جورج حدادين

جورج حدادين / لا ميديا -
تتسارع الأحداث في المنطقة وفي العالم لتفرض موازين قوى متغيرة بتسارع، بعضها محسوب وآخر خارج نطاق السيطرة.
على صعيد المنطقة:
- سقوط النظام السوري مفاجئ وغير محسوب وتداعياته خارج نطاق السيطرة.
- «طوفان الأقصى» مفاجئ، وتداعيته خارج نطاق السيطرة.
- قبول حزب الله بوقف إطلاق النار، وتفويض منظومة الحكم الرسمية بالتفاوض، مفاجئ، وتداعياته خارج نطاق السيطرة.
- قبول النظام الإيراني بالأمر الواقع غير متوقع، وتداعيات هذا الموقف خارج نطاق السيطرة.
- دخول اليمن على خط المواجهة مع الكيان ومع الولايات المتحدة وبريطانيا لم يكن متوقعاً. 
- سيطرة الفاشية التوراتية على السلطة والمجتمع في الكيان الصهيوني خارج نطاق السيطرة.
- عودة تركيا إلى العثمانية الجديدة خارج نطاق السيطرة.
- موقف النظام الرسمي العربي المستسلم متوقع ومحسوب.

على الصعيد العالمي:
- نجاح الانكفائيين في الولايات المتحدة، ممثلين بإدارة ترامب، وتسارع الإجراءات والمواقف من قبلها، خارج نطاق السيطرة.
- مواقف الاتحاد الأوروبي المرتبكة، ومصير حلف «الناتو»، خارج نطاق السيطرة.
- الحرب الاقتصادية الصينية - الأمريكية خارج نطاق السيطرة.
- العلاقات الأمريكية - الروسية تسير على حد السكين، ولا يعرف أحد مآلاتها.
- تفكك أحلاف ونشوء أحلاف خارج نطاق السيطرة.
ما يحدث وما حدث على صعيد المنطقة وعلى الصعيد العالمي بعضه متوقع وآخر غير متوقع.

على صعيد المنطقة:
يبدو أن بعض الأحداث المتوقعة لم تكن حسابات تداعياتها سليمة وصحيحة، والاستعداد للمواجهة لم يكن بالمستوى المطلوب:
«طوفان الأقصى»، حسب تسريبات إعلام الكيان والتحقيقات الجارية، كان متوقعاً، ورغم ذلك فالمواجهة كانت مذلة للكيان، أمنياً وعسكرياً ومجتمعياً، ولو تم التخطيط لتطوير الهجوم لكانت تداعيات ما بعد الهجوم كارثية على الكيان، خاصة وأن لحظة الهجوم ذاتها قد أفقدت جيش الكيان معنوياته وجعلتها في الحضيض، وأصبحت السيطرة والتحكم من قبل القيادة منفلتة، والمجتمع مهزوز نتيجة الزلزال الذي أصابه.
في المقابل لم يتمكّن محور المقاومة (لم يرغب أو لم يكن مهيئاً) من استغلال واستثمار هذه اللحظة التاريخية، والانخراط في هجوم موحد، كان يمكن، في حده الأدنى، أن يفرض شروط المحور على الكيان الفاشي، ومن خلفه المركز الرأسمالي الغربي، وردع أي مخطط للعدوان من طرفه. أما لماذا لم يحدث هذا الانخراط؟ فلربما تكون هذه الأسباب:
- سياسة الصبر الاستراتيجي من طرف القيادة الإيرانية، وعدم الانتقال من سياسة معاداة الشيطان الأكبر، إلى تبني متلازمة التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي. وبسبب عدم تبني هذه المتلازمة وُلدت حراكات الاحتجاج الاجتماعية المتتالية (والتي كانت توصم باستمرار، من قبل القيادة، بكونها حراكات موجهة من الخارج)، بالرغم من كل المسيرات التي كان يحركها النظام، فلم يتم البحث عن حلول جذرية. ولهذا السبب تحديداً كانت القيادة الإيرانية مرعوبة من حراك الداخل، فلم تتمكن من اتخاذ إجراءات جذرية وفرضِ سقفٍ محددٍ على تحالف العدو، الكيان الصهيوني والمركز الرأسمالي العالمي والنظام الرسمي العربي، الذي قيد تطوير البرنامج النووي الإيراني.
- وبالتالي فهذا الموقف الإيراني قيد حركة الحشد الشعبي في العراق وفصائل المقاومة، بالإضافة إلى قيود فرضها النظام العراقي الموالي للغرب، فكانت المساندة باهتة للمقاومة في غزة.
- وبسبب حسابات مفرطة للتوازنات الطائفية في لبنان، لدى قيادة حزب الله، وعدم تمكن الحزب من الانتقال من حزب الطائفة إلى حزب الوطن، وما تبين لاحقاً من حجم اختراقات هائلة، لم يتمكن الحزب من الانخراط المباشر في هذه الحرب (تحرير الجليل)، وأبقى على سياسة المساندة. ورغم مقاومة باسلة من مقاتلي حزب الله وعدم السماح للعدو الفاشي بالتقدم في الأراض اللبنانية، إلا أن الاتفاق اللاحق أتاح لجيش الكيان الفاشي تحقيق بعض أهدافه، من الاستيلاء على أراضٍ جديدة (ليست نقاطاً)، ويبدو أن الهدف الاستراتيجي لهذه المواقع، في البعد الاستراتيجي، فتح الطريق ثم السماح لقوى التكفير السوري بالدخول إلى البقاع والجنوب لخوض حرب الوكالة ضد حزب الله.
انهيار النظام السوري، في المحصلة النهائية، كان من صنع يديه، حيث الرقص والتردد بين: محور المقاومة، والنظام الرسمي العربي التابع، سياسة البحث عن حماية من الخارج، وليس من الداخل، أسقط أوراق القوة من يديه، إضافة إلى عدم استيعابه لأهم عنصر في معادلة الصراع: القلعة تسقط من الداخل؛ فترك الداخل فريسة سهلة للفساد والمحسوبية والرشوة، ما سهّل عملية شراء الذمم ثم الخيانة. العنصر الأهم والسبب الرئيس للانهيار عدم تبني متلازمة التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي، فوقع المجتمع السوري فريسة الفقر والجوع والبطالة، في حين تراكمت الثروة في يد قلة قليلة من المجتمع. بالإضافة إلى السذاجة التي تصرفت بها إيران وروسيا، بالوثوق في تركيا العثمانية، ومن خلفها حلف الناتو، وثوقاً لم يكن مبنياً على حسابات صحيحة للمصالح، كما يدعي البعض، لأن الخسارة الكبرى جراء هذا السقوط قد لحقت بإيران وروسيا.

أترك تعليقاً

التعليقات