العين الصهيونية على اليمن (1 - 2)
- أنس القاضي السبت , 21 ديـسـمـبـر , 2019 الساعة 6:01:41 PM
- 0 تعليقات
#أنس_القاضي / #لا_ميديا -
من يتابع الخطاب الصهيوني حول العدوان على اليمن يجد تصورا وموقفا مشتركا، يتكرر في خطابات قادة الكيان، وتحليلات وتوصيات مراكزه البحثية، ما يجعل منه موقفا استراتيجيا راسخا لدى الأوساط السياسية والعسكرية «الإسرائيلية»، لا خبرا إعلاميا ودعاية انتخابية، حيث إن معظم باحثيهم الاستراتيجيين قادة ومستشارين سابقين في الأجهزة الأمنية والعسكرية. وركائز هذه الرؤية الصهيونية التخوف من السيادة اليمنية على باب المندب، ومن حضور اليمن في محور المقاومة، والخوف من ضعف السعودية وهزيمتها، والقلق من امتلاك اليمن أسلحة استراتيجية تغير معادلة التوازن العسكري في المنطقة، ولهذا صدرت التهديدات الصهيونية بضرب اليمن من المجرم نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، وهي حصيلة هذا الفهم والموقف العدواني.
تحالف استراتيجي «إسرائيلي» سعودي
في ديسمبر الجاري، أقرت دراسة نشرها «مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» للباحث بالمعهد «يوئيل غوجانسكي» بعنوان «المملكة العربية السعودية ودول الخليج: الممالك في الجريان» بفشل السياسة «الإسرائيلية» العدوانية تجاه القواعد العسكرية الإيرانية في كل من سورية والعراق، مشيرا إلى أن المئات من الغارات ضد تلك المواقع الإيرانية في بلاد الشام لم تؤت ثمارها بتاتا، لا بلْ أكثر من ذلك استنفدت (المملكة العربية السعودية ودول الخليج: الممالك في الجريان، مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، 12/2019).
وبناء على ما تقدم في الدراسة، خرجت الدراسة بتوصية قائلة إنه يمكن لكل من «إسرائيل» والسعودية التعاون وتبادل الخبراء في مواجهة أعدائهما وتطوير استراتيجية مواجهة حروب إيران غير التقليدية والجماعات غير الدول التي تدعمها.
الدراسة الصهيونية الحديثة ذكرت أنه في العام 2017 أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأمريكي، أنه يمكن للسعودية والكيان الصهيوني تبادل المعلومات حول الأسلحة المصنعة في إيران، والتي تم توزيعها على الجماعات الوكيلة، وكذلك التشارك في المعلومات السرية حول القدرات العسكرية الإيرانية، بما في ذلك التعاون للحد من القدرات الصاروخية المتوسطة وطويلة المدى، وفهم ما تقوم إيران بتقديمه من قدرات عسكرية للجماعات الموالية لها، وماذا تعلمت «إسرائيل» والسعودية من خبرات في مواجهة هذه الجماعات. كما قالت الدراسة «الإسرائيلية»، وفي مجال تبادل الخبرات الأمنية والعقيدة العسكرية، قال الباحث غوجانسكي: «يتعين على البلدين تطوير حلول تكنولوجية عملياتية مشتركة برعاية أمريكية، وكذلك بناء دفاعات صاروخية فعالة بهدف إحباط الدقة الصاروخية الإيرانية»، على حد تعبير الباحث «الإسرائيلي».
في السياق عينه، قال المستشرق الصهيوني «د. يارون فريدمان» الحاصل على درجة الدكتوراه في جامعة السوربون الفرنسية، والذي يعمل محللا للشؤون العربية في موقع (YNET) الإخباري-العبري، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، قال إن مشكلة السعودية هي مشكلة «إسرائيل» أيضا: «الحوثيون وحزب الله ليسوا سوى فروع للسرطان نفسه بالمنطقة: إيران. وتماما كما يتعلم حزب الله من نضال الحوثيين، يجب على إسرائيل أن تتعلم من نجاحات وإخفاقات السعوديين، وسيكون من الجيد لو تعاون البلدان في الكفاح ضد الإرهاب الشيعي. وحتى ذلك الحين، هل يجب على إسرائيل أن تنتظر حزب الله لتنظيم الجولة التالية؟!» على حد تعبيره.
