المقاومة لا تموت
 

أنس القاضي

أنس القاضي / #لا_ميديا -

باغتيال "تشيء جيفارا" لم تُصبح أمريكا اللاتينية ساحة مفتوحة آمنة للإمبريالية الأمريكية، بل تعاظم الاشتراكيون حضوراً في القارة. كما لم تتوقف المقاومة الفلسطينية ولم تأمن "إسرائيل" من بعد اغتيال "أبو علي مصطفى" و"أحمد ياسين"  و"أبو خليل الوزير"... وما عُرف عن حزب الله الوهن بعد استشهاد "عماد مُغنية". هذه هي التجربة التاريخية، في كل مرة يقوم الامبرياليون والصهاينة باغتيال قائد ثوري وجهادي مقاوم، تزداد حماسة المقاومين ويتصلب عود الحركة الثورية وتتعاظم حوافز استمرار النشاط الثوري الذي كان يَعمل عليه القائد الشهيد.
مما لا شك فيه أن اغتيال القادة يُفقد الحركة الثورية نضج التجربة التي تتجسد في شخص القائد، إلا أنها خسارة نسبية تتعرض بفعل الضرورة الضاغطة على الحركة الثورية كأمر موضوعي وبفعل الحوافز الجديدة للاستمرار كعامل ذاتي. والحركات الثورية ذات الثوابت الأيديولوجية الراسخة، والتي تُعلي من قيمة الفداء والتضحية والاستشهاد، هي عادة مدارس كفاحية مفتوحة يتخرج فيها الأبطال والقادة الثوريون المقاومون، وكذلك هوَ مِحور المقاومة في منطقتنا العربية الإسلامية.
خسر محور المقاومة شخصية قيادة فاعلة وازنة، باغتيال الشهيد "قاسم سليماني"؛ لكنه لم يخسر قضيته، ولم يُمحَ باستشهاد سُليماني تراكمه الجهادي والنضال الطويل، فلم يتوج سُليماني حياته بالشهادة إلا بعد أن ترسخ حضور قوى المقاومة، وبعد الهزيمة النكراء لداعش في سوريا والعراق، وبَعد أن أصبحت قوى المقاومة أشد حضوراً وفاعلية ميدانية وسياسية في كل من سوريا والعراق ولبنان وغزة الفلسطينية، وبلادنا اليمن من بعد ثورة أيلول 2014م، فمحور المقاومة اليوم في أوج قوته، قادر على العطاء وتقديم الجيد، فيما قوى العمالة للامبريالية والصهيونية في المنطقة تعيش حالة وهن وتراجع، مأزومة، وتفتقد روح وإمكانية المبادرة، وكانت  الثورات الملونة في لبنان والعراق آخر أوراقها، والتي فشلت في تحقيق الأهداف المُخططة.
 في العراق سَتثبت قوى المقاومة أنها الأقوى والأقدر على الحركة، ففي هذا البلد، الذي سقط فيه سُليماني، وصلت الحالة الشعبية لقوى المقاومة إلى مستوى من النضوج السياسي والوعي الكفاحي، فأحرقت السفارة الأمريكية ثأراً لكرامة العراق من قيام القواعد العسكرية الاستعمارية الأمريكية بقتل جنود من مجاهدي الحشد الشعبي العراقي، وطالبت الجماهير بطرد السفير الأمريكي وخروج القواعد العسكرية الأمريكية. أما اليوم، بعد استشهاد سُليماني  والمهندس، نائب رئيس الحشد الشَعبي، فإن قضية استعادة سيادة العراق ستصبح قضية الشَعب الأولى إذا لم تُحسم في أروقة السياسة والأجهزة الرسمية من البرلمان إلى الحكومة فإن الشعب وحشده العسكري لا يُمكن ان يسكت عليها. وهذا التناقض داخل العراق بين القوى المدافعة عن السيادة وبين القوى المؤمركة سيخلق خارطة سياسية جديدة سيكون الثقل فيها لا ريب للقوى العراقية التي تدافع عن سيادتها في وجه الوجود الاستعماري الأمريكي. 

أترك تعليقاً

التعليقات