خليل نصر الله

خليل نصر الله / لا ميديا -
لا شك في أن صنعاء، التي أدارت حرباً دفاعية قلبت فيها الموازين في مواجهة تحالف دول العدوان وفرضت معادلة إقليمية، هي قادرة على إدارة أي مواجهة مباشرة مع الأمريكيين، خصوصاً مع ما تمتلكه من مقدرات صاروخية وبالستية وبحرية عالية المستوى، وكذلك بنائها جيشاً قادراً ومقتدراً على خوض ما يطلب منه.
واضحاً كان موقف قائد حركة أنصار الله، سماحة السيد عبد الملك الحوثي، منذ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة. ما وعد به بدأ بتنفيذه عبر موجات من الصواريخ البالستية والمجنحة والمسيّرات باتجاه فلسطين المحتلة.
قبل عشرة أيّام تقريباً نفذت الضربة الأولى، وخرج الأمريكيون ليعلنوا عنها، وأنهم أسقطوا الصواريخ. ثم تلتها ضربة ثانية منذ أيام قليلة عبر مسيّرات وصواريخ أيضاً. لكن الضربة الثالثة كانت الأعنف، ونفذت منذ ليل الاثنين حتى صباح الثلاثاء.
في الضربتين الأولى والثانية، التزمت القوات المسلحة اليمنية الصمت، باستثناء تصريح لرئيس الحكومة قال فيه إن "ضربة قد نفذت". لكن المفاجئ، هو إعلان صدر عن الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، الذي أعلن عن الضربة الثالثة، وقال إنها تمت عبر مسيّرات وصواريخ مجنحة وبالستية واستهدفت أهدافاً داخل الكيان الصهيوني.
الإعلان اليمني، وما تضمنه بيان العميد يحيى سريع المتلفز من توعد بالمزيد، والشكل والوضوح الذي خرج به يحمل دلالات عدة، أبرزها:
- إعلان اليمن الانخراط في المواجهة نصرة لفلسطين، خصوصاً مع التأكيد على مواصلة توجيه الضربات.
- أن صنعاء ردت على التهديدات الأمريكية التي وصلت إليها، خصوصاً لناحية تعطيل مساعي الحل في اليمن.
- أن صنعاء جزء من أي مواجهة شاملة قد تقع في المنطقة، وأنها متموضعة إلى جانب قوى المقاومة وستكون في المقدمة.
- أن اليمن سيفعل كل ما في وسعه ليوقف العدوان، ولو تطلب الأمر توسيع بنك الأهداف أو إشهار أوراق أخرى.
من اتخذ القرار في صنعاء، والمؤكد أنها قيادة الثورة، أخذ بعين الاعتبار ردود الفعل كافة، الأمريكية منها أو "الإسرائيلية". وعليه هي أعدت بنك أهدافها وردودها المحتملة على أية خطوة "إسرائيلية" أو أمريكية.
ومع تسريب قنوات إعلامية عبرية عن بدء المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية" دراسة الرد على "الحوثيين" كما عبّرت، لا بد من وضع بعض النقاط على الحروف:
- إن الرد -إن حصل من جانب "تل أبيب"- سيعني مزيداً من الانخراط اليمني، وفي يد صنعاء أوراق قوة كثيرة، منها ما يتعلق بالممرات البحرية.
- إن تم أي رد عبر الأمريكيين، فإن الأمر سيعني أن نقاط القواعد الأمريكية والقطع البحرية المنتشرة في البحر الأحمر وبحر العرب قد تصبح أهدافاً محتملة لصنعاء.
وعليه فإن حسابات صنعاء لا تقف عند حد استخدام المسيّرات والصواريخ. وهنا يجب أن نذكّر بما قاله السيد عبدالملك الحوثي بإشارته إلى المسيّرات والصواريخ، ثم أردف: "وأمور أخرى".
لا شك في أن صنعاء، التي أدارت حرباً دفاعية قلبت فيها الموازين في مواجهة تحالف دول العدوان، وفرضت معادلة إقليمية، هي قادرة على إدارة أي مواجهة مباشرة مع الأمريكيين، خصوصاً مع ما تمتلكه من مقدرات صاروخية وبالستية وبحرية عالية المستوى، وكذلك بنائها جيشاً قادراً ومقتدراً على خوض ما يطلب منه.
إن المنطقة دخلت مرحلة جديدة بالكامل. ودخول صنعاء بالشكل المعلن، سيفرض على الأمريكيين أولاً مراجعة الكثير من الحسابات، كي لا يتوسع الصراع ويتمدد، وتكون واشنطن أكثر من سيدفع الثمن منه.
صنعاء اليوم أكثر وضوحاً في الانخراط في معركة نصرة فلسطين، وهي كما أعلنت، تتجه نحو ضربات مفتوحة، تحتفظ هي بمداها وسعتها وفق تقديراتها.

أترك تعليقاً

التعليقات