التحولات شرق اليمن وانعكاساتها على الوحدة اليمنية
- أنس القاضي الأثنين , 29 ديـسـمـبـر , 2025 الساعة 1:05:43 AM
- 0 تعليقات

أنس القاضي / لا ميديا -
تأتي التطورات المتسارعة في جنوب وشرق اليمن من بينها الصدام الأخير بين السعودية و«الانتقالي»، في سياق داخلي يتّسم بتآكل متزايد لمركز القرار السياسي والعسكري لمعسكر العدوان، وتحوّل ما يُفترض أنها سلطة مركزية إلى إطار شكلي بـ»مجلس القيادة»، الذي شُكِّل كصيغة توافقية لإدارة الانقسامات داخل معسكر العدوان، لم ينجح في توحيد قواه، بل أصبح مع مرور الوقت مظلّة تنافسية بين قوى متباينة المصالح والارتباطات، وهو ما أسّس لبيئة رخوة تتحرّك داخلها الصراعات اللاحقة.
هذا التآكل انعكس عملياً في فقدان احتكار سلطة «الشرعية» لوظائف الدولة، وعلى رأسها الأمن وإدارة الموارد، ومع توسّع نفوذ القوى المحلية المدعومة من الإمارات والسعودية، باتت السيطرة الميدانية هي مصدر «الشرعية الواقعية»، وفي هذا الإطار يمكن قراءة التطورات في حضرموت لا بوصفها تمرّداً عسكرياً على دولة أو سلطة مركزية قائمة، بل صراعاً على النفوذ داخل معسكر واحد.
السياق الإقليمي
إقليمياً، تتحرّك التطورات ضمن بيئة تتّسم بمرحلة إدارة الخلافات لا السعي إلى الحسم لصالح طرف أو حل الأزمة اليمنية عموماً، فالعلاقة (السعودية -الإماراتية) في اليمن، رغم التنسيق منذ بداية الحرب العدوانية 26 مارس/ آذار 2025م، حملت في السنوات الأخيرة تباينات واضحة في الأولويات وأدوات النفوذ، تميل السعودية إلى مقاربة حذرة تركّز على أمن الحدود ومنع الانفجار الشامل، فيما تدفع الإمارات باتجاه تغيير موازين السيطرة والخرائط بما يخدم مشروع الانفصال أو إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية لجنوب وشرق البلد.
هذا التباين لا يتخذ بالضرورة شكل صدام مباشر، بل يظهر في توزيع الأدوار وترك مساحات رمادية للحركة، تصل فيها المنافسة بين الدولتين إلى أقصى درجاتها من دون الصدام المباشر، وهو ما يفتح الباب أمام وقائع ميدانية تتقدّم أحياناً على التفاهمات السياسية، وتفرض نفسها لاحقاً كأمر واقع.
إلى جانب ذلك، يكتسب البعد العُماني أهمية خاصة، لا سيما في المهرة، حيث تتقاطع الاعتبارات الأمنية والحدودية مع حساسية مسقط تجاه أي تغيير مفاجئ في موازين القوة والجغرافية السياسية قرب حدودها، هذا العامل الإقليمي الإضافي يحدّ من قدرة أي طرف على الذهاب بعيداً في فرض وقائع حادّة، لكنه في الوقت ذاته لا يقدّم حلاً للأزمة.
السياق الدولي
دولياً وبشكل أدق غربياً، تجري التطورات في ظل مقاربة تتقدّم فيها اعتبارات الاستقرار الإقليمي وأمن الملاحة على حساب التوصل إلى حل جذري للأزمة اليمنية عموماً ناهيك عن أزمة المرتزقة؛ فالمواقف الأممية والغربية، رغم تأكيدها اللفظي المتكرر على «الحفاظ على وحدة اليمن»، تفتقر إلى أدوات ضغط فعّالة قادرة على منع تشكّل وقائع انفصالية على الأرض.
