روبير بشعلاني

روبير بشعلاني / لا ميديا -
إثر هزيمة مشروع "الربيع العربي" المتمثل برغبة أمريكية في العودة إلى العثمانية الجديدة، انتقل الأمريكي إلى الخطة (ب) المتمثلة بمنح المنطقة إلى "الإسرائيلي" عبر ما سمي "صفقة العصر".
وغني عن البيان هنا أن دواعي قيام هذا المشروع "الثوري العربي" تمحورت حول ضرورة تخفف الأمريكي من أثقال التورط المباشر في عدة نقاط من أطراف النظام الرأسمالي وتسليمها لوكلاء يملكون "الملاءة" والمبرر التاريخي والقدرة تمهيدا لتسليمهم الشعلة وتركيز قوى الغرب الأساسية في بحر الصين ومن أجل محاولة صد وإحباط مشروع صعود الصين وتحررها الوطني.
من بين أهم هذه النقاط المطلوب التخفف من أثقالها المباشرة تندرج بالطبع منطقتنا وإقليمنا، لا بل تأتي في طليعة تلك النقاط.
الهدف –إذن- لم يكن فك الهيمنة عن ذاك الإقليم، بل بالعكس مواصلة حكمه والسيطرة على ثرواته وقراره، لكن من "الخلف" وعبر أدوات ذات مصداقية تاريخية وجيواستراتيجية. ولسنا بحاجة إلى كبير شرح للبرهنة على فشل وهزيمة هذا المشروع.
ما يستحق الكلام في هذا السياق هو ذلك الاقتناع الأمريكي بأن "إسرائيل" يمكنها أن ترث المهمة من التركي الإخوانجي بدون عوائق تذكر.
أغلب الظن أن الأمريكي لجأ إلى هذا الحل تحت الضغط وبدون اقتناع كلي. فهو حل لا يتمتع بمصداقية تاريخية. بالعكس. وهو ليس من نسيج المنطقة، لا الاجتماعي ولا الروحي، رغم اجتراح إبراهيمية غب الطلب لإضفاء تبرير ذرائعي يمنح المشروع بعض الصدقية.
هو إذن حل الفرصة الأخيرة، وهو يتميز بقدرة القوة أكثر ما يتميز بقدرة الإقناع.
مبتغى الكلام هو الإشارة إلى صعوبات تطبيق الخطة (ب) بسلاسة وطبيعية إلى فراغات يمكن الاستفادة منها. 
يشار هنا، وهذه نقطة لصالح المشروع الجديد، إلى أن ظروف وتحولات المنطقة قد خلقت لدى بعض الدول - الآبار حاجة إلى راع يؤمن حماية نواطيرها وبقاء قراباتهم وامتيازاتهم، مما دفع تلك الدول إلى تبني التطبيع والمشروع الأمريكي الجديد المخالف للطبيعة مبدئيا.
ويشار كذلك إلى ظروف اقتصادية ومالية صعبة لدى دول - كيانات أخرى جعلتها تسير خلف السرب الأول وتقبل بالانضمام إلى منظومة مخالفة للطبيعة كما ذكرنا أعلاه. 
السؤال حالياً وعبر عدد من التطورات الجارية والاتصالات والمفاوضات نصف السرية، السؤال هو: هل ما زلنا بالخطة (ب) أم تخطيناها إلى شيء آخر؟
هل فشلت فعلا الخطة (ب) وانهزمت كسابقتها التركية؟ هل سلّم الأمريكي فعلا بالهزيمة؟ وماذا سيفعل بـ"إسرائيل"؟ وماذا سيفعل بالمخلوقات المشابهة لها في المنطقة؟ هل سينسحب من باقي الإقليم كما فعل في أفغانستان؟
أغلب الظن واعتمادا على مبدأ موازين القوى الإقليمية الحالية، لا شيء بعد يدفع نحو هذه الفرضية . فالأمريكي ما يزال يملك أوراقا مهمة في المنطقة، لم تعد تستطيع أن تربح الحرب، هذا صحيح، لكنها ليست من الضعف بحيث تقود إلى الاستسلام الكلي.
المنطق يقول إن الأمريكي سيواصل المعركة، وهو يواصلها، وعلى جبهة التحرر الوطني أن تزيد استعداداتها لكي تعدل موازين القوى في الإقليم وتجبر الأمريكي على الانسحاب مدحوراً.
مستوى المواجهة صار ربما يتطلب جبهة تحررية عربية تبلور مشروعا يغطي كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
فالانتقال مثلا من حالة الدفاع ضد الحصار إلى حالة اقتصاد الحرب لم يعد ترفاً نظرياً أو موضوعاً مؤجلاً.
* كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات