أمريكا القبضة والقفازات
 

زين العابدين عثمان

زين العابدين عثمان / لا ميديا -
واقع الدور الأمريكي وحجمه وأبعاده في منظومة العدوان على اليمن يتجاوز كل مستويات المشاركة التي يحاول البعض تحديدها أو تقييمها على مستوى توفير الدعم والإسناد للسعودية والإمارات؛ فالحقيقة المجردة للدور الأمريكي تؤكد شموليته وتكامله من كل الاتجاهات، فأمريكا عملياً لا تلعب دوراً محدداً، بل هي التي تقود العدوان، وهي الراعي والقائم عليه، من توفير السلاح والدعم العسكري إلى التخطيط والتدبير وإعطاء التوجيهات. العدوان أمريكي بامتياز، والولايات المتحدة هي المستفيد الأول منه. أما السعودية والإمارات فواقع كل منهما لا يتعدى الأدوات والقفازات التي تستخدمها الإدارة الأمريكية لتنفيذ المهمات الحربية الميدانية التي تم التخطيط لها.
تدخلت أمريكا بثقل ترسانتها العسكرية وقدمت الدعم لأدواتها (السعودية والإمارات) بلا حدود. فعلى مستوى الجو وفرت المقاتلات وطائرات شحن الوقود الجوي وأسطولاً كاملاً من الطائرات من دون طيار المتنوعة، إضافة إلى قمرين صناعيين وقطع غيار الطائرات، وترسانة ضخمة من مئات الآلاف من الصواريخ والقنابل الهجومية ومنظومات الدفاع الجوي بتفاصيلها، إضافة إلى مئات الضباط والطيارين الأمريكيين الذين يتواجدون اليوم في عدد من القواعد الجوية في السعودية والإمارات، وتتلخص مهمتهم في إدارة كافة العمليات الجوية.
أما الدعم البحري، فقد توزع على توفير مئات القطع البحرية: الزوارق والبارجات والمدمرات، إضافة إلى المشاركة المباشرة للأساطيل الأمريكية المنتشرة في مياه البحرين الأحمر والعربي التي كان في مقدمتها الأسطول الخامس الذي شارك بقوة مع عدد من حاملات الطائرات في العمليات الجوية وفي إطباق الحصار البحري على اليمن.
وفي البر، قدمت أمريكا للقوات السعودية والإماراتية كل أنواع الأسلحة والآليات العسكرية، من العربات والدبابات الحديثة إلى مختلف أسلحة الاشتباك الثقيلة والمتوسطة.
وعلى صعيد القيادة، هناك مئات المستشارين وجنرالات الحرب الأمريكيين الذين أوكلت إليهم مهمة الإشراف ووضع الخطط العملياتية البرية للمعارك وتوجيه الأوامر للقوات السعودية والإماراتية ومرتزقتها على الأرض. فكل البرتوكولات التي يتم تنفيذها مرسومة وتأتي وفق توجيهات أمريكية بحتة.
بالتالي حجم الدعم والتدخل الأمريكي في العدوان يتعدى مفهوم المشاركة التي تتوقف عند سقف توفير السلاح والدعم اللوجستي، بل هو شامل ومتكامل حتى على مستوى الجانب الاستخباراتي والأمني، فأمريكا القائد والراعي للعدوان، وما عدا ذلك تفاصيل وأدوات رخيصة في يدها. وهي المستفيد من كل ما يجنيه هذا العدوان. أرادت أمريكا من خلال العدوان إفقاد اليمن كل عناصر القوة والنهوض الحضاري والاقتصادي، وتحييده من مشروع التحرر والاستقلال، وجهة تنفذ مخططاتها لتحويل اليمن إلى قاعدة متقدمة لتأمين قبضتها على المنطقة ومواجهة تهديدات خصومها الكبار (روسيا والصين وإيران وغيرها)، كذلك الاستفادة المالية من مبيعاتها للسلاح إلى السعودية والإمارات والتي مكنتها من حلب مئات مليارات الدولارات من النظامين السعودي والإماراتي.
* باحث عسكري يمني.

أترك تعليقاً

التعليقات