(العزكـــي) قيــــد 3 مراحـــل و(عيســى الليـــث) يتصـــدر المشهـــد
هل يصوت تحالف العدوان لصالح المتسابق اليمني؟!
(أرب آيدول).. الهدوء الذي يتبع (العاصفة)


خلافاً لمواسم العروض السابقة للعدوان، اصطدم برنامج (أرب آيدول) المسابقاتي الفني، هذا الموسم، بحائط عزوف الجمهور اليمني الصلب ولامبالاته الشديدة، بل واستهجانه المفرط، ليس - فقط - بفعل شظف وكلفة الحياة التي يكابدها اليمنيون في مهب قنابل وصواريخ (الإف 16) والبوارج الحربية، ووسط الأنقاض والأشلاء والمجازر اليومية، وخناق الحصار المطبق على عنق البلد من كل اتجاه، وإنما - كذلك - لأن القناة التي اشترت حقوق بث البرنامج (الأمريكي الأصل) حصراً على النطاق العربي، هي إحدى القنوات المملوكة للسعودية والشريكة في سفك الدم اليمني على مدار الساعة!
على استحياء تطل صورة المتسابق اليمني عمار العزكي، من خلال عدد محدود من فاترينات الدعاية في العاصمة صنعاء، ممهورة باسم إحدى المجموعات التجارية التي ارتأت اغتنام ما أمكن من صخب اللحظة أياً كان هذا الصخب خافتاً والمردود شحيحاً.. كما وممهورة بـ(أنا عمار العزكي.. صوتوا لي على الرقم).
في سنوات ما قبل العدوان كان التصويت للمواهب اليمنية المشاركة في البرنامج، بالنسبة للكثيرين، واجباً وعملاً وطنياً، غير أنه أمسى اليوم، على النقيض من ذلك تماماً، خيانة وطنية بالنسبة لكثيرين، وعدا قلة قليلة ترى أنه يتعين مؤازرة (العزكي) بالتصويت بوصفه موهبة يعزز فوزها صورة اليمن إيجاباً في المحيط العربي، بمنأى عن ملابسات اللحظة والفرز السياسي وتوجه القناة، فإن غالبية من استطلعت الصحيفة آراءهم يرون بأن جبهات مواجهة العدوان السعودي الأمريكي، أحق بأثمان الرسائل التي يجري تبديدها في التصويت، حد وصفهم.
(أقسم لكم سلفاً بأن العزكي سيدشن مشواره الفني بأغنية تشيد بعاصفة الحزم في حال فوزه..) يقول أحمد حسن، طالب جامعي، ويتساءل من قبيل التهكم والتأكيد على صحة ما ذهب إليه: (ألم نصوت لفؤاد عبدالواحد؟! فماذا كانت الحصيلة؟! أغنية تمجيدية للعيد الوطني الإماراتي.. تلك آخر إبداعاته التي خرج بها علينا في نوفمبر الماضي..!)..
فيما تضع ندى محمد - تربوية - شرطاً يبدو منطقياً: (اضمن لي ألا يرفع العزكي علم السعودية لحظة تتويجه بلقب البرنامج، وسأصوت له حباً وكرامة!..).
وفي سياق النقد الفني المحض، يعتقد رشيد العبسي - باحث - أن الهدف الأساس لبرامج (إم بي سي) المسابقاتية الفنية إجمالاً، هو (حشر الحناجر العربية على تنوع مشاربها في قمقم روتانا، والتمكين لاستشراء ما يسمى الأغنية (الخليجية) في المشهد العربي الفني بلا منافس..).
لربما كان من المفيد لأعصاب المشاهد اليمني أن يحظى بنزهة فنية قصيرة في كنف المزاهر والأوتار، بعيداً عن هدير الآلة العسكرية المهيمن طيلة عامين، لكن (إم بي سي) ليست - بطبيعة الحال - المكان الأنسب لنزهة بلا متاريس من هذا القبيل، فالقناة التي تحظر على متسابقي الجمهورية العربية السورية رفع علم بلدهم، وتسطو على الأغاني اليمنية مباشرة وعلى الهواء، ليست إلا عدواناً آخر رديء التمويه، تلعب فيه الإماراتية (أحلام) دور الناطق الرسمي أحمد عسيري، دون مواربة من بذخ الرتوش والمساحيق والأضواء.
لا مسافة بين مجزرة مروعة بحق اليمنيين في صرواح الحضارة والفن، تزفها مذيعة التاسعة مساءً على القناة بوصفها انتصاراً لعاصفة العدوان، وبين لفت نظر المشاهدين إلى متابعة (أرب آيدول) الذي سيجري بثه عقب النشرة، وستشيد (أحلام) بـ(عراقة الفن اليمني) بنبرات متخمة متكرشة تتجشأ تكلفاً واحتفاءً سقيماً.
هل تجعل كل هذه الملابسات حول القناة وظروف موسم عرض برنامجها الملبد بالعدوان، من (عمار العزكي) أتعس متسابق يمني على الإطلاق.. قياساً بطابور سابقيه من المشاركين في زمن ما قبل العدوان؟!..
يرى البعض أن العكس هو الصحيح..
فالقائمون على القناة ـ حد وجهة النظر هذه ـ حريصون على أن يكون الفائز بلقب (أرب آيدول) يمنياً، لا سيما هذا الموسم الذي يزامن عدوان الآلة العسكرية السعودية الأمريكية على اليمن، وحيث باتت المملكة أبشع بمئات المرات في عيون غالبية اليمنيين مما كانت عليه قبل 26 مارس 2015، فقد باتت أحوج من ذي قبل لتجميل وجهها بمساحيق فنية بغية تشتيت الانتباه يمنياً وعربياً عن فظاعة ووحشية مجازرها المتواصلة بحق اليمنيين.
يقول (عبده حسن الصديعي ـ كاتب وقانوني): (أراهن على أن العزكي سيفوز، وسيهتف شكراً سلمان، شكراً عاصفة الحزم).
في هذه الحالة، وفيما إذا كان الدفع باتجاه تتويج (العزكي) باللقب، فإن تصويت اليمنيين أو عدم تصويتهم له سيان، فمالية التحالف وكواليس القناة ستتكفل بالأمر، بينما ستتولى (الإف16) والبوارج الحربية إطلاق الأعيرة النارية ابتهاجاً بفوزه، نيابة عن الجمهور اليمني وفي صدره وعلى سطوح منازله ومدارسه ومرافقه الخدمية.
قيد 3 مراحل من الفوز، تطل صورة (عمار العزكي) على استحياء من فاترينة دعائية بميدان التحرير في العاصمة صنعاء، وتدعو المارة للتصويت... أسأل سائق دراجة مشيراً بإصبعي إلى الصورة: هل تعرف هذا؟!... ينظر بامتعاض صوب الفاترينة، ثم يلتفت نحوي قائلاً، وهو يدير مقبض البنزين وجهاز التسجيل على دراجته: أعرف هذا فقط..! وينطلق تاركاً خلفه هديراً هو مزيج من صوت المحرك وجلجلة حنجرة عيسى الليث: (قيس قيس النبض للإبرامز وافحص ـ دق بالكورنيت عضل وإلا وريدي).