أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -
يُمثل الاتفاق بين أذربيجان وأرمينيا الموقَّع في واشنطن في 8 أغسطس الجاري 2025، برعاية أمريكية، تحولاً استراتيجياً في مسار النزاع الممتد منذ ثلاثة عقود حول إقليم ناغورني قره باغ.
جاء الاتفاق في ظل تراجع الدور الروسي التقليدي في جنوب القوقاز، وانشغال موسكو بالحرب الأوكرانية، ما أتاح للولايات المتحدة فرصة لملء الفراغ الاستراتيجي وتعزيز حضورها في منطقة تُعد جزءاً من المجال الحيوي لروسيا وإيران. وهو جزء من مشاريع ترامب القائمة على الصفقات كصفقة القرن، وضمن مشاريع أمريكية تتجاوز ترامب متعلقة بالصراع حول الممرات التجارية، على غرار مشروع "طريق الهند الشرق الأوسط".
على المستوى الجيوسياسي الأوسع، يعكس الاتفاق تقدّم المحور الأمريكي - التركي - الأذري، المتقاطع مع المصالح "الإسرائيلية"، على حساب محور المقاومة؛ إذ يضعف أوراق القوة الإيرانية في القوقاز، ويعزز الطوق الجغرافي والسياسي حولها. كما يندرج الاتفاق في إطار الصراع الدولي حول شكل النظام العالمي، إذ يشكّل خطوة لصالح ترسيخ النفوذ الأمريكي وإضعاف المسار المتعدد الأقطاب. هذا الاتفاق يعكس إمكانية الولايات المتحدة رغم انحسارها العالمي أن تعيد إنتاج نفوذها الاستراتيجي، وسبق هذا الاتفاق الشهر الماضي رعاية اتفاقية السلام بين رواندا وجمهورية الكونغو.

الخلفية التاريخية للنزاع الأذري الأرمني
تعود جذور النزاع بين أذربيجان وأرمينيا إلى حقبة ما قبل انهيار الاتحاد السوفييتي، حين بدأت التوترات القومية بالتصاعد في أواخر ثمانينيات القرن العشرين حول إقليم ناغورني قره باغ، وهو منطقة جبلية تقع ضمن الحدود المعترف بها دولياً لأذربيجان؛ لكن أغلبية سكانها من الأرمن.
الحرب الأولى (1991 - 1994): مع تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، اندلعت حرب شاملة بين البلدين حول الإقليم، انتهت بسيطرة القوات الأرمنية على قره باغ ومناطق محيطة به، رغم عدم اعتراف المجتمع الدولي بهذه السيطرة. وأُبرم وقف لإطلاق النار عام 1994؛ إلا أن النزاع ظل "مجمداً"، بينما استمرت جهود الوساطة الدولية بقيادة مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والتي كانت روسيا والولايات المتحدة وفرنسا من رعاتها الرئيسيين.
مرحلة الجمود والصراع منخفض الحدة (1994 - 2020): خلال هذه الفترة، ظل الوضع الميداني ثابتاً نسبياً، مع تسجيل اشتباكات متفرقة وسقوط ضحايا بين حين وآخر، وفشلت محاولات التسوية السياسية بسبب تمسك كل طرف بمواقفه القصوى؛ إذ أصرت أرمينيا على ضمان حق تقرير المصير لأرمن قره باغ، بينما تمسكت أذربيجان بوحدة أراضيها.
الحرب الثانية (2020): في سبتمبر 2020، اندلع قتال واسع النطاق انتهى بانتصار أذربيجان، التي استعادت أجزاء كبيرة من الأراضي المحيطة بقره باغ. جاء ذلك بدعم عسكري ولوجستي كبير من تركيا، وباستخدام تقنيات متقدمة مثل الطائرات المسيّرة، ما أضعف الموقف العسكري الأرمني، وأدى إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة روسية.
الحرب الثالثة (2023): في أعقاب تصعيد جديد تمكنت أذربيجان من بسط سيطرتها الكاملة على الإقليم عام 2023، ما أدى إلى نزوح نحو 100 ألف من الأرمن إلى داخل أرمينيا. هذا التحول الميداني زاد عزلة أرمينيا، وعمّق أزمتها السياسية الداخلية، كما أضعف الثقة في التزام روسيا بحماية حلفائها، خاصة بعد أن اكتفت قوات حفظ السلام الروسية بدور محدود ولم تتدخل لمنع التقدم الأذري.
بهذه التطورات، انتقل النزاع من مرحلة "الصراع المجمد" إلى مرحلة إعادة تشكيل شاملة للتوازنات الإقليمية، فاتحاً الباب أمام دخول أطراف جديدة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى معادلة القوقاز.

