قوة عصية على الكسر
 

طه قاسم

طه قاسم / لا ميديا -
فرضت صنعاء معادلة استراتيجية غير مسبوقة تغيّر قواعد اللعبة العسكرية في المنطقة بشكل جذري. فاليمن، الذي طالما كان ساحة للمناورات العسكرية والسياسية، بات اليوم يحكم زمام الأمور بفرض معادلة تضع قيوداً صارمة على أي تحرك عسكري ضده.
تمكنت صنعاء من فرض واقع يجعل أي وجود للبوارج الحربية في البحر الأحمر أو بحر العرب بلا جدوى، وهذه الخطوة تعني إغلاق هذه الممرات الحيوية أمام القوى الأجنبية، ومنع استخدامها كنقاط انطلاق لأي هجوم عسكري ضد اليمن.
معادلة صنعاء فرضت تحييداً فعلياً لكل القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية و»الإسرائيلية» المنتشرة في دول الإقليم، والتي كانت تعد أبرز نقاط انطلاق لأي تدخل عسكري، وهو ما  يعني أن هذه القواعد أصبحت مشلولة وغير قادرة على تنفيذ هجمات مباشرة، أو حتى إطلاق حتى رصاصة واحدة تجاه اليمن.
إن أي محاولة لشن هجوم عسكري على اليمن باتت مرتبطة باستخدام قواعد بعيدة، مثل قواعد في فلسطين المحتلة أو قبرص أو من خلال بوارج في المحيط الهندي، وهو ما يزيد تعقيد العمليات العسكرية ويجعلها أكثر تكلفة وصعوبة، نظراً لبُعد المسافة وما يستلزمه ذلك من لوجستيات معقدة.
هذه المعادلة تجعل أي هجوم على اليمن عملية شبه مستحيلة من الناحية العسكرية، حيث يستحيل تحقيق نصر متواصل أو حسم سريع على الأرض.
وهنا تجد القوى الإقليمية والدولية نفسها في مواجهة معادلة صعبة تقلل فاعليتها في شن هجمات مستمرة، مما يخلق ميزان قوى جديداً يميل لصالح اليمن.
إن اليمن بهذه المعادلة الاستراتيجية بات يملك ورقة قوة غير مسبوقة في الإقليم، وهذه الورقة لا تعيد ترتيب أولويات القوى العالمية في المنطقة فحسب، بل تفتح المجال أمام صنعاء للجلوس على طاولة المفاوضات بموقف قوي، مما قد يُعيد صياغة مستقبل المنطقة بأكملها.
هذه ليست مجرد معادلة عسكرية، بل هي أيضاً رسالة سياسية واضحة بأن اليمن اليوم بات قوة عصية على الكسر، وينعكس كل ذلك على أنه يمثل تهديد حقيقي لوجود الكيان الصهيوني.

أترك تعليقاً

التعليقات