يا محمد
 

أحمد عارف الكمالي

أحمد الكمالي / لا ميديا -

يا محمد..
عندما نُثرت أشلاؤنا بالأسواق والمدن، ومزقت أجسادنا بالطرقات والشعاب، وذبحت أوردتنا بالمساجد والصالات، وخرت السقوف فوق رؤوسنا، لم يلتفت إلينا أحد بعين الرحمة، وظل العالم يتغاضى عن مأسينا المستمرة، ويراقب بنشوة لحظة انحنائنا وركوعنا واستسلامنا المتوقع..!
ثملوا بنخب دمائنا المسفوحة، ورفعوا أرصدتهم من أكوام عظامنا المحطمة، وضاربوا بسهمنا في الوجود بأسهمهم الجديدة بالبورصة، وحولوا بلادنا إلى صالة قمار كبيرة للاستفزاز والابتزاز والشحت والمزايدة!
يا محمد..
5 أعوام من الحرب الظالمة والحصار القاتل، والمؤامرات والفتن المستعرة!
5 أعوام والطيران يقتل، والمنبر يبارك، والنفط يشعل، والإعلام يحمل الضحية!
5 أعوام ذبحتنا قريش كما ذبحت عمار، وحاصرتنا كما حاصرتك بالشعب، وحشدت لغزونا واحتلال بلادنا شذاذ الآفاق كما حشدت لغزوك واحتلال يثرب!
قريش نفسها ولكن بعد أن أقلعت عن عبادة هبل الذي لا يضر ولا ينفع، وعبدت سلمان الذي يضر ولا ينفع!
وبعد أن تركت السجود للات الذي كانت تظن أنه يقربها إلى الله زلفى، وسجدت لمن يقودها إلى تل أبيب لهثا!
قريش نفسها بعد أن أضاعت مكارم الأخلاق التي بعثت لتتممها واستبدلتها بأبي جهل، وبقي الغرور والجهل!
قريش نفسها ولكن بعد أن أصبح قرارها لا يأتي من دار الندوة، بل من البيت الأبيض!
ربما ليست قريش ذاتها، لكنه التكبر، الغرور، السخف والكفر نفسه!
يا سيدي..
5 أعوام لم نجد أحداً سواك، يلملم أشلاءنا ويضمد جراحنا ويربط على قلوبنا ويشد من بأسنا وينحت الابتسامة في وجوهنا التي كادت تشيخ من جور العصر!
وحدك من جمع اللحم المفتت، الدم المهدور والكبرياء المجروحة، وخلطهم في عجينة شموخ، صنع منها براكين ومسيرات أحرقت معابد إله النفط!
يا محمد..
يا تسابيح صبرنا، وتكبيرات بطولاتنا، وتهليلات بشارتنا، ويقين إيماننا، وأرواح شهدائنا!
بك انتصرنا في وجه أحقر وأبذخ وأمكر وأفرغ وأكذب متغطرسي العالم، ومرغنا أنوفهم بالوحل، ونكسنا جباههم وكتبنا عليها بالنار "إن الباطل كان زهوقا"!
يا محمد..
بك ستعود وحدة شعبنا بعد الفتن، وقوته بعد الضعف، وتعاونه بعد التفرق!
يا سيدي.. 
معذرة لو فاضت الجراح قبل الخواطر في حضرتك، فلتقبلها يا غوثي صلوات وتسليماً ومديحاً وترتيل عليك يا أعظم الخلق وعلى آلك وصحبك.
وكن شفيع متيم بك، يا بشير المعجزة الخالدة، وشاهد العصور المتجددة، وصاحب السجايا الحميدة، ونبي الحدس والنباهة، يا حبيبي يا محمد.

أترك تعليقاً

التعليقات