روسيا ونعمة العقوبات الغربية
 

روبير بشعلاني

روبير بشعلاني / لا ميديا -
بالنسبة إلى الوضع الأوكراني المباشر، لا شك أن روسيا توشك أن تحقق غالبية أهدافها المفترضة: إجهاض خطط الأمريكي بتلك المنطقة، السيطرة على الدونباس وعلى طول السواحل البحرية ومحاصرة المدن التابعة للناتو أملاً بتحقيق الهدف الأخير ألا وهو إسقاط طغمة كييف والإتيان بحكم يتراجع عن الالتحاق بمشاريع محاصرة روسيا.
حتى الآن يسعى الغرب إلى منع سقوط النظام التابع له عبر دعم عسكري كبير، لكن غير مباشر، وعبر اتخاذ رزمة من العقوبات الاقتصادية والمالية ضد الاتحاد الروسي، أملاً بالاحتفاظ بإمكانية الإبقاء على خطته الهجومية المستترة.
الطرفان لا يبديان حتى الآن أي إشارات بالتراجع، مما يعني احتمال توسع الحرب مكاناً وزمناً.
من المؤكد أنه لا الدعم العسكري الغربي ولا العقوبات قادران على التأثير والحسم إزاء المبادرة الروسية، على الأقل بالمدى المنظور.
على أي حال، فإن الغرب لا يخفي تشاؤمه في هذا المجال.
النقطة الوحيدة الباقية والتي تشغل المراقبين هي تأثير العقوبات على روسيا بالمديين المتوسط والطويل.
ما هو ثابت ههنا، أن العقوبات مزدوجة النتائج وبالاتجاهين؛ فهي، وإن كانت مضرة للروسي على المدى المتوسط بدون شك، لكنها منهكة للغرب كذلك.
فالنتائج قد تكون كارثية غربياً، في حين أنها قد تكون نعمة تجبر الروسي على المدى الطويل على اتباع خطة القطيعة النهائية مع منظومة الهيمنة والعمل على خطة نهوض بنيوية بهدفين: داخلي عبر تعزيز الاقتصاد المنتج والمستقل، وخارجي عبر إنشاء منظومة اقتصادية سياسية تضم وتدعم جميع الدول الساعية إلى الاستقلال والصعود، الأمر الذي يفاقم من المأزق الغربي الاقتصادي والسياسي ويزيد من ضعفه البنيوي بحرمانه من المواد الأولية شبه المجانية، ومن الأسواق المفتوحة أمام سلعة وخدماته.
الغرب يبدو في حالة من دخل في منطقة رمال متحركة، كلما تحرك ازداد غرقاً.
وكلما ازداد غرقاً، ابتعد عنه الكثيرون ممن كانوا يعتمدون عليه، خشية أو طمعاً بملك أو ثروة.

أترك تعليقاً

التعليقات