في هذا السياق، يُلاحظ أن الخطاب الدولي يميل إلى التعامل مع اليمن بوصفه ملف إدارة أزمات لا مشروع تسوية سياسية شاملة، ويُفتح المجال، ضمنياً، أمام وكلاء الإمارات («الانتقالي» جنوباً، وقوات «طارق صالح» غرباً) لتقديم أنفسهم بوصفهم «شركاء وظيفيين» في ملفات «مكافحة الإرهاب» و«تأمين الملاحة الغربية والإسرائيلية»، وهو ما يمنح مشاريع الوكلاء الانفصالية والانعزالية قابلية للتسويق الدولي.
هذه الفجوة بين الخطاب الغربي والممارسة العملية، تخلق بيئة تسمح بتآكل الوحدة اليمنية عموماً، ووحدة ما توصف بـ«بالسلطة الشرعية»، على نحو تدريجي، من دون الحاجة إلى إعلان رسمي بالانفصال؛ فالوحدة اليمنية في هذا الإطار، تبقى قائمة في نصوص القرارات الدولية وبيان الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، بينما تُفرَّغ من مضمونها السيادي على الأرض.
تفاعل السياقات وتأثيره على مسار الوحدة
إن تداخل هذه السياقات الثلاثة (الداخلي، الإقليمي، والدولي) يُنتج مساراً معقّداً لا يمكن اختزاله في ثنائية بسيطة صراع بين مشروعي الوحدة والانفصال؛ فالتطورات الجارية تشير إلى مرحلة انتقالية غير مستقرة، تُعاد فيها صياغة موازين القوة ببطء.
ضمن هذا المشهد، يجري إعادة تعريف الدولة اليمنية في إدراك القوى الغربية والسعودية والإمارات، حيث تتراجع بوصفها دولة موحّدة ذات سيادة كاملة، لصالح ترتيبات أمنية وإدارية مجزّأة، تُدار إقليمياً وتُحتوى دولياً.
الفاعلون الرئيسيون وأهدافهم
الفاعلون المحليون:
في ظل السياق المشار إليه أعلاه، تتّسم الساحة الجنوبية والشرقية والغربية بتعدّد القوى المحلية الفاعلة، حيث باتت ما يُفترض أنها تمثل «الدولة المركزية» -أي «الحكومة المعترف بها دوليا ورمزها العليمي»- طرفاً محلياً ضعيفاً عسكرياً، يعوّل على الدعم السياسي الأجنبي أكثر من امتلاكه أدوات فرض النفوذ، وفي هذا الإطار، يتحرّك كل طرف وفق حسابات خاصة تتقاطع أحياناً وتتعارض في أحيان أخرى.
يبرز «المجلس الانتقالي الجنوبي»، في هذا السياق، بوصفه الفاعل الأكثر تنظيماً وحضوراً ميدانياً في الجنوب والشرق اليمنيين خلال الفترة الأخيرة؛ فسلوكه العملي يشير إلى سعيه لتكريس نفسه كسلطة أمر واقع، من خلال التمدد الأمني وملء الفراغ في مناطق انسحاب أو تراجع الإخوان والسعودية والعليمي، ويوحي هذا المسار بأن هدفه المرحلي يتمثل في السيطرة على كامل الجنوب، بما يتيح لاحقاً فرض خيارات سياسية أوسع، سواء بقيت ضمن إطار الدولة اليمنية أو خرجت عنه.
في المقابل، يبدو رشاد العليمي والحكومة التابعة له فاعلاً محدود القدرة على التأثير الميداني، تميل تحركاته إلى الطابع الدفاعي، سواء عبر الخطاب السياسي أو عبر السعي للحصول على دعم خارجي يوازن اندفاعة خصومه، ضمن سقف الحفاظ على الحد الأدنى من الشرعية والاعتراف الدولي.
أما القوى المحلية، وعلى رأسها المكوّنات القبلية والاجتماعية المرتبطة بكلٍّ من الشيخ «عمرو بن حبريش» المدعوم سعودياً في حضرموت، والشيخ «علي الحريزي» المدعوم من سلطنة عُمان في المهرة، فتتحرّك بدافع حماية المجال المحلي من هيمنة المناطق الأخرى، ويتّسم موقفها بالرفض الانتقائي لمحاولات «الانتقالي» فرض قوات عسكرية وأمنية من خارج المحافظة، مع استعداد للتكيّف مع صيغ تضمن قدراً من الإدارة الذاتية أو الشراكة المحلية مع أنصار «الانتقالي» من أبناء المحافظات ذاتها.
