عبدالله سلام الحكيمي

عبدالله سلام الحكيمي / لا ميديا -
ليس هناك أي وجه للمقارنة أو المماثلة على الإطلاق بين ما يجري في أوكرانيا وما يتعرض له اليمن من عدوان وحصار واحتلال سعودي إماراتي مدعوم من الغرب وأتباعه الإقليميين، والمستمر للعام السابع حتى الآن. والذين يقولون بأن الاتفاق مع وجهة النظر الروسية في عمليتها الوقائية في أوكرانيا يعتبر تأييداً لمبررات وحجج العدوان على اليمن لا يستندون إلى أي منطق أو حجج وجيهة، للأسباب التالية:
1 ـ إن ما يجري في أوكرانيا وحولها، ليس من اليوم وإنما منذ سنوات، هو أحد تمظهرات الصراع التاريخي العالمي بين دول الغرب في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وكل من روسيا الاتحادية والصين الشعبية وحلفائهما.
2 - إن النظام الحاكم في أوكرانيا، الذي جاء عقب ما سمي «الثورات الملونة» التي تمت برعاية الغرب، اتخذ منحى معادياً بالمطلق لجارته الكبرى روسيا، وبالموالاة الكاملة للغرب ضدها، ودرج على القيام بأعمال استفزازية، ومن ضمنها التوجه للالتحاق بحلف «الناتو» العسكري، مما يشكل خطراً داهماً على الأمن القومي الاستراتيجي لروسيا.
3 - إن الحكومة الأوكرانية عقدت مع الإقليم الشرقي ذي الغالبية الناطقة بالروسية «اتفاقية مينسك الأولى» ولم تنفذها، ثم وقعت «اتفاقية مينسك الثانية» برعاية دول غربية وروسيا وصدر بها قرار من مجلس الأمن الدولي، تمنح ذلك الإقليم حكماً ذاتياً وتجري انتخابات عامة برعاية دولية... إلخ، ومع ذلك ظلت الحكومة الأوكرانية تعلن رفضها لتلك الاتفاقية رغم أنها وافقت عليها ووقعتها!
4 - إن روسيا أمام ما سبق أعلنت اعترافها بجمهوريتي جانسك ولوجانسك في إقليم دونباس بموجب تلك الاتفاقية التي رفضتها الحكومة الأوكرانية أصلاً.
أما الوضع في اليمن فمختلف جذرياً، وذلك للأسباب التالية:
1 - اليمن لم يكن يشكل في أي يوم من الأيام أي تهديد للسعودية أو أي من جيرانه.
2 - اليمن كان عام 2015 لايزال تحت حكم أُسّس بناء على المبادرة الخليجية التي أتت بحكام موالين للسعودية والغرب.
3 - إن الرئيس الانتقالي التوافقي عبد ربه هادي وحكومته انتهت مدتهم بموجب المبادرة الخليجية في شباط/ فبراير عام 2014.
4 - ثم استقال الرئيس الانتقالي، رغم أنه أصلاً لم يعد شرعياً لانتهاء مدة رئاسته، واستقالت معه حكومة «الشراكة الوطنية» برئاسة خالد بحاح، ورفضوا القيام بتصريف الأعمال، حيث كانت جولة الحوارات الوطنية برعاية الأمم المتحدة على وشك إعلان اتفاق وطني لقيام سلطة حكم انتقالية ثانية، متعمدين إحداث فراغ سياسي وإداري يؤدي إلى انهيار الدولة، وهرب الرئيس من العاصمة إلى عدن، ثم من عدن إلى خارج اليمن.
5 - أعلنت السعودية الحرب على اليمن بمؤتمر صحفي من واشنطن تحت حجة أن رئيساً انتقالياً توافقياً منتهي الصلاحية طلب منها شخصياً شن الحرب على بلده، وإلى الآن ونحن على مشارف العام الثامن لتلك الحرب العدوانية، احتلت أجزاء كبيرة من الأراضي اليمنية، ودمرت كل البنى التحتية المدنية، وضربت حصاراً بحرياً وجوياً وبرياً شاملاً على الشعب اليمني ولايزال، وقتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء بمن فيهم الأطفال والنساء الذين هدمت مساكنهم على رؤوسهم ودمرت مدن وأحياء سكنية بكاملها ومورس على الشعب اليمني أبشع أشكال العقاب الجماعي والتجويع والتنكيل، وتسبب العدوان والحصار والاحتلال السعودي الإماراتي المدعوم غربياً في خلق أسوأ وأشنع كارثة إنسانية مروعة في العالم في العصر الحديث.
فبأي منطق وبأي حجة وعلى أي أساس يماثل من يماثل، فيقول إن تأييد وجهة نظر روسيا فيما تقوم به من إجراءات وقائية يتطلبها أمنها القومي، وهي التي يطوقها حلف «الناتو» عسكرياً، يعتبر تأييداً ومباركة للعدوان السعودي الإماراتي المدعوم غربياً على اليمن؟!
كلا أيها السادة، وألف كلا، شتان بين الموقفين والوضعين. ففي اليمن عدوان يحمل مشروعاً استعمارياً احتلالياً يسعى لتشظية اليمن وتمزيقه وشطب كيانه السياسي الوطني من على الخارطة تعبيراً عن عداء تاريخي متأصل لليمن وشعبه، فاعقلوا ولا تخلطوا حابلا بنابل، إلا إن كان هناك قصد لا أعرفه!

أترك تعليقاً

التعليقات