المترحمون على السبسي
 

وائل إدريس

وائل إدريس -

اليوم، يُطل علينا المترحّمون من أبواقٍ ليبيةٍ تدّعي الوقوف مع سلطة الدولة ضد الميليشيات المسلحة وغيرهم من النشطاء الليبراليين الجهلة التي تعجّ بهم ليبيا في هذه الفترة.
قبل أن تترحّم علي الباجي السبسي، ترحّم علي أسامة بن لادن، فهو أولي بالترحم، إذ يُحسب له رفضه لمواقف الجماعة الإسلامية المقاتلة لجهة قتال الدولة الليبية في التسعينيات، بشهادة أعضائها؛ ذلك أن الدولة الليبية آنذاك كانت معادية لأمريكا بحسب رأي بن لادن.
قبل أن تدّعي الترحّم علي الأموات –وهذا موجهٌ للخُضر الليبراليين– اذهب وترحّم علي أنور السادات وشمعون بيريز وإسحاق شامير ورونالد رايغن وكل العملاء العرب وقادة الصهاينة.
هذا السبسي –لا رحمه الله، ولا رحم من يترحم عليه– ساهم بشكلٍ كبيرٍ في إيصال الأوضاع الليبية إلي ما هي عليه الآن؛ ذلك عندما أدخل السلاح بالتعاون مع الناتو والقطريين إلي المنطقة الغربية، الطريق التي وصلوا منها إلي طرابلس وانهيار الدولة الوطنية.
وهذا السبسي ذاته مساهمٌ بشكلٍ مباشرٍ في قتل عشرات الآلاف من الليبيين، وقد كان آخرهم 1200 شاب ليبي قتلوا في أحداث الأشهر الثلاثة الأخيرة، والقتل مستمرٌ حتّى هذه اللحظة، بينما تبكي القتلى عشرات الآلاف من العائلات الليبية؛ وهو مساهمٌ بطبيعة الحال في انتشار السلاح والإرهاب، وتغوّل الدول الغربية في ليبيا وزحفها علي موارد الدولة عبر تمويل قبائلها في حروب لا تقبل القسمة علي اثنين، كما هو مساهمٌ أيضا في إفقار الشعب وتدمير كل مؤسساته، الصحية والاجتماعية في بدايتها.
من الجهل كذلك، عند النشطاء الليبراليين، الافتخار بالمؤسسات التي تركها حكمه. فماذا عن الفقر؟ وماذا عن قروض البنك الدولي؟ ماذا عن شروط البنك الدولي وتدخله في السياسة الاقتصادية في عهده وتعويم الدينار التونسي ونسبة التضخم والعجز الكبير في الميزان التجاري؟ ماذا عن قرض البنك الدولي للإنشاء والتعمير، والذي كانت معنيّةً بالاستفادة منه وزارة التعليم العالي، ومع ذلك لا يوجد أي أثر لهذه الاستفادة حسب تصريح البنك الدولي نفسه؟ ماذا عن أعداد من يحرقون ويذبحون أنفسهم في الشوارع التونسية والذين اختفوا من واجهة الإعلام اليوم؟ ماذا عن هبوط العملة التونسية وتراجع تصدير الفوسفات إلي النصف من عام 2010 إلي الآن؟
ولكن ليس هذا التهريج من اختصاص النشطاء الليبراليين الليبيين وحدهم، بل الحالة واحدةٌ والجهل منتشرٌ حتي في الجزائر ومصر، وستقتفي أرواح الليبيين القتلي وعائلاتهم أثر هذا الكهل الذي عمّر أكثر مما يلزم فعاش أكثر من شبابنا الذين حصدتهم الصواريخ والمدافع.
فليمت غير مأسوفٍ عليه، عليه لعناتنا، التي لن يخفّف الزمن من أثر آلامها، وعلي كل من يترحّم عليه بذات القدر. ومن يرى غير ذلك فليرنا ترحّمه علي أسامة بن لادن الذي لم يقترف بحقنا عُشر ما اقترفه السبسي.
عن صفحة مجموعة العمل الوطني العربي - فيسبوك

أترك تعليقاً

التعليقات