أحمد الضبيبي

أحمد الضبيبي / لا ميديا -
تقف الكَياناتُ الأممية مشدوهة ومبهوتة أمام البأس والصمود اليماني المستحكم، هذا الصمود الأُسطوري الذي تأصّل وتجذّر في تربة العزة والكرامة، ونما كشجرة باسقة في وجه أعتى عدوان كوني غاشم شهده التاريخ الحديث.
إنه ليس مُجَـرّد ثبات راكز على الأرض، بل هو منعطف استراتيجي فارق في مسار الأُمَّــة، حَيثُ أضحى اليمن الشامخ قبلة الأحرار الصادقين ومعيارًا للفعل الرادع الصارم.
وفي خضم هذه الملحمة الكبرى ذات الفصول الدامية، ظهرت مكائدُ خبيثة ومحاولات خسيسة لنسف السد المنيع للجبهة الداخلية، في ما بدا أنه الرمق الأخير والفصل المبتذل من مسرحية العدوان الكوني البغيض.
حين استنفد تحالف العدوان الغاشم على اليمن كُـلّ ترسانة الوغى المُحكمة وأدوات القصف الجهنمي، لم يبق لديهم سوى خنجر الغدر المسموم المستل من ضلوع الداخل المنهك.
لقد كانت محاولة تقويض الصرح الداخلي اليمني في 2 ديسمبر عام 2017 هي النفَس الأخير لتحالف العدوان المتداعي والمتهالك، فبعد أن أذعنت أمريكا وأبناؤها الصهاينة لحقيقة عقم عدوانهم المستطير، وإدراكهم أن جزءًا من الشعب اليمني قد تغلغل فيه روح الصمود الأبدي؛ لم يجدوا سبيلًا سوى تفجير بؤرة الفتنة المتربصة في عمق الشراكة الوطنية.
عندما أدركت الولايات المتحدة الأمريكية المتغطرسة والمُستكبرة، والكيان الصهيوني الغاصب المستأثر، وتحالف العدوان المتخاذل والمُخفق، أن اليمن عصي على الانكسار من خارج حدوده، وأن صواريخه ومسيراته قد تجاوزت خطوط الاحتواء المرسومة، وأن إرادَة شعبه المتوثبة فوق كُـلّ سلطة وإغراء؛ لم يبق لديهم سوى تفجير البركان الهامد من الداخل.
وكانت فتنة الخائن علي عبدالله صالح (عفاش) هي الضربة القاصمة التي ظنوا أنها ستُحقّق المستحيل الذي عجزت عنه أكثر من نصف المليون من الغارات وحصار ثلاث عجاف من السنين.
لم تكن هذه الانتفاشة الخيانية عملًا ارتجاليًّا عابرًا، بل جاءت في سياق تواطؤ مفضوح ومُخزٍ ينافي أي مبدأ من مبادئ الوطنية الصادقة، حَيثُ تَرَبّع سعر العملة في سوق الخيانة الرائجة عاليًا، حين بث عفاش قبل الانتفاضة المشؤومة تصريحاته المجدولة بحبال الارتهان، مُديرًا وجهه صوب تل أبيب والكيان الصهيوني قائلًا: «تعالوا يا (إسرائيل) نطبِّع معاكم».
هذه التصريحات المُدوية والماجنة لم تكن سوى إشارة البدء لتحالف الشر لتوفير الغطاء والدعم اللوجستي لتنفيذ المخطّط الهدام المدسوس، مُعلنًا بها عن تحول جذري من الشراكة الوطنية العفيفة إلى الغرق في مستنقع العمالة المُنتن.
لكن الإرادَة الإلهية الكلية كانت أقوى، ويقظة القيادة الحكيمة ووعي الشعب المتأجج بالبصيرة كانا لهما بالمرصاد، وتم وأد هذه الفتنة في مهدها البكر، وانتهت بمصرع زعيمها الأثيم، لـيُطوى بذلك سجل طويل من المكائد الدنيئة وتُطوى آخر صفحة من محاولات التقويض الداخلي المُمنهج.
إن هذا الانتصار ليس مُجَـرّد حدث أمني عابر، بل هو نعمة عظمى أنعم الله بها على اليمن وأهله، جزاءً لصبرهم الجميل وتضحياتهم وصمودهم المثالي المشهود.
ولو نجح هذا المخطّط الخبيث لا قدر الله، لكانت اليمن قد انشطرت إلى دويلات متناحرة، وتحولت إلى ساحة حرب أهلية متناهية الأطراف والويلات، ولما كان اليمن اليوم قوة إقليمية ضاربة ذات ثِقَل في حسابات المنطقة.
لقد كانت الثمرة اليانعة لوأد الفتنة هي التفرغ الكلي لخوض المعركة المحورية مع الكيان المحتلّ وداعميه.

أترك تعليقاً

التعليقات