مضمون الاتفاق وبنوده الرئيسية
يهدف الاتفاق الذي وقع بين أذربيجان وأرمينيا في 8 أغسطس 2025 في واشنطن، إلى إنهاء النزاع المسلح الممتد منذ ثلاثة عقود، ووضع أسس لعلاقات دبلوماسية وتجارية وأمنية طبيعية بين البلدين، من خلال حزمة شاملة من الإجراءات.

البنود الجوهرية:
1. وقف دائم للأعمال القتالية: التزام الطرفين بوقف شامل ودائم لإطلاق النار، وضمان احترام متبادل لسلامة الأراضي والسيادة الوطنية.
2. إنشاء ممر بري استراتيجي ("مسار ترامب للسلام والازدهار الدولي" - TRIP)، يربط الممر أراضي أذربيجان بإقليم نخجيفان، مروراً بالأراضي الأرمينية، وصولاً إلى تركيا وأوروبا، ومنحت الولايات المتحدة حقوق تطوير حصرية للممر، بما يشمل إنشاء خطوط سكك حديدية، وأنابيب لنقل النفط والغاز، وكابلات ألياف ضوئية، ويُعد الممر بديلاً للمسار التقليدي عبر الأراضي الإيرانية، ما يغير خريطة العبور الإقليمي للطاقة والتجارة.
3. التعاون الاقتصادي والتكنولوجي: توقيع اتفاقيات ثنائية منفصلة بين الولايات المتحدة وكل من أذربيجان وأرمينيا، لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة، التجارة، والتكنولوجيا المتقدمة - بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، مع وعود أمريكية بدعم مشاريع البنية التحتية.
4. التعاون العسكري والأمني: رفع القيود الأمريكية السابقة على التعاون العسكري مع أذربيجان، وإتاحة فرص لمساعدات أمنية بملايين الدولارات، تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية.
5. إنهاء دور "مجموعة مينسك": تقديم طلب رسمي من الطرفين لحل "مجموعة مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والتي كانت روسيا والولايات المتحدة وفرنسا تشارك في رئاستها، في خطوة ترمز إلى إغلاق صفحة الوساطة التقليدية وإحلال رعاية أمريكية مباشرة. وقد أعلنت الخارجية الأرمنية أن كلاً من أرمينيا وأذربيجان أرسلتا إلى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا طلباً بحل "مجموعة مينسك" الخاصة بتسوية النزاع في قره باغ.