الفاعلون الإقليميون:
إقليمياً، وضمن منطق إدارة التفكك لا حسمه، تبرز السعودية والإمارات بوصفهما محرّكين خارجيين للمشهد، عبر دعم قوى محلية أو ضبط إيقاع التصعيد؛ السعودية تظهر كفاعل يسعى بالدرجة الأولى إلى منع سيطرة «الانتقالي» على المناطق القريبة من حدودها، لما لذلك من ارتدادات مباشرة على أمنها ومصالحها في حضرموت والمهرة، ويوحي سلوكها بميلها إلى حلول مرحلية تُهدّئ الأوضاع وتُرسّخ وكلاءها، ولا سيما قوات ما تُسمى بـ«درع الوطن» المدعومة سعوديا (غالبية عناصرها من الاتجاه السلفي في المحافظات الجنوبية)، في إطار إبقاء الوضع دون تغييرات جذرية.
في المقابل، تتحرّك الإمارات وفق مقاربة أكثر جذرية في توظيف «المجلس الانتقالي» لبناء نفوذ طويل الأمد، يهدف دعمها لـ«الانتقالي» إلى تمكينه ميدانياً ومؤسسياً، بما يخلق واقعاً وظيفياً جديداً في جنوب وشرق اليمن، يضمن لها هيمنة على الممرات البحرية والمناطق الاستراتيجية -ضمن مشروع بحري أوسع يتقاطع مع الاستراتيجيات الإمبريالية الغربية والصهيونية- ولا يعني ذلك بالضرورة اندفاعاً نحو إعلان انفصال رسمي، بقدر ما يعكس تفضيلاً لواقع مستقر يخدم مصالحها بغضّ النظر عن صيغة الوحدة.
إلى جانب ذلك، تلعب سلطنة عُمان دوراً مختلفاً نسبياً، إذ تتركّز أولوياتها على منع انتقال الاضطراب إلى حدودها مع اليمن، والحفاظ على توازنات محلية في المهرة لا تُنتج خصومات مباشرة معها -بعد تجربة مريرة مع الحركات اليسارية في ظفار المدعومة من اليمن الديمقراطية سابقاً- هذا الدور يفرض قيوداً إضافية على حركة «الانتقالي»، ويجعل من المهرة ساحة حسّاسة لأي إعادة تموضع إقليمي غير محسوبة.
الفاعلون الدوليون:
على المستوى الدولي، يظهر الفاعلون الدوليون بوصفهم ميسّرين لإدارة الأزمة أكثر من كونهم رعاة لحل سياسي شامل؛ فالأمم المتحدة، رغم تمسّكها العلني بوحدة اليمن، تفتقر إلى أدوات تنفيذية تمكّنها من التأثير الفعلي في سلوك القوى المحلية أو الإقليمية، ويظل دورها محصوراً في الحد من التصعيد والحفاظ على قنوات الحوار.
أما القوى الغربية، فتتعامل مع اليمن من زاوية وظيفية بالأساس، حيث تتقدّم اعتبارات «أمن الملاحة» و«مكافحة الإرهاب» على أي نقاش معمّق حول شكل الدولة أو وحدة أراضيها، دون أن يعني ذلك تجاهل أطماعهم في النفط والغاز اليمني، يفتح هذا النهج المجال أمام «الانتقالي» وطارق صالح لتقديم أنفسهم كشركاء موثوقين في هذه الملفات.
لا يدفع هذا السلوك الدولي مباشرة نحو تفكيك اليمن، لكنه يخلق بيئة تسمح بتعايش طويل مع واقع مجزّأ، طالما أن هذا الواقع لا يهدّد المصالح الأساسية للقوى المؤثرة.
