عدنان عبدالله الجنيد

عدنان عبدالله الجنيد / لا ميديا -
في زمنٍ تتكسّر فيه عروش الطغاة أمام صمود الشعوب، وفي لحظةٍ تخرس فيها الأبواق المُطبّعة، وتضيع الأقمار الصناعية في رصد إرادة شعب لا يُقهر، نُعلنها مدوية: ميناء «إيلات» لا يزال مغلقاً.
لا بفعل زلزال أرضي، ولا بإعصار بحري، بل بفعل إعصار الوعي اليمني، والصواريخ المُسندة، والإرادة التي لا تنكسر ولو أُبيد الشعب بأكمله.
إنه الموقف الفولاذي لشعب الإيمان والحكمة؛ فهنا اليمن، حيث تصنع الشعوب التاريخ لا العناوين.
لم يكن ما يحدث في البحر الأحمر، وفي عمق فلسطين المحتلة، بعيداً عن وجدان اليمنيين، الذين يرون في معركة غزة معركتهم، وفي الفتح الموعود وعدهم الأصيل.
تجلّى الموقف الثابت والمبدئي لشعب الإيمان والحكمة، قيادة وشعباً، في دعم القضية الفلسطينية، لا شعاراً، بل فعلاً، لا خطابة، بل جهادا.
من الإسناد العسكري المباشر، حيث المسيّرات والصواريخ تضرب العدو في العمق، إلى الحصار البحري الذي شلّ ميناء «إيلات» بالكامل وأوقف الملاحة «الإسرائيلية» في البحر الأحمر وخليج عدن، وصولاً إلى التعبئة الجماهيرية والإعلامية والثقافية التي حولت النضال إلى هوية، والمعركة إلى عقيدة.
لقد تلقّت «إسرائيل» طعنات موجعة بسبب إغلاق ميناء «إيلات»، وخسائرها لا تُحصى، أهمها: توقف كامل لحركة استيراد السيارات (150 ألف مركبة سنوياً)، خسائر تشغيلية تتجاوز 8 ملايين شيكل شهرياً، انهيار خطوط الشحن البحري ورفض الشركات التعامل مع الميناء، اضطراب حاد في سلاسل الإمداد التجاري، خسائر استراتيجية تمس «هيبة» الكيان المؤقت كمركز عبور بحري آمن، تسريح موظفين، وتوتر داخل ميناء يتحوّل تدريجياً إلى منشأة مهجورة.
ورغم كل هذا، لا يزال العدو يتصرف بغطرسة ومكابرة وإنكار للواقع، ولا يزال يصرخ، ويتوهم أن ميناءه سيُفتح بالاستجداء أو بالدعاية أو بالبوارج الأمريكية!
رغم استنجاد «إسرائيل» بواشنطن، وجلبها لحاملات الطائرات والبوارج، فشلت أمريكا، ولم تستطع البحرية الأمريكية كسر الحصار اليمني أو فتح ميناء «إيلات»، بل أصبحت مرافقة خائفة، وسلاحاً فاقد القيمة في بحر تحكمه المعادلات الجديدة.
وحين عجزت، كشفت عن وجهها الإجرامي، واستهدفت الأحياء المدنية في صنعاء والحديدة بالقنابل الارتجاجية، بقصد التهويل والترهيب؛ ولكن ما هزّت الرمش وحجابه، لأن الروح اليمنية من معدن الأنبياء، ولأن الوعي الجمعي لا يُقصف ولو بالقنابل النووية.
خرج اليمنيّون بالملايين في مسيرات لم يعرف لها التاريخ مثيلاً. شعب خرج من بين ركام العدوان ليصرخ: «لن نترك غزة».
هنا سر القوة. هنا خزان الانتصارات. الحشود هي الحاضنة، وهي السند، وهي مصدر شرعية القرار العسكري والسياسي، وهي -قبل كل شيء- العامل الأهم في تطوير القدرات العسكرية اليمنية، وصياغة معادلات الردع.
ما هو الحل لفتح ميناء «إيلات»؟ سؤال يطرحه العدو كل يوم. طرق كل الأبواب. استعان بالغرب، بأمريكا، بتهديدات فارغة... لكن كل الطرق فشلت. والحل؟!
ليس في القصف، ولا في الحصار الإعلامي، ولا في أساطيل أمريكا، التي ذابت هيبتها في بحر العرب. الحل واحد وواضح وجلي: أوقفوا العدوان على غزة، ارفعوا الحصار عن الشعب الفلسطيني، أعيدوا الحقوق إلى أهلها!
عندها فقط قد يُفتح ميناء «إيلات». أما دون ذلك فليبقَ الميناء مغلقاً، ولتظل الصواريخ يقظة، ولتستمر المسيّرات في السماء، وليذق العدو طعم الحصار الذي فرضه على غزة عقوداً.

أترك تعليقاً

التعليقات