وشدد المستشرق «الإسرائيلي» في تحليله على أن الدولة العبرية والسعودية هما الحليفتان الرئيستان للولايات المتحدة في المنطقة، زاعما أنهما تواجهان، كلا على حدة، فرعين من إيران: حزب الله والحوثيين، حيث يتلقيان التمويل والتدريب والتسليح من إيران، والكفاح ضدهما يستغرق وقتا طويلا، ولا يمكن أن ينتهي في ضربة واحدة، فـ»إسرائيل» تشن حربا على حزب الله منذ 36 عاما، ولا يمكن رؤية النهاية في أي مكان، مختتما بتساؤل: «هل تستطيع السعودية أن تنجح حيث فشلت إسرائيل؟!» على حد تعبيره.
«إسرائيل» مع «الشرعية» ضد «الانقلاب»!
تعتبر «إسرائيل» أن «هادي» هو الرئيس «الشرعي» لليمن، وأن «الانقلاب عليه» في 21 سبتمبر 2014، والتقدم العسكري لقوات «الانقلاب» نحو عدن التي مثلت ملجأ الرئيس «الشرعي» أحد أسباب التدخل العسكري الخارجي الذي يحظى بدعم تحالف عربي وغربي بتفويض من الأمم المتحدة.
وتفسر الحرب في سياق المنافسة على مضيق باب المندب والبحر الأحمر، كجزء من الصراع الإقليمي بين إيران وحلفائها والمملكة السعودية وتحالفها العربي «السني المعتدل». وإن لهذا الصراع أبعاداً طائفية بجانب الأبعاد الجيوسياسية، وتولي «إسرائيل» البعد الطائفي أهمية أكبر.
فمحور المقاومة من وجهة النظر الصهيونية يريد أن تصبح إيران لاعبا إقليميا وذا تأثير هيمني في المنطقة، وتنصب إيران كقوة مركزية تدافع وتدفع مصالح الشيعة، ومعارضة نفوذ القوات الغربية، ولاسيما الأمريكية «الشيطان الأكبر» وحليفتها «إسرائيل - الشيطان الأصغر»، فيما تتحالف دول الخليج مع الغرب من أجل الزعامة السعودية على منطقة الخليج ومناطق المواجهة التاريخية بين السنة والشيعة، ومن أجل تثبيت التواجد الغربي في الإقليم الذي تسعى إيران إلى تصفيته أو تقليصه، وفي ذلك تهديد لأمن الخليج.
تتطابق النظرة «الإسرائيلية» مع دراسات الحقبة «الترامبية» في معهد واشنطن، باعتبار أنصار الله «متمردين» يهددون باب المندب بصواريخ إيرانية، ويجب على أمريكا مضاعفة حضورها في المضيق، والسيطرة على الساحل اليمني. كما تفترض «تل أبيب» أن أنصار الله منذ تشكلهم لعبة بيد إيران، على عكس الدراسات الأمريكية والروسية عن مرحلة تشكل أنصار الله، التي تربطها بالقضايا الاجتماعية والثقافية في شمال اليمن، وبالمتغيرات العالمية آنذاك، وخاصة من بعد أحداث 11 سبتمبر وتوسع أمريكا في «محاربة الإرهاب». ويستبعد «الإسرائيليون» أن تكون الصواريخ الباليستية مصنعة أو مطورة محليا، لأن ذلك يتطلب تكنولوجيا متقدمة لا يملكها أنصار الله وحليفهم صالح، ويرجحون أن تكون هذه الصواريخ مركبة في اليمن.
ترى «إسرائيل» أنه على المدى القريب لا تهدد هذه التطورات في العالم العربي أمنها بشكل مباشر، ورغم استفادة «إسرائيل» من ضعف البلدان العربية، فهناك قلق من تعميم الفوضى التي قد تخلق على المستوى البعيد قوى تهددها. ولا تخفي «إسرائيل» غبطتها بأن 5 سنوات من الصراع في الدول العربية جعلت العلاقات «الإسرائيلية» مع دول عربية أكثر سهولة، وأظهرت المصالح الأمنية المشتركة بين «إسرائيل» وما تسميه «الدول السنية» في مواجهة «إيران الشيعية»... وكون الانشغال بالموضوع الإيراني من شأنه أن يخفف جزءا من المعارضة العربية التقليدية للقيام بإجراء حوار أمني علني مع «إسرائيل».
من أجل تحقيق نصر ينصح الإسرائيليون السعودية والإمارات أن تستثمرا المزيد من القوات وأن تطلبا مساعدة كبيرة من حلفائهما. كما أصبحت مراكز الدراسات «الإسرائيلية» مؤخرا تنصح بقيام تحالف استراتيجي بين السعودية والكيان الصهيوني لمواجهة تحديات حزب الله في إيران وأنصار الله في اليمن.