تفاعل أهداف الفاعلين
إن تفاعل أهداف هؤلاء الفاعلين، المحليين منهم والإقليميين والدوليين، ضمن السياقات المشار إليها سابقاً، يُنتج مشهداً معقّداً تتداخل فيه مسارات التنافس والتكيّف؛ فلا يوجد فاعل واحد يمتلك القدرة على فرض مساره منفرداً، كما لا يوجد توافق صريح على شكل الدولة أو مستقبل وحدتها.
ضمن هذا التوازن الهش، تتحرّك التطورات بخطوات متدرّجة تُراكم الوقائع وتؤجّل الحسم، ما يجعل مستقبل الوحدة اليمنية رهيناً بمحصلة سلوكيات متراكمة قد تُفضي، مع مرور الوقت، إلى إعادة صياغة شكل الدولة اليمنية، سواء أُعلن ذلك رسمياً أم بقي ضمنياً.
مؤشرات التحوّل الاستراتيجي
مؤشر التفكك المؤسسي:
تُظهر التطورات الأخيرة تزايداً في مظاهر تآكل الوظيفة المؤسسية للدولة التي يُفترض أنها تابعة لما تُسمى «الشرعية»، حيث باتت مؤسسات يفترض أنها سيادية -كالأجهزة الأمنية، والإدارات المحلية، والمرافق الاقتصادية- تتصرف خارج قرار «الحكومة»، و«مجلس القيادة»، وتأتمر مباشرة من قبل «الانتقالي».
هذا المسار لا يتجلى فقط في إنشاء هياكل موازية، بل أيضاً في توظيف مؤسسات قائمة لخدمة «الانتقالي» وإعلان انحيازها له ولمشروعه الانفصالي، ما يحوّل ما تُسمى «الشرعية» من كونها إطاراً قانونياً جامعاً إلى وظيفة تُمنح لمن يملك القدرة على السيطرة.
مؤشر إعادة هندسة المجال الأمني:
يعكس المشهد الأمني في الجنوب والشرق تحوّلاً نوعياً في طبيعة السيطرة، حيث لم يعد السلاح والأمن محصورين ضمن بنية واحدة، كما كان يهدف له «اتفاق الرياض» وإعلان نقل السلطة، بل أصبحا موزّعين بين قوى متعددة ذات مرجعيات مختلفة، تسيطر على المجال الحيوي كالطرق الدولية، والمنشآت النفطية، والمنافذ.
مؤشر إعادة تعريف الوحدة:
تُظهر التطورات الراهنة أن مفهوم الوحدة اليمنية نفسه بات محلّ إعادة صياغة غير معلنة؛ فبينما يستمرّ الخطاب الرسمي (المحلي والدولي) في التأكيد على وحدة اليمن، تتراجع على الأرض مظاهر السيادة الموحّدة، لصالح ترتيبات مجزّأة تُدار وفق أولويات أمنية وإدارية منفصلة. سواء داخل الجنوب والشرق أو الشمال والغرب.
مؤشر القبول الخارجي الضمني:
يمثّل الموقف الإقليمي والدولي عاملاً حاسماً في تحديد اتجاه التحوّل، ويُلاحظ في المرحلة الراهنة ميل متزايد إلى قبول وقائع الأمر الواقع طالما أنها لا تهدّد المصالح الحيوية، كأمن الحدود أو الملاحة الدولية، هذا القبول لا يُعبَّر عنه باعتراف سياسي صريح، بل يتجسّد في التسامح مع ترتيبات أحادية، أو في التعامل البراغماتي مع قوى محلية بوصفها شركاء وظيفيين.
مؤشر الرفض المحلي والمقاومة المجتمعية:
في مقابل مؤشرات التفكك، يبرز الرفض المحلي - خصوصاً في حضرموت والمهرة - كمؤشر كابح لا يمكن تجاهله، هذا الرفض لا يتخذ بالضرورة شكل مشروع سياسي بديل، أو صدام مسلح، لكنه يعكس حساسية مجتمعية تجاه فرض «الانتقالي» ترتيبات أمنية من خارج المحافظة بما يُعيد إلى الأذهان انقسامات أحداث 13 يناير/ كانون الثاني 1986م.