الأهمية الاقتصادية والسياسية للممرّات
1. الممرّ التقليدي عبر إيران: منذ التسعينيات وحتى ما قبل تحوّلات 2020، اعتمدت أذربيجان على مسار عبور يمرّ عبر الأراضي الإيرانية (معبر جلفا - محافظة أذربيجان الشرقية - نخجيفان - تركيا). منح هذا المسار طهرانَ رسومَ عبور منتظمة ودوراً محورياً في حركة التجارة والطاقة بين باكو ونخجيفان، ما وفّر لإيران أداة ضغط اقتصادية وسياسية على باكو، وأبقى حدودها مع أذربيجان نشطة ضمن توازنٍ إقليمي مريح لها.
2. ممرّ "زنغزور" (2020): بعد حرب 2020 واستعادة باكو لأراضٍ محيطة بقره باغ، طُرح ممر "زنغزور" عبر جنوب أرمينيا بوصفه ربطاً مباشراً بين أذربيجان ونخجيفان من دون المرور بإيران، وقد وفّرت موسكو المظلّة لهذا الطرح، بحثاً عن دورٍ ضابطٍ للتبادل والطرق. غير أنّ تداعيات حرب 2023 وتآكل ثقة أرمينيا بروسيا بدّلت الحسابات، وفتحت المجال أمام صيغة بديلة تقودها واشنطن. بالنسبة لإيران، كان "زنغزور" بمثابة تهديد مباشر لدورها كمعبرٍ إلزامي، ولإيراداتها ونفوذها على حركة التجارة الإقليمية.
3. الممرّ الأمريكي الجديد TRIP (2025): أقرت تسوية 8 آب/ أغسطس 2025 إنشاء "مسار ترامب للسلام والازدهار الدولي" (TRIP) عبر أرمينيا لربط أذربيجان بنخجيفان فتركيا وأوروبا، مع حقوق تطوير حصرية للولايات المتحدة تشمل السكك الحديدية وأنابيب النفط والغاز وكابلات الألياف الضوئية. بهذا يصبح (TRIP) بديلاً عملياً للمسار الإيراني، ويقترن بحلّ "مجموعة مينسك" وتحويل الرعاية من وساطة ثلاثية إلى إشراف أمريكي مباشر على شريان تجاري - طاقي استراتيجي.
4. الدلالات الاقتصادية: يتيح مسار ترامب (TRIP) إضافة خط إمداد أقلّ ارتهاناً بروسيا وإيران، ويُحسّن أمن الطاقة الأوروبي عبر ربط جنوب القوقاز بالبنية الغربية للأسواق، وهناك عوائد وفرص استثمارية أمريكية؛ إذ يُدخل شركات البنية التحتية والطاقة والتقنيات الأمريكية مباشرةً في تطوير الممر، مع إمكانات استثمارات رأسمالية كبيرة ومداخيل تشغيلية طويلة الأمد.
وفي المقابل بالنسبة لإيران يمثل المسار الأمريكي خسارة حركة عبور ورسوم ترانزيت، وتراجع نفوذها في تسعير وتوقيت الشحنات بين باكو ونخجيفان، ما يضعف إحدى أدوات تأثيرها الاقتصادي.
5. الدلالات السياسية - الجيوسياسية: يشكّل الإشراف الأمريكي على المسار الجديد تحوّلاً في مركز الثقل من الوساطة الروسية إلى إدارة غربية لشريانٍ حدوديّ حساس، بما يحدّ أدوات موسكو التقليدية (الممرات/ حفظ السلام/ مينسك)، كما يعمّق الربط المباشر بين أذربيجان وتركيا وتكاملَ الطاقة والتجارة والدفاع بينهما، ويرسّخ دور أنقرة باعتبارها جسر عبورٍ شرقي - غربي.
هذا الأمر يُضيّق خيارات طهران، من امتلاكها سابقاً ورقة عبورٍ إلزامي إلى طرفٍ متلقٍّ لنتائج ترتيبات خارجية، مع ما يستبطنه ذلك من قلقٍ أمني حيال حضورٍ أمريكي قريب من حدودها الشمالية.
6. مقارنة موجزة بين المسارات الثلاثة: عند النظر إلى الممرات الثلاثة: الممر الإيراني التقليدي، ممر "زنغزور" الذي طُرح برعاية روسية عام 2020، والممر الأمريكي الجديد (TRIP)، يتضح اختلاف جوهري في موازين المستفيدين والخاسرين، وكذلك في التأثيرات الجيوسياسية والاقتصادية لكل مسار.
الممر الإيراني التقليدي مثّل لعقود شرياناً حيوياً يربط أذربيجان بإقليم نخجيفان عبر الأراضي الإيرانية، ما منح طهران دوراً اقتصادياً وسياسياً مؤثراً من خلال تحصيل رسوم عبور مستمرة والتحكم في توقيت وإدارة الحركة التجارية؛ غير أن هذا المسار كان يقيّد خيارات باكو ويجعلها جزئياً رهينة للعلاقات الثنائية مع إيران.
أما ممر "زنغزور"، فقد طرحته موسكو في أعقاب حرب 2020 كبديل مباشر يربط أذربيجان ونخجيفان عبر جنوب أرمينيا، متجاوزاً الأراضي الإيرانية. كان من شأن هذا الممر أن يمنح روسيا دور الراعي والضامن، ويعزز التواصل المباشر بين باكو وأنقرة؛ لكنه واجه مقاومة إيرانية قوية وحذراً أرمينياً، ولم يتحقق فعلاً بعد حرب 2023، نتيجة تدهور الثقة بين أرمينيا وروسيا.
في المقابل، جاء الممر الأمريكي الجديد ضمن اتفاق 2025 ليغيّر المعادلة جذرياً؛ إذ انتقلت إدارة الممر إلى الولايات المتحدة، مع استبعاد كل من روسيا وإيران من ترتيباته، وبذلك أصبح الممر أداة استراتيجية بيد واشنطن لتعزيز نفوذها في جنوب القوقاز، ووسيلة لتركيا وأذربيجان لتعميق الربط الجغرافي والاقتصادي فيما بينهما، مع فتح مسارات طاقة وتجارة جديدة نحو أوروبا. وفي هذا تتمثل الخسارة الأكبر لكل من موسكو وطهران؛ إذ فقدت الأولى دور الوساطة والسيطرة على خطوط العبور، بينما خسرت الثانية إيرادات الترانزيت ونفوذها الجيوسياسي في الإقليم.

