سؤال أتحداك أن تجيب عليه
 

جميل الكامل

الشاعر/ جميل الكامل / لا ميديا -
عاد صديقي وأخي الذي شارك اليوم في إحياء فعالية عيد الغدير، وهو من هو، صاحب التربية والبصيرة، ولا أكذب فهو فعلا صاحب بصيرة وهو عندي من أكثر من أعدهم كذلك، عاد اليوم من مشاركته في فعالية إحياء يوم الولاية مسرورا وحزينا في الوقت نفسه، مغبرا لا يعرف أن هالة إدلال صفراء تكسو وجهه المشرق وآثار امتنان خفي ربما لم يدركه هو لما قام به، لا أدري كيف أدركتها! ربما كان أجر التعب والنصب الذي ربما مر بي مثل كثيرين ممن اجتهدوا في هذا اليوم المبارك وراء ذلك.
سألته: كيف كانت الفعالية؟ أجاب: فعالية فوق ما تتصور وشاركت فيها وعملتُ... وعملتُ... وبدأ يعدد لي ما قام به؛ لكن... وصمتَ.
لكن ماذا؟ ولماذا صمت؟
لكن لا أحد يقدر جهودك ولا أحد يثمن ما تقوم به! لا أحد يسأل عنك، كل واحدٍ ركب سيارته واضطررنا كما ترى نمشي كل هذه المسافة على الأقدام.
الحقيقة أنه كان مفلساً، أقصد ماديا ومتعبا وجائعا، ويبدو ذلك على وجهه الشاحب، وربما هذا هو سبب عدم الرضى الذي يظهر عليه! ومع جهوده هذه هو حائر بين أن يشكو فيحرم الأجر وبين أن يصمت ويبدي الرضى وهذا يعني أنه سيقضي بقية يوم الولاية معدما، وجائعا.
كنت أرى نفسي فيه إلى درجة التطابق، وأحيانا كثيرة حين يمن الله عليك فتكون صادقا يريك الله من تجليات ربوبيته وتربيته لك وبلطف عجيب ما كنت ستقدم عليه ربما بعد لحظات وأنت تظن أنه ليس خطأ يجعلك الله تراه بأم عينك في شخص آخر يبعثه الله إليك ليصلحك به يقوم بما كنت ستقوم به لتدرك فداحة ما كنت سترتكبه، وهذه إشارات لا تفهم إلا حين يكون مستوى الإيمان مرتفعاً، وهذا ما حدث، ما كنت أفكر به وسأقوله ربما لأول من ألتقي به أو يسألني فعله، وقاله صديقي هذا لأتحول إلى ناصح أمين قائم بواجب التواصي بالحق والصبر.
فسألته سؤالا في الحقيقة حتى أنا لم أكن أعرف إجابته ولا أدري كيف خطر لي، وفي الحقيقة كان السؤال لي وله، قلت له: كم تتوقع نسبة ولائك ونصرتك وعدائك وخذلانك للإمام علي عليه السلام؟ أو قل ولاءنا جميعا ونصرتنا وعداوتنا وخذلاننا، قلت: لكن أجب بصدق.
أطرق قليلا وفهم ما أريده من السؤال، فكما قلت لكم مسبقا إنه صاحب بصيرة، هل فهمتم أنتم ما فهمه هو؟ قد تكونون فهمتم، لكن سأفترض أقل الاحتمالات وهو عدم الفهم. فهم وأدرك أني أقصد بقدر نسبة ولائك ونصرتك عليك أن تثق بولاية ونصرة الله لك في كل أمورك ولاءً ونصرة عاجلة غير آجلة، وبقدر عدائك وخذلانك تكون نسبة عداء وخذلان الله لك.
كما فهم أن ما يعانيه من القل والفقر والغربة والحاجة وكل ما يتعلق بحياته متوقف على هذه النسبة، فإن كان صادقا فستغنيه دعوة رسول الله وتطعمه وتنصره وتجبر كسره وتسد فاقته وتكفيه دون تأخير فإن الله يقول عن نفسه إنه سريع الحساب.
هل عرفتم لماذا أطرق إذن ليجيب بعد هنيهة إجابة جعلتني حتى لو كنت أملك الإجابة لأحجمت عنها، قال: طالما قلت بصدق فهذا السؤال يحتاج إلى سيدنا الإمام علي ليجيب عليه.
نظر إلي مبتسما وبادلته الابتسامة وافترقنا. لم نكن نملك إلا هذه المشاعر والقليل من الكلام، فتبادلناها، ولو كنا نملك شيئا آخر لكان أحدنا واسى أخاه به. وظلت هذه الإجابة تجول في خاطري، هذا السؤال يحتاج إلى سيدنا الإمام علي ليجيب عليه، وأين نجد سيدنا الإمام علي ليجيب عنه؟! وكأن تفكيري به حتى قطعت بقية مسافة الطريق أنار قلبي وعقلي لأدرك ولأول مرة كم أنني بعيد عنه ومنفصل عنه، حيث قلت في نفسي: لو كان موجودا وحيا لسألناه: أليس مجرد التفكير بأنه ليس حيا وغير حاضر ضرب من الانقطاع عنه ومن الجفاء له وهو شهيد المحراب؟! وقد نهانا الله فيما يخص الشهداء أن نقول وأن نحسب حتى أنهم موتى، فقال: "ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات"، وقال: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء".
هذه الآيات فتحت لي بارقة أمل للتَّواصل به عليه السلام طالما وهو حي، وهذا الشعور فتح لي باب التواصل بروحه الطيبة الطاهرة فكتبت من إيحاءات هذا التواصل هذه الأسطر والتي سأوردها في المقال التالي غدا بمشيئة الله.
* نسبة الولاء والنصرة والعداوة والخذلان من إيحاءات يوم الغدير.
تفسير إشاري لما قام به رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله في يوم الغدير.

أترك تعليقاً

التعليقات