2020 عام الانتصار
 

د. حسناء نصر الحسين

د. حسناء نصر الحسين -

وأنا أفكر في كتابة مقالي هذا تذكرت كل رهانات أعداء سوريا وتلك التصريحات الرنانة التي أطلقت في بدايات الحرب على سوريا، من إنهاء سوريا كدولة ونظام وقائد ومؤسسات، لأرقب اللحظة الحالية التي تعيشها سوريا، وأتساءل عن مصير كل أولئك المراهنين وكل رهاناتهم وما حجم الخسارة التي لحقت بهم؟
الانتصارات المتسارعة والكبيرة التي تحققت خلال العام 2019 تعيد هيكلة المشهد برمته، صانعة التحولات الاستراتيجية التي تشكلت كنتاج طبيعي لانتصارات الجيش العربي السوري، لتؤسس لمرحلة مغايرة وجديدة في التوازنات الدولية، وهذه أهم إفرازات النصر السوري الذي يمثل انتصارا للعالم، فعودة التوازنات الدولية اللاغية لما يسمى القطب الواحد والتحول الى عالم متعدد الأقطاب، يعتبر أبرز وأكبر تحولات هذا النصر، ولذا نقول بأن انتصار سوريا يعيد تشكيل الخارطة العالمية ويغير وجه العالم بما ينهي حالة الهيمنة وسيطرة القطب الواحد، وبفضل هذا الانتصار صعدت قوى دولية إلى مشهد التأثيرات العالمية وراسمين جدد لم يكن ليكتب لهم هذا الحضور لولا هذا النصر السوري الكبير.
لم يكن لمعظم دول العالم أن تجتمع على قرار كما أجمعت على قرار تدمير الدولة السورية، فأفرغت قاعات المنظمات الدولية والإقليمية وكأنها أقسمت ألا تعقد جلساتها المكوكية إلا لتمرير وشرعنة عدوانها على سوريا الذي كان عنوانه الأبرز تحويل هذه الدولة إلى بؤرة للإرهاب العالمي المدعوم أمريكيا ـ غربيا ـ صهيونيا، وبدعم وإسناد منقطع النظير.
الدولة السورية اتخذت قرار المقاومة لكل المشاريع السوداء ومحاربة دول العدوان العالمي عبر هذه الأروقة الدولية وعلى الأرض السورية عبر محاربة الإرهاب والقضاء عليه...
 فكان النصر حليفها بمساعدة حلفائها، مما دفع بالمشهد السوري إلى مشهد النصر والتحرير الكبير لمساحات واسعة من الأراضي السورية، ولن يكون آخر هذه الانتصارات في محافظة إدلب، وإنما سيمتد ليشمل محافظات الشمال السوري الغني بالثروات المتعددة، ولعل مشهد محاصرة الجيش العربي السوري لنقاط المراقبة التابعة للمحتل التركي تأخذنا إلى رؤية واضحة في قراءة قرار الدولة السورية لدحر هذا المحتل من الأراضي السورية وقطع أذرعه من تنظيمات وقوات إرهابية سينتج حتما خروجه من سوريا، ولعل سحب أعداد كبيرة من الإرهابيين من جبهات إدلب وفتح تركيا لمكاتب تنظيم ترحيل الإرهابيين في منطقة الشمال السوري يؤكد هزيمة المشروع التركي الأمريكي الإرهابي في سوريا.
بدأ عمل المقاومة الشعبية في الشمال السوري حيث ما تبقى من قوات أمريكية محتلة وناهبة للنفط السوري، واستهداف الدوريات الأمريكية سينتج عنه خروج هذا المحتل من سوريا، يأتي هذا بتناغم مع توجهات حلفاء سوريا الذين لن تكون المناورات العسكرية التي قاموا بها مؤخرا (روسيا والصين وإيران) في بوابة الخليج إلا رسالة واضحة المعالم يتقن قراءتها الأمريكي ويدفع به للتسليم أن إمبراطوريته انتهت بانتصار سوريا وحلفائها، لتعلن سوريا نصرها ونصر حلفائها بفشل دول العدوان في تنفيذ مخططاتها التفكيكية للجغرافية السورية وسرقة خيراتها، والصورة التي تعكسها عودة بعض دول التآمر على سوريا لإعادة بناء علاقات مع القيادة السورية وفتح سفارات بلادها في دمشق ليس إلا نتيجة من نتائج النصر السوري، ولن يكون آخر ذلك الوفود الأوروبية المتزاحمة بهدف التمهيد لعودة العلاقات مع دمشق، كل هذا بالتوازي مع موضوع إعادة إعمار سوريا، والذي نشط بشكل كبير خلال العام 2019، لتسارع الحكومة السورية، وبتوجيه من الرئيس الأسد، بالقيام بزيارات متعددة للمحافظات المحررة من الإرهاب لدراسة واقع هذه المحافظات والنهوض بها من ركام الحرب.
الحديث عن زمن السيناريوهات المفتوحة ضد سوريا قد ولى وانتهى، ومن الآن وصاعدا لن يقرأ العالم أو يتابع سوى سيناريو واحد هو سيناريو النصر السوري، بحتمية ترسمها سواعد الجيش العربي السوري، وتخط مساراتها إرادة سياسية سورية قوية تديرها قيادة حكيمة ومقتدرة، وكل هذا بمباركة شعب صمد وقدم التضحيات وانتصر. وإذا كان العام 2019 هو عام التحولات الكبرى التي مهدت للعديد من الانتصارات والإنجازات على كل الصعد السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، فإن العام 2020 سيكون بعون الله وتأييده عام إعلان النصر السوري الكبير.. وكل عام وسوريا بجيشها وشعبها وقائدها حرة عزيزة وسالمة.
(*) باحثة في العلاقات الدولية - دمشق

أترك تعليقاً

التعليقات