يوسف صلاح الدين

يوسف صلاح الدين / لا ميديا -

يتشاطر فرقاء العمالة لتحالف العدوان، في تعز المحتلة، أرصدة متساوية في حساب السحل والذبح والاغتيالات وتقويض السكينة العامة وأعمال السلب والنهب؛ وفي الوقت ذاته يلعب كل فصيل دور "السلطة الشرعية" متهماً الفصائل الأخرى بـ"اللاشرعية والخروج على القانون وإلغاء الدولة"، ويلاحق عناصرها متسربلاً بزة "الحملات الأمنية" بوصفها "عناصر مليشياوية متمردة ومطلوبة أمنياً"، وبدعوى بسط حالة الاستقرار في المدينة.
لم تنتهِ ما تُسمى "الحملة الأمنية" التي شنها "تجمع الإصلاح" العميل، على أحياء المدينة القديمة، الأسبوع قبل الفائت، بـ"القبض على أبو العباس وعارف جامل" اللذين يؤلفان اصطفافاً سلفياً - مؤتمرياً موالياً للإمارات في تحالف العدوان الأمريكي، وعوضاً عن ذلك أحرقت "مشفى المظفر"، وقتلت عشرات المدنيين، وروعت الأحياء الجنوبية الغربية، حيث يقع الجزء القديم من مدينة تعز، لينتقل السجال إلى طور آخر بين فرقاء العمالة، آخذاً شكل مظاهرات شعبية تستثمر في حالة الغضب العارم في الشارع وفقدان الأمل في كل الفرقاء..
ولتبديد هذا الغضب واستفراغه في دورة تناحر بينية تُعمّق جراح المدينة، وتدرأ سخط أبنائها عن تحالف العدوان، فرد تنظيم "الوحدوي الناصري" العميل، مظلة رعاية لتظاهرة شعبية جرى توجيه لافتاتها الساخطة صوب "الإصلاح" العميل، كمتهم وحيد، لا كأداة للتحالف المنتج لمشروع الفوضى والخراب، والذي يمثل "الناصري" ذاته أداة طيعة له... وأمس فرد "مؤتمريو تعز" العملاء للتحالف، مظلة رعاية لتظاهرة أخرى وصفها "الناصري" بـ"لافتة علنية للإصلاح"، غير أن كلا التظاهرتين تبدوان بوضوح بلا وجهة أخيرة للحسم، فالمطلوب ليس الضغط لجهة بسط الاستقرار وتأمين فضاء آدمي لأهالي المدينة الواقعين في مهب بنادق منفلتة مثخنة بحصاد إجرامي متساوٍ، وإنما تدوير الاحتقانات الشعبية داخل ذات الأطر العميلة المنتجة للفوضى والجرائم، بغية تمزيق نسيج المدينة الاجتماعي، وتلافي تسرُّبها كطاقة غضب إيجابية تصب في بحيرة الفعل الوطني الشعبي المواجه لمشروع العدوان وآلته العسكرية، وفي كنف الجيش واللجان الذي تنعم المجتمعات الواقعة في جغرافيا سيطرته، بالأمن والأمان والسكينة على اختلاف طيفها السياسي والاجتماعي.
الخشية لدى تحالف العدوان الأمريكي ليست -بطبيعة الحال- من أن يجنح "الإصلاح للتصالح مع أنصار الله"، بل من أن يفقد كل فرقاء العمالة له (إصلاح وناصري ومؤتمري واشتراكي) زمام السيطرة على الشارع الذي باتت الصورة أوضح من ذي قبل بالنسبة إليه، بعد 4 أعوام من حمامات الدم، وبات جلياً في نظر غالبيته، أن جميع فرقاء العمالة والِغُون في دمه، ولا خير يرجى منهم، وأن طوافهم ليس بناظم مصالحه، وإنما بناظم مصالح دول تحالف العدوان أولاً وأخيراً.
يدرك "الناصري السلفي" العميل أن "الإمارات" التي يواليها هي من أباحت مناطق نفوذ مليشياته لـ"الإصلاح" العميل، حتى يتسنَّى لهذا الأخير تطبيع العلاقة مع قواعده التي تحس بالغبن من خروجه خالي الوفاض من الجنوب المحتل، لكنه لا يجرؤ على توجيه اللوم للإمارات مباشرة.
وإذ يعجز التحالف عن كسر السياج المنيع لمحافظة تعز، الذي يفرضه الجيش واللجان من جهة الغرب والجنوب الغربي، فإن الحاجة ترتفع للإصلاح كأداة قوية منفردة في تعز المحتلة، قياساً ببقية أدواته، ويتعيَّن إيلاؤها فسحة حركة مريحة نسبياً بما يرفع من قيمتها السياسية في أية مفاوضات قادمة مع القوى الوطنية، وقد تعززت هذه الحاجة لـ"الإصلاح" أكثر، قبل وعقب اتفاق ستوكهولم؛ حيث كان من المفترض أن تنعقد جولة مشاورات لاحقة له ومنصبة حول "ملف تعز"، ولايزال انعقادها متوقعاً في قادم الأيام.
هناك -ولا ريب- شارع غاضب في تعز المحتلة، يحاول كل فصيل من فصائل العمالة تجيير غضبه لجهة رفع رصيده من محاصصة النفوذ، وحجز درجة حظوة متقدمة لدى دول التحالف دون الفصائل الأخرى، عبر استفراغ الغضب الشعبي بعيداً عن أن ينفجر في وجه هذه الدول الحاملة للمشروع الاستعماري التفتيتي بالعموم.
وإذ انتشى "الناصري" العميل بزخم تظاهرة الأسبوع الفائت التي وضع لافتاتها المخاتلة والتضليلية، ها هو اليوم يشعر بالخيبة والضآلة من جديد أمام زخم تظاهرة أخرى تبنّاها "المؤتمر" العميل، لذات الأسباب والأهداف غير الوطنية، وبين أشداق هؤلاء وهؤلاء يبدو جلياً أن الشارع هو الضحية ما لم ينفض عن كاهله كل الأدوات المنتجة لآلامه والمتاجرة بنزيفه، ويشق طريقه الوطني انضواءً في بحر قوى المواجهة الشعبية لمشروع تحالف الاحتلال وآلته العسكرية الكونية.

أترك تعليقاً

التعليقات