عبدالباسط السلامي

في حين هرولت تعز المدينة، وخلفها بعض أعرق مديرياتها تاريخياً في التمدن والتعايش والسلام والوطنية والانفتاح والتسامح والوئام..
في حين هرولت متوهمة كالفَراش أنها تعانق الضوء، وهي ترتمي في ألسنة اللهب، وتكافح كي تضمن تذكرة العبور الحر إلى أشداق الجحيم.. يحدوها السراب ومجموعة مغامرين في مزاد الارتزاق، وباسمها هتفوا لأعاصير قوى الغزو والاستكبار.. حينها كانت شرعب مرشحة - وبقوة - للانجرار وراء أوهام الاستهداف والكرامة المستباحة و... وتحت رايات بدرجات وألوان الكوكب.
كانت شرعب لدى الكثيرين تحتل صدارة المؤهلين لتكون مسرحاً مفتوحاً لخوض المعارك، وملعباً فسيحاً للاحتراب والعنف المسلح، استناداً لتاريخها في الصراعات وخبرة أبنائها في القتال وانتشار السلاح في أيدي ومنازل سكانها مقارنة بمناطق المحافظة، بل وأغلب مناطق الجمهورية.
وخيبت شرعب تأكيدات الخبراء والمتشائمين والمشفقين، وأسقطت رهانات الحمقى، وركلت مشاريع الموت الملوث، وأقامت سور وعيٍ منيعاً يحرسها ممن يتربص بأمنها واستقرارها، ويحول دون تمدد مساحات الفوضى والانفلات الذي طال مناطق أخرى في المحافظة، يحول دون تمددها في عُزلها وقراها وأحيائها السكنية، وما عدَّه البعض سبباً لانجرارها للفتن وارتمائها في المجهول، كان - على العكس - سبباً ودافعاً لاستمرار الأمن والسلم والاستقرار النسبي فيها.
كما أن تتابع حشود النازحين إليها من بؤر التوتر ومناطق المواجهات، وصور الوضع المأساوي والضحايا والأشلاء والخراب والدمار الذي عربد من حولها، زودها بأسباب التروي، وزادها إصراراً للحفاظ على خطها..
شرعب وبكافة مكوناتها ورموزها السياسية والحزبية ووجاهاتها وعقلائها ومثقفيها وكوادرها ومجالسها وسلطتها المحلية، وبدعم ومباركة وتأييد شبابها وشرائحها، أدركت - وهي الخبيرة - ما يعنيه احتراب الأهل واقتتال الأحبة.
وستبقى اتفاقات المكونات وتعاهدات حكماء ووجهاء وقادة شرعب، وسام شرف في رؤوس من بادر وجسَّدها بالتوقيع والالتزام، ومنارة ربما تهتدي بها أخريات من بلدات محافظتنا تعز العزيزة.

أترك تعليقاً

التعليقات