عارف شكيب

عارف شكيب / لا ميديا -
كما نعلم أن هاتين الشخصيتين كانتا من أهم الشخصيات المقربة للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، وشكّلا نواة الثورة ضد الظلم والفساد.
سنحاول تحليل هاتين الشخصيتين من حيث طبيعتهما والبيئة التي عاشا فيها.
فالصحابي الجليل أبو ذر الغفاري كان بدوياً من قبيلة واغلة في حياة الصحراء، وهي قبيلة غفار، وحياة القبيلة كما هو معروف تقوم على مبدأ المساواة والعدل في تقسيم الغنائم والأموال بين أبناء القبيلة.
أما الصحابي الجليل عمار بن ياسر فقد كان عبداً حضرياً وُلد في مكة وعاش في قيد الرق مدة طويلة. وُلد من أم حبشية، وكان أسمر اللون يميل إلى السواد، وهذه كانت عقدة في نفسه، لأنه كان يعاني من هذا التمييز العنصري ضده، وقد ظل يُدعى بـ”ابن السوداء” حتى بعد الإسلام ودخول قريش في الدين الإسلامي.
بعد معرفتنا لتفاصيل تلكما الشخصيتين نلاحظ أن هاتين الشخصيتين كانتا ثائرتين على أصحاب رؤوس الأموال والجاه والمكانة، فكلاهما في خندق واحد وهدف واحد، هو العدل والمساواة.
فالصحابي الجليل أبو ذر الغفاري كان يعتبر الدين في المساواة بين الفقراء والأغنياء. ونلاحظ هذا في قصة حياته، وخاصة أيام حكم الخليفة عثمان بن عفان، عندما كان يخرج ثائرا يصيح منادياً بالإنفاق والزكاة وترك كنز الأموال، وينتقد الترف الذي كان يعيشه بعض الصحابة، وهذا سبّب له الكثير من المتاعب، حتى وصل بهم الأمر إلى نفيه من المدينة إلى الشام أولاً، وهذا سبّب قلقاً لمعاوية، حاكم الشام حينها، وبعدها نفي الصحابي إلى الصحراء وحيداً، ومات وحيداً، رحمة الله عليه.
أما الصحابي الجليل عمار بن ياسر فكان يعتبر الدين في المساواة بين أفراد المجتمع الواحد في الحقوق والمكانة. ونلاحظ هذا في قصة حياته، فقد كان خصماً عنيداً لبني أمية وقريش، والسبب ممارسات تلك القبيلة، من الغرور وحب الجاه والتكبر على من سواها، وهذا الشيء يخالف مبادئ الدين الإسلامي.
لذلك، أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر كانا من الثوار ضد كل ما يخالف فطرتهما الإسلامية وطبيعتهما الاجتماعية التي عاشا عليها، فاتفقا على مبدأ الاشتراكية والمساواة والعدل، كلا حسب طبيعته وتأثره بالمحيط الذي عاش فيه، أحدهما يطالب بتقسيم الثروات بالتساوي، والآخر يطالب بالمساواة بين أفراد المجتمع الواحد في المكانة دون تمييز.
وهذا يوضح لنا سبب الظلم الذي تعرضت له هاتان الشخصيتان الجليلتان، وهما على قيد الحياة من حكام تلك الحقبة، وبعد الموت من قبل المؤرخين والوعاظ؛ لأنهما ثارا ضد رؤوس الأموال والجاه، التي استلمت الحكم في ما بعد لفترات طويلة.
فرحمة الله تغشى ثوارنا العظماء، أبا ذر وعمار بن ياسر عليهما السلام.

أترك تعليقاً

التعليقات