المملكة «الزئبقية»!
 

عدنان باوزير

عدنان باوزير / لا ميديا -
سألته عن مملكة تقتني أحدث وأكبر وأفتك ترسانة أسلحة إلا أن جيشها فرار وحزمها خوار، فقال: جيشٌ عُدّته من حديد.. وعزيمته من قطن!
ثم أضاف: سألت مرة أحد عقلائهم: علامَ تُنفقون الأموال على عُدّةٍ لا تُستعمل، وجيشٍ لا يُستنهض؟!
فقال لي حِكمةً عجِبتُ لها، قال: يا هذا، نحن قومٌ نخاف من القتال، لكننا نخاف أكثر من أن يُقال إننا نخاف؛ فجمعنا السلاح للهيبة، وتركنا القتال للغيبة.
فعلمتُ أن السلاح في تلك البلاد إنما هو زينةٌ لا تُرفع، وهيبةٌ لا تُصرف، وعدّةٌ تُحمل ولا تُستعمل.
فرحلتُ عنهم وأنا أقول: ما كلُّ من لمع سيفه قاتل، ولا كلُّ من حشد عتاده نازل!
استزدته، فحكى لي قصة دولة "الرمّانة"، التي تملك جيشاً يخرّ له السامع... ولا يتحرك!
كانت نشرة الأخبار الرسمية فيها تبدأ كل يوم بعبارة: "جيشنا الباسل، أقوى من أن يُجرَّب"! واشتهرت بشراء أحدث الأسلحة، حتى أصبح عندها من الدبابات ما يكفي لتعبيد الشوارع لو أوقفتها صفاً واحداً، ومن الطائرات ما يكفي لتظليل العاصمة كلها.
ومرة أرادت دولة التوت الصغيرة المجاورة أن تختبر قوتهم، فأرسلت إليهم بالوناً أحمر فارغاً، فدخل البالون وخرج والجيش ما زال يناقش.
وعندما سُئل الملك في مؤتمر صحفي: سيدي، لماذا لا تستخدمون جيشكم القوي؟!
أجاب بثقة: قوتنا في احتياط قوتنا، ولو استخدمناها لفقدنا الاحتياط!
فقلت لصديقي: لم أفهم؛ هل يمكنك أن تفهمني الموضوع على شكل قصة بسيطة محكية أستطيع أن أفهمها بسرعة؟
فحكى لي قصة المملكة "الزئبقية"، التي تملك أقوى جيش، ولا تطلق رصاصة!
يُحكى أنّه كان هناك مملكة تُدعى "المملكة الزئبقية"، هذه المملكة اشتهرت بشيء واحد فقط: العرض العسكري الأسبوعي.
فكل يوم جمعة، يصطف جيش "الزئبقية" في الساحة الكبرى، يرتدون خوذات تلمع أكثر من اللافتات، ويحملون أسلحة حديثة يبدو أنّها خرجت للتو من العلبة، لدرجة أنّ بعض الجنود كانوا يخشون أن يخدشوها!
وكان الملك مطّاط بن مترطّب يردد دائماً أمام شعبه: "نحن أقوى جيش في العالم. والدليل أننا لم نضطر للقتال ولا مرة!".
لكن الحقيقة أن كل الجيران كانوا يعرفون أن المملكة جبانة بشكل مضحك.
ففي إحدى المرات، وصل إلى قصر الملك ظرف مختوم. ارتبك الجميع، وظنّوا أنه إعلان حرب.
فتح الملك الظرف بيد مرتعشة، فإذا بداخله فاتورة كهرباء!
من يومها أصدر الملك قراراً ملكياً صارماً: أي ظرف غير شفاف، لا يُفتح إلا بعد ارتداء خوذة واقية!
أما الجيش فكان مجهزاً بكل شيء: دبابات لا تُقاد، طائرات لا تقلع، وصواريخ لا أحد يجرؤ أن يلمس زرّ تشغيلها.
مع ذلك، كان الجيش يحرز لقباً سنوياً مهماً في المملكة: "أكثر شي منظره يخوّف؛ لكنه ما يسوي شي"!
فقلت له: لم أفهم يا رجل، ممكن تعطيني أول حرف من اسم هذه الدولة؟ فقال وهو مستغرق بالضحك: أول حرف من اسمها هو "السعودية"!
فشكرت صديقي (chat GPT) ثم غادرت.

أترك تعليقاً

التعليقات