إن الصمت من الغارات أعنف
 

عبدالباسط السلامي

صنعاء.. أم المدن وسيدة العواصم.. حاضرة الزمان والمكان الحصينة المنيعة.. البعيدة.. البعيدة على شذاذ الآفاق.. القريبة.. القريبة للأحباب والعشاق.. صنعاء، وهي التي نسجت فجر الحضارة، وأنسنت الحياة والأحياء والطبيعة والأشياء في زمن لم يكن الناهقون اليوم عند أسوار صنعاء اليمن شيئاً مذكوراً.. لم يكونوا شيئاً أيّ شيء..!
كانت تفصلهم 10 آلاف عام لتبدأ بعدها مراحل تخلُّقهم الأولى من فضلات نوق وبقايا حيوانات حفرية وكائنات كانت خلال فترات متباعدة وموغلة في التاريخ (لا علاقة أخرى تربط مشيخات النفط و(مدن الملح) الخليجية بالتاريخ أو الحضارة أو العروبة) ترتع في حقول أراضٍ ودول أقامها اليمني، وتسرح في مروج سيجها الإنسان والدولة اليمنية.. أو بقايا طعام وسقط متاع اليمني السبئي المعيني الحميري القتباني الأوساني الحضرمي التبعي اليزني الـ... اليمني السعيد.. تخلَّقوا في سنوات قريبة ومتأخرة جاءت على هرم الزمان، وأخرجت أهرم وأغبى وأسفل بني آدم علوجاً أدعياء على العروبة والإنسانية وخارطة وأعراف وطباع وسحنات العرب والبشر.. ومع خروجهم كانت صحارى البداوة في جزيرة العرب تُخرج سائلاً قاتماً.. عابساً، ليتشاركا معاً نفس الأصل ونفس الأسباب والظروف، ويد نفس القابلة (USA)، ولأداء أدوار متشابهة ومتكاملة في الخسة والخيانة، ومخاصمة الفقراء والمستضعفين، ومحاربة الشرفاء والأحرار، ومجابهة روح التمرد ونزعة الاستقلال أفراداً وجماعات ومؤسسات ودولاً.. على كافة الصعد، وبشتى الصور والأساليب..
وكما حملت بني سعود.. حملت صحارى نجد نفطاً.. وفي الحالين يخرج من بطونها سراب مختلف ألوانه فيه شقاء للناس..!
تلك قطرة من سحائب نهارات صنعاء.. وهذه حكاكة ظفر من دمامة وحلكة وبدائية المتحرشين بأيقونة الدهر وقبلة القلوب من مملكة النفط والبداوة والغدر والإرهاب.., وقطعان آباء رغال ومن وراءهم.. وكلهم يحلمون بالدخول على صنعاء، ويحلفون، وعبثاً يحاولون، وأبداً يفشلون عاماً بعد عام.. وعاراً بعد عار..
تغريهم خبالاتهم بقرب الدخول على سيدة المدن العذراء، أو ينتظرون موتها أو وجومها..
فيما صنعاء (تنام ملء جفونها) غير عابئة بطابور حمقى يراودون المستحيل..
مدينة سام.. التي أبداً لم.. وأبداً لا.. وأبداً لن تكون حديقة خلفية للـ(كابتول).. ولا مرتعاً أو ملعباً لأذناب وأذناب أذناب العمّ سام..

أترك تعليقاً

التعليقات