المكاسب والخسائر التفصيلية للأطراف
أذربيجان: يوفّر ممر (TRIP) ربطاً برياً مباشراً بين أذربيجان ونخجيفان عبر أرمينيا، مع امتدادٍ عملي نحو تركيا وأوروبا، ما يفتح أسواق الطاقة والبضائع من جنوب القوقاز إلى أوروبا ويُقلّص الاعتماد على المسار الإيراني التقليدي، ورفع القيود الأمريكية السابقة على التعاون العسكري، ما يُرجّح حصول باكو على مساعدات أمنية ملموسة ويعزّز قدراتها الدفاعية، ويكرّس الاتفاق الاعتراف الدولي بسيادة باكو على قره باغ، وهو مكسب سياسي داخلي معتبر.
أرمينيا: مكسب أرمينيا الجزئي هو الخروج من العزلة الاقتصادية – السياسية، عبر شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة ووعود بدعم البنية التحتية للطاقة والتكنولوجيا، ما يتيح تنويع الارتباطات بعيداً عن العلاقة السابقة مع لروسيا. ومع ذلك فله تأثير سلبي داخلي؛ إذ يُثير الانقسامات والاتهام للنظام الحاكم بالخيانة والتخلي عن الأرض، واحتمال إجراء تعديل دستوري يهدّد الاستقرار الداخلي، فأراضي الإقليم أرمينية بحسب الدستور الأرمني، كما أن نزوح نحو 100 ألف من أرمن قره باغ خلال 2023 يزيد حساسية الرأي العام ويصعّب تقبل المجتمع للاتفاق.
تركيا: يعزّز الربط المباشر عبر أرمينيا تكامل الطاقة والتجارة والدفاع بين تركيا وأذربيجان، ويوسّع مجال نفوذ أنقرة في جنوب القوقاز على حساب إيران وروسيا، مع فرص المشاركة في الإعمار والتنمية.
الولايات المتحدة: انتقال الملف من وساطة روسية إلى إشراف أمريكي مباشر يوفّر لواشنطن نفوذاً جيوسياسياً استراتيجياً على تخوم روسيا وإيران، ويجعلها الضامن لممر نقل ذي أهمية استراتيجية، وفي البُعد الاقتصادي امتلاك الولايات المتحدة حقوق التطوير الحصرية للممر (سكك/ أنابيب/ ألياف) تفتح فرص استثمار في البنية التحتية والموارد الطبيعية بالقوقاز.
روسيا وإيران: خسارة دور الوسيط والأدوات المؤسسية، فحلّ "مجموعة مينسك" التي كانت روسيا فاعلاً فيه، وتحوّل إدارة الممر إلى إشراف أمريكي يُضعف نفوذ موسكو التقليدي، ويُنظر إليه كـ"سحقٍ لمشروعاتها القديمة" وضربة لإمبراطورية نفوذها في المنطقة. كما أن تحويل المسار من الممر الإيراني إلى ممر (TRIP) يُفقد طهران رسوم ترانزيت ورافعة تأثير على أذربيجان.

