صلاح محمد الشامي

صلاح محمد الشامي / لا ميديا -

ناقشت في دراسة موجزة، نشرتها صحيفة "الثورة" في عددها الصادر في 26 ديسمبر 2019، كيف غدت أنظمة دول الخليج تهرول، وبلا عقل، للتطبيع مع العدو الصهيوني، وتسعى - في الوقت ذاته - إلى تطبيع هذا التطبيع، أي أن هذه الأنظمة تعمل - بالتنسيق مع خبراء صهاينة - على إنزال وتطبيق وبث برامج لتوجيه الرأي العام نحو تقبل التطبيع، فتصبح الإجراءات التالية للتطبيع طبيعية لدى المواطن العربي في شبه الجزيرة العربية، ثم جاء موسم رمضان الدرامي، لتتأكد لدى المتشككين حقيقة ما تحمله أنظمة الدول الخليجية من ديون للسكسونية ولأمها الماسونية، التي أجلستها على الكراسي لفترة تتراوح بين السبعة عقود والعشرة، متنعمة بما تنفقه من ثروات شعوبها والشعوب العربية، منتظرة لحظة سداد الدين، وها هي الإمارات تعلن بداية انهيار هذه الأنظمة بإعلان التطبيع مع دولة الكيان، ضاربة عرض الحائط بكل وازع ديني وقيمي وعربي وأخلاقي، بائعة بكل وقاحة القضية الفلسطينية، ذابحة آمال الشعوب العربية من الخليج إلى المحيط.
إعلان التطبيع سبقته تمهيدات علنية، ما سميته "تطبيع التطبيع"، وبرز ذلك عبر استقبال وفود، وتبادل تهاني الأعياد وإعلانها عبر وسائل الإعلام، ثم جاءت برامج شهر رمضان المنصرم، لتكشف لنا مدى ما وصلت إليه هذه الأنظمة من خسة ودناءة، فقد كرست جل فضائيات الإمارات والسعودية برامج رمضان لتطبيع التطبيع مع "إسرائيل" لدى المواطن العربي، وأقصد هنا بتطبيع التطبيع: التنسيق والعمل على جعل المواطن العربي يتلقى التطبيع باعتباره أمراً عاديّاً "طبيعياً"، حتى يأتي وقت إعلان التطبيع مع "إسرائيل" وقد تهيّأت القاعدة المجتمعية لتقبل هذا الإجراء التعسفي بحق الشعوب العربية، فلا يلقى أية معارضة من قبل الشارع العربي.
وبالفعل، فقد نجح تخطيطهم، فلم نلق أي مظاهر شعبية لمعارضة هذا الإجراء، وهنا ندعو إلى خروج الجماهير العربية لوأد الحلم "الإسرائيلي" الخليجي، فمن هم رعاة الإبل وشاربو أبوالها حتى يقرروا مصير الجماهير العربية ذات الحضارة والعلم والطموح، من بلاد الرافدين حتى شآم العزة، إلى لبنان الحرية، مروراً بفلسطين القضية الأم، محور القضايا ومركز فلك مستقبل العرب، ثم الجزيرة العربية التي لا يمثلها إلا اليمن، يمن التاريخ والحضارة، يمن الإيمان والحكمة، يمن الهوية القرآنية ومسيرتها، وثورتها المباركة.
هل نترك رعاة الشياه والإبل يقررون مصيرنا ومستقبلنا؟ هل تترك ذلك مصر العروبة، أم ليبيا الإباء، أم تراها بلد المليون شهيد ستترك هؤلاء الأعراب يدنسون ويمسحون تاريخ البطولات الفدائية ضد دول الاستعمار، التي سطرها الشعب الجزائري أيام كانت فرنسا ودول الاستعمار في أوج عنفوانها واستكبارها؟
سؤال يطرحه الشارع العربي على نفسه: هل نسكت على ما تفعله قوّادة الأعراب؟

أترك تعليقاً

التعليقات