حسن حردان

حسن حردان / لا ميديا -
صحيح أنّ العدو تمكن من اغتيال بعض القادة العسكريين للجهاد الإسلامي؛ 
لكن الصحيح أيضاً أنّ استشهاد هؤلاء القادة لم يضعف عزيمة المقاومة على التصدي للعدوان وتوجيه الضربات الصاروخية الموجعة له. وإذا كان العدو يعتقد أن عدوانه سيضعف حركة الجهاد فهو مخطئ؛ فالحركة ستخرج من هذا العدوان أكثر قوة وستزداد شعبيتها؛ لأنها نجحت في 
مواجهة العدوان وتثبيت قواعد الاشتباك ومعادلة الردع والرعب في الصراع معه.

أرادت حكومة العدو من وراء عدوانها الجديد على قطاع غزة تحقيق مكاسب انتخابية بسفك المزيد من دماء الشعب الفلسطيني، وتوجيه ضربة قاسية لحركة الجهاد الإسلامي عبر محاولة استفرادها باغتيال قادتها، وإثارة الفتنة بين فصائل المقاومة الفلسطينية، وتوجيه ضربة قاصمة للوحدة الوطنية الفلسطينية، وكذلك لوحدة الساحات الفلسطينية التي كرّستها المقاومة من خلال معادلاتها الردعية التي فرضتها في مواجهة تمادي العدو في اعتداءاته، حيث فرضت المقاومة معادلة “سيف القدس” التي وحدت من خلالها الشعب الفلسطيني في كلّ أماكن تواجده في فلسطين المحتلة والشتات، وحمت القدس المحتلة. كما أراد العدو من عدوانه الجديد “استعادة قوة الردع الصهيونية” التي تآكلت في المواجهات السابقة مع المقاومة الفلسطينية.
غير أنّ هذه الأهداف الصهيونية التي تتلخص في محاولة المسؤولين الصهاينة تعزيز وضعهم الانتخابي، وإضعاف قوة المقاومة الفلسطينية، والفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لم تتحقق لعدة أسباب:
السبب الأول: مسارعة فصائل المقاومة إلى إعلان موقف موحد في مواجهة العدوان وقطع الطريق على خطط العدو لإثارة الفتنة وضرب وحدة المقاومة بكلّ أجنحتها.
السبب الثاني: إحباط أهداف العدوان بفرض معادلة ردعية صهيونية، من خلال اعتماد المقاومة تكتيك خوض المواجهة المفتوحة لاستنزاف الكيان ومنعه من تحقيق أيّ مكاسب وإنجازات ضدّ المقاومة، وذلك عبر استخدام قدرات المقاومة بطريقة تخدم هذا التكتيك الذي يخاف منه العدو الذي ليس له مصلحة في جولة استنزاف طويلة النفس تدخل الكيان في حالة من الشلل الاقتصادي وفقدان الأمن والاستقرار، لاسيما أنّ المقاومة نجحت في شلّ كلّ مظاهر الحياة في مغتصبات غلاف غزة وإجبار العدو على إخلاء المستوطنين من بعض المغتصبات.
لهذا كان واضحاً حجم قلق رئيس حكومة العدو، يائير لابيد، والمسؤولين الصهاينة السياسيين والعسكريين والأمنيين، من سيناريو استمرار جولة المواجهة الجديدة فترة طويلة، ومحاولة الضغط عبر الوسطاء للعودة إلى التهدئة، وذلك للخروج من هذه المواجهة بمكاسب صهيونية، تغيّر قواعد الاشتباك، وترصد في صندوق الاقتراع لمصلحة لابيد.
السبب الثالث: تعزيز وحدة ساحات المواجهة بين المقاومة وقوات الاحتلال، من خلال فرض معادلة غزة الضفة الغربية المحتلة، بعد تكريس معادلة “غزة - القدس المحتلة”، التي وحدت وعززت مقاومة الشعب الفلسطيني في أنحاء فلسطين المحتلة والشتات.
السبب الرابع: نجاح حركة الجهاد بقدراتها لوحدها في تثبيت معادلة الردع في مواجهة العدوان الصهيوني ومنع تغيير قواعد الاشتباك، مما كشف حجم تآكل “قوة الردع” الصهيونية، وعجز الكيان عن استردادها حتى في مواجهة فصيل فلسطيني مقاوم، لا بل ظهر الاحتلال فاقد القدرة على مواجهة صواريخ المقاومة التي نجحت في الساعات الأخيرة، التي سبقت الحديث عن اتفاق وقف النار، في توجيه ضربات مكثفة إلى مغتصبات غلاف غزة وصولاً إلى “تل أبيب” ووقف حركة الطيران في مطارها، والقدس وبعض مناطق العمق الصهيوني، وإيقاع عشرات الإصابات في صفوف المستوطنين، وتبيّن لقادة العدو أنّ كلّ خياراتهم مسدودة إذا ما استمروا في العدوان، وارتفع منسوب الخسائر الصهيونية، اقتصادياً وبشرياً.
صحيح أنّ العدو تمكن من اغتيال بعض القادة العسكريين من الجهاد الإسلامي؛ لكن الصحيح أيضاً أنّ استشهاد هؤلاء القادة لم يضعف من عزيمة المقاومة على التصدي للعدوان وتوجيه الضربات الصاروخية الموجعة له. وإذا كان العدو يعتقد أن عدوانه سيضعف حركة الجهاد فهو مخطئ؛ فالحركة ستخرج من هذا العدوان أكثر قوة وستزداد شعبيتها لأنها نجحت في مواجهة العدوان وتثبيت قواعد الاشتباك ومعادلة الردع والرعب في الصراع معه، مهما كانت طبيعة اتفاق التهدئة الذي يعمل عليه الجانب المصري، والذي تأجّل لبعض الوقت بسبب رفض حكومة العدو إعطاء ضمانات بإطلاق سراح مسؤول حركة الجهاد في مخيم جنين بسام السعدي، والأسير المضرب عن الطعام خليل عواودة.

أترك تعليقاً

التعليقات