التحدّيات وفرص التنفيذ والسيناريوهات المستقبلية

أولاً: التحدّيات:
قضايا إنسانيّة عالقة: لا يعالج الاتفاق بصورةٍ كافية ملفَّ النازحين الأرمن من قره باغ (أكثر من 100 ألف نازح عام 2023)، ولا يقدّم ترتيباتٍ واضحة لحقّ العودة أو ضمانات لحماية الأقليّات، وهو ما يُبقي التوترات الاجتماعيّة والسياسيّة داخل أرمينيا مرتفعة.
انقسام سياسي داخلي في أرمينيا: تواجه الحكومة الأرمنية ضغوطاً شعبية وسياسية، تشمل احتجاجات واتهامات بـ"الخيانة"، وتبرز حساسية أي تعديل دستوري يتعلّق بصياغات قره باغ. هذا قد ينعكس عدمَ استقرارٍ سياسي يُهدد استمرارية الالتزام ببنود الاتفاق.
غموض ترتيبات التنفيذ والأمن: لم يُحدّد الاتفاق أطر عمل ترسيم الحدود بصورة تفصيلية؛ فرغم تسويةٍ جزئية لمسافة 13 كيلومتر مربع في تموز/ يوليو 2024، ما يزال نحو 200 كيلومتر مربع موضع نزاع في الشمال الحدودي، وهو ما يُبقي احتمالات الاحتكاك قائمة على مسار الممرّ.

احتمالات التعطيل الإقليمي (روسيا وإيران)
روسيا: تنظر إلى فقدان حضورها السابق كامتداد للإمبراطورية والاتحاد السوفييتي كضربة جيوسياسية، وتلوّح أوساطٌ سياسية وعسكرية باعتماد أوراق ضغط لإبطاء التنفيذ.
إيران: رغم الترحيب المبدئي بوقف القتال، تحذّر من "عواقب أيّ تدخّل أجنبي" قرب حدودها، وتعتبر حضور شركة أمريكية في إدارة الممرّ مصدرَ قلق، مع رسائل واضحة من شخصيات نافذة باستهداف الممرّ إذا تعارض مع أمنها القومي.

ثانياً: فُرص التنفيذ:
تنويع مسارات الطاقة والتجارة نحو أوروبا: يُتيح الممرّ (TRIP) ربط جنوب القوقاز بالبنية الغربية، وتقليل الاعتماد الأوروبي على مساراتٍ عبر روسيا أو إيران، مع فرصٍ استثمارية مباشرة في السكك والأنابيب والألياف الضوئية.
تعظيم التكامل التركي - الأذري: يرسّخ الربطُ البرّي المباشر محورَ أنقرة - باكو في الطاقة واللوجستيات، ويوسّع قنوات التبادل نحو الأسواق الأوروبية عبر الأراضي الأرمنية.
موطئ قدمٍ أمريكية منظّم: تحقيق واشنطن "نصراً" دبلوماسياً وموطئ قدمٍ على تخوم روسيا وإيران يرفع احتمالات توفير ضمانات متابعة وتمويل وتنفيذ، بما يقي من انتكاسة "سلام الورق".

ثالثاً: السيناريوهات المستقبلية:
1. النجاح التدريجي: استكمال ترتيبات ترسيم الحدود وتحييد مناطق الاحتكاك، وترجمة الوعود الاستثمارية في البنية التحتية إلى عقود وتمويلات تنفيذية بإشراف أمريكي واضح، ويشترط امتصاص المعارضة الداخلية في أرمينيا عبر حزمة مكاسب اقتصادية - اجتماعية ملموسة.
عناصر هذا السيناريو تستند إلى "الضمان الأمريكي للممر" وحقوق التطوير الحصرية التي قد تدفع عجلة التنفيذ.
2. الجمود المُدار: بقاء ملفّ الحدود مفتوحاً (200 كيلومتر مربع) وتأجيلات تقنية/ أمنية متكرّرة، واستمرار الضغوط الروسية - الإيرانية بأدوات سياسية واقتصادية غير حاسمة. وفي هذا السيناريو يتم الحفاظ على وقف إطلاق النار، مع بطءٍ في تشغيل الممرّ.
3. الانتكاسة: تصعيدٌ داخلي في أرمينيا يربك الشرعية السياسية للتنفيذ، وتحوّل اعتراضات موسكو أو طهران إلى خطوات عملية من ضغوط حدودية، عراقيل لوجستية، أو تهديدات قانونية وأمنية، وفشل في تقديم معالجة إنسانية وحقوقية لملفّ النازحين، ينعكس توتّراً إقليمياً.

أترك تعليقاً

التعليقات