«شكراً أمريكا»!!.. المشهد اليمني العظيم
 

ريم عبيد

ريم عبيد / لا ميديا -
وسط عبارات الشكر التي توجه من هنا وهناك، في العالمين الواقعي والافتراضي، تارة "شكراً قطر"، لأنها ساهمت في إعادة إعمار لبنان بعد حرب تموز 2006 المدمرة، وطورا "شكراً إيران"، لأنها أتت بهبة الفيول بعد التعطش له... وبصرف النظر عن أحقيتهما في ذلك، اخترنا أن نقول: "شكرا أمريكا"، وللشكر مناسبة عظيمة.
المناسبة تتلخص أولاً بالمشهد اليمني العظيم.
فهل رأيتم كيف تحولت القدرات اليمنية منذ بدء العدوان في السادس والعشرين من آذار/ مارس من العام 2015، من حفاة يقاتلون باللحم العاري، إلى مقاتلين مدربين منظمين، ظهر بعضهم في ميدان السبعين في العاصمة صنعاء، حيث استعرضت القوات الأمنية بعضاً من قوّتها من خلال عرض عسكري حضره عدد كبير من القيادات السياسية والأمنية والعسكرية في الدولة، بمشاركة أكثر من 20 ألف من منتسبي وزارة الداخلية ووحداتها الأمنية؟!
وفي مدينة الحديدة، كشفت القوة البحرية اليمنية عن صاروخ جديد (بر – بحر) من طراز "فالق 1" خلال عرض عسكري ضخم للجيش اليمني واللجان الشعبية أطلق عليه اسم "وعد الآخرة"، شاركت فيه تشكيلات من القوات البحرية والدفاع الساحلي والقوات الجوية والدفاع الجوي، حيث وصل عدد القوات المشاركة في العرض إلى 25 ألف مقاتل. كما تم كشف النقاب عن عشرة منظومات صواريخ جديدة محلية الصنع. عرض كفيل ببث الرعب في قلب العدو وتحذير حمقه، فيما يثلج قلب الصديق.
أبى تحالف العدوان أن يكسر الحصار، فكُسر بالمقاومة، وضُرب العدو في مقتل، وأعيدَ الحق للشهداء، والتأمت جراح المصابين، في مشهد مهيب ذكر بثورة الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر 2014 المجيدة.
هل رأيتم كيف استعاد الطفل الجائع رمقه رغم قلة الطعام، والمرأة سترها رغم كثرة عديمي الشرف من مرتزقة العدوان وأدواته؟!
استعراض ليس فيه إلا ما يشير إلى أن هذا الشعب لا يمكن أن يهزم، هذا الشعب اختار كرامته على أن يكون تبعا، هذا الشعب اختار الألم على الأمل بمن لا يؤتمن.
قلنا: "شكرا أمريكا"، لأنه لولا أن دفعت عربا حاقدين، وأعطتهم إذن الدخول إلى أرض كانوا يظنون أن المعركة تحسم فيها ببضع ساعات، لما كان اليوم الشعب اليمني ظهر بهذه الحلة التي لا شك ستدفع دول العدوان إلى التفكير مائة مرة قبل العودة إلى ساحة القتال، وقد تفرض بعده شروط حكومة صنعاء، فمن حقق هذه الإنجازات بثماني سنوات هو قادر على مضاعفتها في نصف المدة.
نعم، أصبحت قدرات دول العدوان المدعوم أمريكياً عاجزة أمام تنامي قدرة الشعب اليمني بقيادة حركة أنصار الله، التي نقلت البلاد من موقع الضعف إلى القوة اللامحدودة. ووداعا للهدنة، وأهلا بفك الحصار، وبالانتصار.
شكراً أمريكا، لأنه لولا التحريض على إشعال الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لما كان ظهر ضعف الغرب، ولما كنا رأينا رئيس من كانت تسمي نفسها "الدولة العظمى" وقد أتى إلى الشرق والخليج طالبا النفط والمال، لينقذ نفسه قبل السقوط في فخ الانتخابات النصفية التي تصادف الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، والتي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من تسجيل سابقة في الولايات المتحدة.
وأيضاً، شكراً أمريكا، لأنه لولا العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على إيران منذ العام 1979، بعيد انتصار الثورة الإسلامية، لما كانت شهدت هذا التحول الشامل، ولما استطاعت أن تحقق أمنها الذاتي على مختلف المستويات، ولما كانت أصبحت قوة سياسية وعسكرية لها ثقلها في العالم، واقتصادية كذلك، ولما كانت أسست لبرنامج استراتيجي كفيل بكسر الإرادة الغربية وإخضاعها للشروط، رغم تعنتها، ولما كانت سنحت الفرصة أمامها للانضمام إلى "منظمة شنغهاي" لتصبح رقما اقتصاديا لا يستهان به إلى جانب روسيا والصين.
وشكراً أمريكا، لأنه لولا دعمها لكيان العدو الصهيوني في فلسطين المحتلة، لما كانت تعاظمت قوة المقاومة الفلسطينية بهذه السرعة، وقهرت كيد العدوان في "سيف القدس" العام الماضي، وقضت على كل طموحات نتنياهو وأحلامه بالاستمرار في السلطة، وأيضاً في حرب الـ72 ساعة على غزة والتي انتهت في السابع من آب/ أغسطس على غزة، ولما كانت تحركت المجاميع الشبابية في أراضي 1948 والضفة الغربية لترعب الكيان بعمليات فدائية نوعية منظمة منسقة، تضربه في قلبه.
ونقول لأمريكا: ثابري في الضغط على لبنان، فكما فعلتِ بباقي الدول، فأثمر الضغط وكان أن نبت من قلب الضعف قوة لا تقهر، ثابري وادفعي لبنان أكثر إلى المقاومة لتتكون حالة جديدة تولد من الفقر غنى، ومن الضيق فرجاً ومن اليأس أملا بنصر مؤزر، وأملا بمقاومة لن تهدأ حتى استرداد الحقوق الضائعة منذ سنوات، وتعيد للمواطن اللبناني مكانته وثقته بأن يقول: أنا لبناني، لا شيعي ولا سني ولا مسيحي ولا درزي، وإنما أنا لبناني أنتمي للمقاومة.

أترك تعليقاً

التعليقات