التفاعل بين المؤشرات واتجاه التحوّل العام
لا تعمل هذه المؤشرات بمعزل عن بعضها، بل تتفاعل ضمن مسار تراكمي يحدّد اتجاه التحوّل الاستراتيجي؛ فتعاظم التفكك المؤسسي وتعدّد الفاعلين العسكريين، إذا اقترن بقبول خارجي ضمني وضعف في الرفض المحلي للترتيبات، يرجّح مسار التفكيك، أمّا في حال تصاعد المقاومة المجتمعية وتحوّلها إلى قوة سياسية مؤثرة، فقد يُعاد فتح مسار إعادة التماسك، ولو بصيغة جديدة.
تقدير الموقف العام
تشير مجمل المعطيات إلى أن المشهد اليمني، ولا سيما في الجنوب والشرق، يتجه نحو إدارة تفكك لا نحو حله، فالسيناريوهات المطروحة، على اختلافها، لا تعكس وجود مشروع متكامل لإعادة بناء الدولة أو استعادة الوحدة اليمنية ضمن مفهوم سيادة «السلطة الشرعية» على كل الجغرافيا الواقعة خارج سلطة صنعاء الوطنية، بقدر ما تعكس محاولات متنافسة لضبط الانقسام ومنع تحوله إلى انفجار غير قابل للاحتواء.
ويظل سيناريو الصدام العسكري قائماً بوصفه نتيجة محتملة لاختلال هذا التوازن -ومع تعنت «الانتقالي»- لا خياراً مفضّلاً لأي من الأطراف؛ وتكمن خطورته لا في نتائجه المباشرة فحسب، بل في كونه قد يُنهي مرحلة التفكك الراهن المسيطر عليه، ويفتح الباب أمام فوضى أوسع، تدخل البلد في حرب أهلية وتعمق الانقسامات اليمنية.
الخلاصة: إن الأزمة في جنوب وشرق الوطن، في مرحلتها الراهنة، لا تتحدد بوصفها مسألة وحدة أو انفصال ضمن هذا العنوان الأكبر والتحول الجذري، بل بوصفها مسألة ضبط صراع وتوزيع نفوذ بين قوى محلية وإقليمية بلغت ذروة تنافسها في هذه المحافظات، وفي هذا الإطار، يُعاد التعامل مع مفهوم «الدولة اليمنية، الوحدة اليمنية» ليس بوصفه مشروعا سياسيا يمنيا جامعا، بل كشعار سياسي وأداة تستدعى عند الحاجة، بينما يُترك الواقع الميداني يتجه نحو مزيد من الترسخ والتعقيد.
إن بقاء هذا النمط من الإدارة للأزمة الواقعة في جنوب وشرق الوطن، المتمثل في المحافظة على الوضع القائم ومحاولة استعادة التوازنات بين السعودية والإمارات والقوى التابعة لهما، سيؤدي على المدى المتوسط، إلى إعادة إنتاج الأزمة بأشكال أكثر تعقيداً، سواء عبر صدامات دورية من حين لأخر أو عبر ترسيخ تقسيم الأمر الواقع. ويُصبح هذا الواقع القائم أخطر من الناحية الاستراتيجية على الوحدة اليمنية، بتضافر التعدد والانقسام في الجنوب والشرق مع تعدد السلطات في الشمال والغرب في صنعاء ومأرب وتعز والمخا، وعليه، فإن أي مقاربة جدية لحماية الوحدة اليمنية لا يمكن أن تنطلق من إدارة التفكك، ولا من الدفاع عن الوحدة لصالح «رشاد العليمي» في مواجهة « عيدروس الزبيدي»، بل من إعادة بناء الدولة الموحدة نفسها عبر حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، وهو ما لا تظهر مؤشراته بوضوح في اللحظة الراهنة.










المصدر أنس القاضي
زيارة جميع مقالات: أنس القاضي