كبيرة ستجيب: أريد أن أسافر خارج هذا البلد، لأنهم مبهورون بالغرب وبالثقافة الوافدة، وبسبب نقمتهم على أوطانهم، وعدم رغبتهم في تقديم أي جهد فيها، ولا يوجد لديهم رغبة للعطاء والبذل على أرضهم، فهذه مسألة خطيرة لم تأتِ من فراغ، وإنما بعمل ممنهج ومدروس مارسته القوة الناعمة لتخلق جيلاً عربياً بهذا الشكل المتخبط. 
أما حال البنات في مجتمعاتنا في ظل الاختراق الثقافي الغربي، فسنلاحظ أن اهتماماتهن سطحية، ولا ترقى للدور الكبير المنوط بهن لبناء أمة وتربية أجيال. اهتمامات الشريحة الواسعة من بنات المجتمعات العربية للأسف معروفة، ونلاحظها جميعاً. والكارثة عندما يصنعن لهن قدوات كافرة أو قدوات من مغنيات أو ممثلات أو قدوات من شخصيات نسائية ثقافتها غربية علمانية، ويتركن ذلك الإرث العريق للقدوات الإسلامية، تلكم النساء العظيمات اللائي مثَّل تواجدهن منعطفاً كبيراً لخدمة الأمة حين كن مستجيبات لتعاليم الدين الإسلامي قولاً وفعلاً، فما كان من أعداء الأمة، عبر الأجيال المتلاحقة، إلا أن حاولوا سلخ بنات مجتمعاتنا عن تلكم القدوات، وإبدالهن بقدوات تخدم ضياع الأمة وبقاءها مرتهنة لأعدائها.

أترك تعليقاً

التعليقات