كورونا يثبت خرافة «السعودية العظمى»
- د. حمزة الحسن الجمعة , 27 مـارس , 2020 الساعة 7:05:08 PM
- 0 تعليقات
د. حمزة الحسن -
هناك من يعتقد أن الاتحاد الأوروبي لن يعود كما كان.
وهذه أمريكا التي كان ترامب يريد أن ينجو بدولته منفرداً ويبحث عن مصالحها وتفوقها، يجد نفسه معزولاً.
الدولة الأمريكية القائدة لم تعد قائدة.
الدولة المستهدفة (الصين) تقدم لنا نموذجاً معاكسا للرأسمالية المتوحشة التي ألهها الربح!
بإغلاق الحدود البرية والمنافذ الجوية، يتصاعد الشعور (الوطني/ القومي) في عصر المحنة.
الهويات الوطنية تقوى وقت الأزمات والمحن، بأكثر مما تتقوّى وقت الانتصارات.
السعودية تقدم لنا نموذجها الغبي، حيث أصبح كورونا وسيلة لتمزيق المجتمع طائفياً وتخوين مجاميع منه وطنيا وسياسياً.
وهناك قوة أخرى طاردة، تمزّق، فكورونا قد يجلب الأباعد، ويبعّد الأقارب.
هذه أوروبا الموحدة أمامكم.. عادت إلى خنادقها القديمة، واستعرت النزعة الأنانية لحفظ الذات، وأغلقت الحدود، مع افتراض أن لا حدود لأوروبا الموحدة، وصار همّ كل دولة النجاة بنفسها.
في التحولات الكونية العميقة، ينقسم العالم، وتظهر قوتان: موحّدة كما نراها لدى الشعوب، حيث يطغى الإنساني، وحيث العدو المشترك، وحيث الشعور بأنه لا يمكن مكافحة كورونا إلا جماعياً، وهناك كما ذكرت قوة طاردة، حيث عادت النزعات القومية، وبدت العولمة كأنها قد تلقت ضربة عميقة.
كورونا مثّل فرصة لبني سعود لصناعة هوية وطنية، أي خلقها، إذا افترضنا انها معدومة، وتقويتها إن كانت ضعيفة في أقل الأحوال.
لكن تأبى العقول المتحجرة في الرياض إلا تسييس وتطييف المأساة والجائحة الكونية للتصويب على خصومها، ليس خارجياً فحسب، بل على مواطنيها في الداخل.
لا أحمق من بني سعود!
في الوقت الذي يتصاعد فيه الحس "الوطني" و"الإنساني" العابر للحدود بسبب أزمة كورونا، نرى عالماً آخر في مهلكة بني سعود.
إنه عالم يتشفّى بالمأساة ضد الخصوم.
نرى إعلاماً كالعربية والإخبارية وأخواتهما لا شأن له إلا استهداف إيران والعراق ولبنان وحتى قطر وتركيا! وتبيان خسائرهم!
ونرى الحسّ الطائفي قد تصاعد بفعل كورونا. بدأ ضد القطيف ولم ينته إلا ضد كل الشيعة والمتصوفة الذين يزورون الأضرحة!
ليس هكذا تتم تربية الشعوب، وطنياً، ولا سياسياً، ولا أخلاقياً.
ترامب وبومبيو وغيرهما، وحين ظهر الفيروس في الصين وانتشر في إيران، سيّسوا الأمر، وسخروا من خصومهم!
والآن هذه هي أمريكا أمامكم عارية، عبثا يحاول ترامب أن يلقي باللائمة على الصين!
ويتلقى السخرية بزعمه مساعدة إيران، وبلادهم احتوشت نصف مليون جهاز كشف الفيروس من إيطاليا!
النظام الصحي الأمريكي (التجاري المتوحش) لن يصمد أمام الكارثة.
ستكون أمريكا أسوأ نموذج في الكون في مواجهة كورونا!
قد يمثل فيروس كورونا نهاية ترامب سياسياً، أي قد لا يفوز في الانتخابات. هذا إذا تمّت في الأساس.
وستخرج أمريكا في حرب النماذج.. الأدنى عالمياً.
لن تفيدها عضلاتها العسكرية. ستتقدم عليها الصين التي خرجت الآن من أزمتها بنحو أو بآخر.
كورونا عجّل بتراجع أمريكا إلى ما بعد مرتبة الصين!
أما السعودية، التي تفاخرت بمؤسستها ونظامها الصحّي، فكارثتها ليست بعيدة.
كل الأرقام التي تُنشر لا تقترب إلى معشار ما يحدث.
النظام الصحي لم يُختبَر بعد في مواجهة الكوارث.
الى ما قبل كورونا الجديد، كان النظام الصحي السعودي عرضة للنقد باستمرار.
توقف النقد، وتحدث الجميع عن البطولة!
ما بعد كورونا للسعودية خطير وكارثي.
إذا نجت من كارثة كورونا (إن شاء الله)، فهناك كارثة اقتصادية عمادها أمران:
نفط رخيص جداً (قلة إيرادات).
صرف كبير جداً (لمواجهة كورونا وتداعياته على تعطّل الحياة الاقتصادية أو شللها).
وفوق هذا هناك بالتداعي، تراجع سوق الأسهم بشكل حاد.
السعودية ما بعد كورونا، ستكون ضعيفة اقتصادياً.
ضعيفة سياسياً، لقصور ذاتي، وكذلك نتيجة الصفعات التي أكلتها وستأكلها.
الدولة السعودية العظمى خرافة، وكورونا سيثبت حتى للأعمى ذلك!
النظام السعودي الحاكم سيلاحقه الفشل حتى في مواجهة كورونا، وكذلك في اليمن وقطر وغيرها.
سيكون نموذجا سيئا!
بإمكان النظام أن يخفف من النتائج الكارثية لكورونا في الاقتصاد والسياسة، وحتى على شرعية النظام، وعلى (بطولات ابن سلمان).
بإمكانه التخفيف من الأحمال الزائدة: إطلاق سراح المعتقلين -إيقاف حرب اليمن- تهدئة أو حتى إيقاف الصراع الإقليمي ـ العودة إلى التنسيق بشأن خفض الإنتاج النفطي!
بقدر ما إن كورونا (كارثة).. هو أيضاً يمثّل فرصة لمن يعقل!
فرصة لتعديل السياسات، فرصة للاعتماد على الذات وتطويرها.
قرأت لقيادات إيرانية كيف يتحدثون عن كورونا كفرصة بهذا المعنى. والصين تتحرك الآن كأن كورونا فرصة، تابعوا مساعداتها، وحركة اقتصادها. روسيا تتحرك في ذات الاتجاه أيضاً.
كان كل هم ابن سلمان، هو فرصة G20 واجتماع القادة في الرياض في نوفمبر القادم.
ربما لا يحدث ذلك أساساً.
هذا المؤتمر ليس فرصة حقيقية للرياض. هو مجرد مناسبة لتصوير "الصغير" مع "الكبار"! وللتغطية على جرائم النظام في اليمن وفي قضية خاشقجي وغير ذلك.
المظاهر والأضواء تعمي بني سعود وذبابهم!
* كاتب وباحث يساري ورئيس حركة خلاص المناهضة لنظام الأسرة المالكة السعودية
المصدر د. حمزة الحسن
زيارة جميع مقالات: د. حمزة الحسن