تسويق الوهم لتبرير الخيانة
 

أكرم عبدالفتاح

أكرم عبدالفتاح / لا ميديا -

يثابر كثير من المثقفين والسياسيين العرب على تبرير عدائهم لإيران بالقول إنها دولة طائفية عنصرية!!
لو تأملنا أفعال إيران، سنجدها تدعم بالسلاح والمال والتدريب كلاً من حركة حماس "الإخوانية"، حركة الجهاد الإسلامي "السلفية"، الجبهة الشعبية "اليسارية"، حركة فتح الانتفاضة "العلمانية"...
أبعد من ذلك، ترسل إيران سفنها بالوقود والغذاء إلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية لتكسر الحصار الأمريكي على فنزويلا المعادية للإمبريالية.
في الصراع الجاري بين أذربيجان وأرمينيا، تدعم إيران أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان الشيعية، لسبب وحيد، هو أن أذربيجان متحالفة مع الكيان الصهيوني وخاضعة للهيمنة الأمريكية، بينما أرمينيا ترفض الخضوع لإملاءات الكاوبوي الأمريكي.
بهذا يبدو واضحا أن إيران تبني تحالفاتها بغض النظر عن المذهب أو الخلفية الأيديولوجية، وهي تبدي استعدادها دوما لدعم كل من يتوجه عمليا لمحاربة الكيان الصهيوني والهيمنة الاستعمارية.
بالمقابل نجد أولئك المثقفين والسياسيين العرب يحرِّضون القوى الاستعمارية على تدمير جارتهم التاريخية المسلمة إيران، بل ويؤيدون التحالف مع العدو الصهيوني ضدها، بحجة أن إيران شيعية فارسية!!
فمن الطائفي ومن العنصري إذن؟! هم أم إيران؟!
أمثال هؤلاء المثقفين والنشطاء هم الأكثر حضورا في الواجهة الإعلامية الممولة خليجيا، باعتبارهم جزءاً من منظومة دعائية هائلة تعمل منذ سنوات على التلاعب بوعي الناس وتحويل أذهان الشعوب العربية عن عدوها الفعلي، عبر الإيهام بوجود عدو بديل أشد خطرا. غايتهم هي تصوير العدو الفعلي باعتباره صديقا إجباريا يجب التحالف معه ضد الخطر الوهمي.
لأجل ذلك تم اختلاق فزاعة "إيران المجوسية" و"المد الشيعي" وغيرها من المصطلحات الدعائية التي جرى تعميمها لتترسخ في أذهان الجمهور بمرور الوقت، مع استخدامها لتشويه كل من يعارض المشاريع الأمريكية الصهيونية، من خلال اتهامات العمالة للمجوس والتآمر على الإسلام السُنِّي.
اللافت للنظر هو أن مساعي النخب العربية لزرع مشاعر الكراهية ضد إيران تأتي متوافقة مع الدعاية التي يروجها الكيان الصهيوني في الاتجاه نفسه منذ سنوات، إلى درجة صار يصعب معها تمييز مقولات غالبية المثقفين العرب عن الخطاب الذي يروجه نتنياهو وأفيخاي أدرعي!!
هكذا، ببساطة يمكن معرفة المستفيد من تحويل ما يجري إلى صراع شيعي سُني.
كما لا يحتاج الأمر قدرا كبيرا من الذكاء لمعرفة الطرف الذي سيتضرر من استدعاء أو اختلاق صراعات جانبية وتضخيمها أثناء اشتداد المواجهة ضد المحور الاستعماري ومشاريعه لصهينة المنطقة بالكامل، والتي دخلت مرحلتها الأخيرة عبر الاعتراف بضم القدس وإعلان "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية نهائيا، وهي الصفقة التي لا يمكن تمريرها إلا بتفكيك محور المقاومة ونزع سلاحه.
فالخاسر هو الأمة العربية والإسلامية بأكملها، شعوبا وبلدانا وموارد. وستكون الأحقاد الطائفية هي أخطر نقاط الضعف وأهم عوامل الخسارة التي إن حدثت فستدوم نتائجها طوال عدة عقود، وسيحمل وزرها من يجندون أنفسهم لحماية المشروع الصهيوني.
المواجهة حتمية، لهذا فعلى من يتشبثون بأحقادهم الطائفية إلى درجة تجعلهم يرفضون أو يعجزون عن المشاركة في صراع التحرر ضد الهيمنة الأمريكية، عليهم، على الأقل، ألا يندفعوا لاعتراض من يخوض المواجهة نيابة عنهم ضد العدو المشترك.

أترك تعليقاً

التعليقات