قتل الإنسان ما أكفره
 

نجم الدين الرفاعي

نجم الدين الرفاعي / لا ميديا -

قلق، هلع، احترازات، حجر منزلي، إجراءات استثنائية، تعطيل لكل التحركات والنشاطات.
كورونا أدخل الرعب إلى قلوب البشرية وأفزع الكبار والصغار وهو عارض طارئ ووباء ظهر مصداقا لقوله تعالى: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس".
غرور الإنسان ورغبته في السيطرة على أقرانه بإزهاق أرواحهم بغير حق، صنع هذا القاتل الصامت.
الممارسات الظالمة للإنسان بحق أخيه الإنسان ملأته تجبرا فأعطى لنفسه ما لا يملك؛ منح الحياة أو سلبها.. ظهر جراء بعد هذا الكائن المغرور عن توجيهات الله وفطرته السليمة التي خلق الإنسان عليها واستمراره في الابتعاد عن الله وعدم الاستجابة إلى ما يحييه وإلى ما فيه خير الدنيا والآخرة.
لو فزعنا إلى الله وخفنا من وعيده واحترزنا من الوقوع في محارمه وعطلنا مكائد الشيطان بالتزامنا بهدي الله وتوجيهاته، لتحقق لنا سعادة الدنيا والآخرة.
لو خفنا من الله وألزمنا أنفسنا السير وفقا لتوجيهاته فلا نظلم ولا نفسد ولا نكذب ولا نخون ولا نرتكب المحرمات ولا نظلم ولا نتهاون بأوامر الله وتوجيهاته، وتحركنا وفقا لما أراد الباري لنا جهادا وبناء ونشرا لأسباب الحياة وتحقيق الغاية السامية من خلقنا كخلفاء لله في الأرض وما يعني ذلك من نشر لأسباب الحياة وتحويل حياتنا بكل تفاصيلها إلى عبادة للخالق وتسبيح وتبيجل وتعظيم له، لوقينا أنفسنا وأهلينا نار الآخرة وكل الويلات الناتجة عن انحرافنا في الدنيا.
كورونا شأنه شأن كل المآسي التي حصدت أرواح عشرات وربما مئات الملايين جراء خروج هذا الكائن المتعجرف عن أوامر الله ومخالفته لتوجيهاته.
غاب الخوف من الله من قلوب الظالمين فصنعوا الأوبئة وقتلوا الأرواح التي حرم الله، وبغى بعضهم على بعض للسيطرة على دنيا لا تدوم لهم والحصول على قوة لا تدوم ولا يمكن السيطرة عليها، فذهبت القوة وزالت الحياة بموت الظالمين، وبقي الوزر وسوء المنقلب.
كورونا الذي وصل إلى كل منزل على وجه المعمورة، إن لم يكن بشكل مباشر فبحالة الخوف الذي تشاركته البشرية بغض النظر عن اختلافاتها، يشكل فرصة للعودة الحقيقية إلى الله، فإذا كان خوفنا من هذا المخلوق اللامرئي قض مضاجعنا وأرق نومنا وأعراضه مؤقتة وكل آلامه تنتهي بالموت في أسوأ الأحوال، وما يمثله الموت من انتقال من حياة فانية إلى الحياة الباقية التي ستكون إما سعادة لا شقاء فيها وإما شقاء لا سعادة فيها، طريقان لا ثالث لهما.. أليس الله الخالق لكل شيء واللطيف والخبير والعظيم والرحيم والعليم والرازق أحق بالطاعة له والخوف منه والعودة إليه والسمع لتوجيهاته، باعتبار هذه العودة هي العلاج الحقيقي والأعم التي تحمل سر سعادة البشرية وسلامتها وصحتها ورخائها ونجاتها في الدنيا والآخرة.
عودة محببة يرضاها الله ويدعو إليها، فهل ستهدينا عقولنا إلى ذلك، أم سيحولنا خوفنا من كورونا إلى عبيد لكورونا نخافه أكثر من مخافة الله، فنزداد تيها عن الحق وبعدا عن هداية الله للعلاج لكل ما نعانيه من شقاء، وخسرانا لدنيانا وسقوطا في شباك الشيطان وبعدا عن فطرة الله واستحقاقنا لعذابه بما كسبت أيدينا.

أترك تعليقاً

التعليقات