نواف الزرو

نواف الزرو / لا ميديا -
بات واضحاً تماماً عبر المرحلة الماضية من الحرب الصهيونية الإبادية على شعبنا في غزة، وأيضاً من تجربة السنوات والعقود الماضية، أن الإعلام يلعب دوراً خطيراً جداً في الحروب، وهذا ليس بجديد؛ ولكن يتطور بحسب ما يستجد من وسائل تكنولوجية، وبخاصة ما يسمى وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الفضائيات. وقد كتب كثير من المختصين في هذا الموضوع. ولعل من أهم الكتب التي تبحث في هذا الموضوع كتاب هام عنوانه "قصف العقول" للعالم البريطاني فيليب تايلور. وقد شبه المؤلف دور الإعلام في الحروب بقصف العقول، وقال: "إذا كانت القذائف الحربية هدفها التدمير الشامل، وبخاصة الماديات، فإن الإعلام موجه لقصف العقول، وهذا يتمثل بنشر معلومات مغلوطة وتحوير وتزوير حقائق وتقوم بعملية غسل الأدمغة وإحلال معلومات تخدم أغراض العدو".
اليوم، وفي هذا السياق الحربي- الإعلامي، وفي ظل هذا التصعيد الكبير والخطير من قبل الاحتلال ضد أهلنا في الوطن المحتل من غزة إلى نابلس، إلى جبل النار إلى قلعة جنين إلى طولكرم الصامدة، امتدادا إلى كافة مواقع الاشتباك في أنحاء الضفة الغربية، وفي ظل تصاعد روحية الصمود والتصدي الفلسطيني لمشاريع التدمير والتهجير، نعود لنركز على ضرورة تصحيح الخطاب الإعلامي الفلسطيني- العربي أولا.
وإذا جاز لنا أن نبدأ من الخاتمة فنقول: إن كافة المعادلات والموازين والمعايير والمفاهيم والمصطلحات والأولويات انقلبت رأساً على عقب في السنوات الأخيرة، ومن ضمنها، بل وفي مقدمتها، ما يتعلق بالخطاب الإعلامي الفلسطيني - العربي في مواجهة الخطاب الإعلامي الصهيوني- الأمريكي، فالمصطلحات والأولويات أصبحت تتعامل إعلامياً مع "إسرائيل" كأمر واقع، ومع التطبيع والانفتاح مع "إسرائيل" أيضاً كأمر واقع، حتى قبل أن "تتنازل" عن أي حق من الحقوق الفلسطينية. ولكن الأخطر من كل ذلك هو الجهل والتضليل في الخطاب الإعلامي الفلسطيني- العربي، الذي يتعامل مع العدو الصهيوني الإبادي على أنه "حالة حرب بين طرفين"، بينما الحقيقة الصارخة الساطعة أن فلسطين، وفي مقدمتها غزة، تتعرض لحرب عدوانية إبادية من طرف واحد، ولذلك فإن المطالبة بـ"وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس" ومن أي جهة كانت، هي مطالبة غبية وجاهلة وتضليلية، تقلب الحقائق رأساً على عقب، فلا يجوووز أن نضع غزة في موقع الند مع جيش الاحتلال ونطالب بـ"وقف إطلاق النار"، وبالتالي لعل في مقدمة ما تحتاجه فلسطين والقضية الفلسطينية اليوم في ظل الهجوم الإبادي الإجرامي على أهلنا في غزة وعموم فلسطين، وفي ظل هذه المواجهة الوجودية - الجذرية هو خطاب إعلامي جديد يعيد تصحيح المصطلحات وترتيب الأولويات الوطنية الفلسطينية والقومية العربية العروبية، لتعود الأمور إلى المربع الأول في الصراع، وإلى إعادة الاعتبار للصراع الشامل الوجودي والاستراتيجي مع المشروع الصهيوني والاحتلال.
فالحكاية بالأصل هي حكاية احتلال وعدوان واغتصاب وتهويد ومصادرة واختطاف للوطن والتاريخ والهوية والسيادة والحقوق.
لذلك نكرر ونوثق: نحتاج إلى خطاب إعلامي فلسطيني - عربي وأممي أيضاً، خطاب جذري جوهره أن "إسرائيل" هي كيان احتلال وعدوان وتوسع وإرهاب وإجرام وأبرتهايد. وعلى "إسرائيل" أن توقف عدوانها وحربها الإبادية الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني.
كما يجب أن يكون شعار الحملة الفلسطينية - العربية - الأممية: كفى للاحتلال والعدوان والإرهاب والإجرام والأبرتهايد الصهيوني. نعم للصمود والتصدي والمقاومة بكافة أشكالها حتى الخلاص من الاحتلال.

أترك تعليقاً

التعليقات