الكيان الصهيوني في قلب الصراع
طرح «إسرائيل» لتصورها عن الصراعات في المنطقة يتطلب منها بالضرورة أن تعبر عَن موقعها من هذا الصراع، ومدى تأثيراته عليها سلبا وإيجابا. وبناء على الانطلاق من حقيقة أن «إسرائيل» قوة سياسية عسكرية بارزة في المنطقة، يراهن «الإسرائيليون» على واقع وجودهم الذي من شأنه أن يغير من السياسة المحيطة بهم نحو التطبيع السياسي والاقتصادي. ويعد البحر الأحمر نافذة «إسرائيل» إلى شبه الجزيرة العربية وأفريقيا وخط التماس العسكري معها الذي يجعلها بالضرورة ذات مصلحة وموقف من كل صراع وحراك عسكري في منطفة البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
تعتبر السيطرة على البحر الأحمر من أهم الاستراتيجيات «الإسرائيلية»، والتي بدأت بعد عام 1949 وتعاظمت هذه الأهمية والرغبة الصهيونية في السيطرة على البحر الأحمر والمخاوف مما بعد حرب 1973 حين أغلق البحر الأحمر أمام «إسرائيل» من باب المندب وخليج العقبة. وقد عبر رئيس وزراء «إسرائيل» آنذاك بقوله: «لو تمكنا من السيطرة على مواقع حيوية في البحر الأحمر فإننا سنتمكن من اختراق سور الحصار العربي، بل والانقضاض عليه وهدمه من الخلف». وأكد أيضا أن سيطرة «إسرائيل» على نقاط في البحر الأحمر ستكون ذات أهمية قصوى، لأن هذه النقاط ستساعد «إسرائيل» على التخلص من أي محاولات لحصارها، كما ستشكل في الوقت ذاته قاعدة لمهاجمة أعدائها في عقر دارهم قبل أن يبادروا إلى مهاجمتها (موشى فرجي: إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان نقطة البداية ومرحلة الانطلاقة، مركز ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، ترجمة: الدار العربية للدراسات والنشر).
ومؤخرا كشف مصدر عسكري يمني لصحيفة «لا» اليمنية (العدد 342-ديسمبر 2019) عن رصد القوات المسلحة اليمنية طلعات جوية للطيران الاستطلاعي والمسير التابع للعدو الصهيوني فوق الجزر اليمنية في البحر الأحمر. وأوضح المصدر العسكري لصحيفة «لأ» أن الطيران الاستطلاعي والطيران المسير «الإسرائيلي» نفذ مؤخرا العديد من الطلعات في منطقة جنوب البحر الأحمر وعلى وجه الخصوص فوق باب المندب وجزيرتي زقر وحنيش الكبرى وقرب سواحل محافظة الحديدة، مشيرا إلى أن تزايد طلعات الطيران «الإسرائيلي» فوق الأجواء اليمنية يؤكد أن «إسرائيل» تخطط لتنفيذ هجمات على اهداف يمنية.
وبيَّن أن القوات الصهيونية نصبت في الآونة الأخيرة أجهزة مراقبة وتجسس في أعلى قمة جبلية بجزيرة دهلك، بالتزامن مع قيامها بتنفيذ أنشطة تدريبية استخباراتية في قاعدتها العسكرية في مصوع وجزيرة دهلك في ارتيريا، بمشاركة عدد من ضباط استخبارات القاعدة العسكرية الإماراتية الواقعة في ميناء عصب.
وأشارت صحيفة «لا» إلى أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو أكد في تصريحات صحفية سابقة أن الطيران «الإسرائيلي» يشارك إلى جانب التحالف (العدوان) في اليمن لحماية مصالح «إسرائيل» على حد قوله.
هذا وكان قائد الثورة في اليمن، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في كلمة له بمناسبة المولد النبوي الشريف (2019)، قد حذر الكيان الصهيوني من أي عمل عدواني، وأكد أن الرد سيكون بضرب أهداف حساسة في عمق الكيان. ولاحقا أكد وزير الدفاع اليمني، اللواء محمد ناصر العاطفي، أن القوات اليمنية تمتلك عددا من الأهداف «الإسرائيلية»، وقادرة على ضربها في حال صدرت أوامر من القيادة بذلك.
المصدر أنس القاضي
زيارة جميع مقالات: أنس القاضي