بارود نزاع الأجنحة الملكية يشتعل مفخخات «البيعة»
- أنس القاضي الثلاثاء , 10 مـارس , 2020 الساعة 7:40:13 PM
- 0 تعليقات
أنس عبد الكافي / لا ميديا -
في صدارة المشاكل الجذرية التي تعاني منها السعودية، تظهر مُشكلة انهيار آلية انتقال السُلطة داخل الأسرة المالكة، واتساع عدد الأمراء الأحفاد، ومحاولة سلمان حصرها في أُسرته. وهذه الأزمة تتطور بشكل كبير، خاصة مع انكسارات حرب سلمان في اليمن، وهو الأمر الذي يرى بنو سعود أنه يؤدي إلى تدمير الدولة السعودية ذاتها. لقد انعكست هذه الحقيقة في تصريح آخر الأمراء أحمد بن عبد العزيز في لندن 3/9/2018، حين قال بأن المشكلة مع اليمن هي مشكلة السُلطة (سلمان وابنه) وليست مُشكلة أسرة بني سعود. واستمرار العدوان على اليمن يجعل الأسرة الحاكمة تتخوف على وجودها كعائلة حاكمة ونظام ملكي.
وظهرت هذه الأزمة بصورتها الحقيقية في أزمة الأمراء الرهائن حين قام بن سلمان باحتجازهم في 4-11-2017م وعملية الإقالات التي قام بها سلمان مُبعداً كل مراكز القوى العسكرية والأمنية والدبلوماسية التي قد تمثل خطراً محتملاً على ولده الأمير محمد بن سلمان.
الأزمات الجذرية (وفي صدارتها أزمة انتقال الحكم) تجعل السعودية عاجزة عن معالجة المشاكل العارضة والمتجددة بوتيرة كبيرة. ويتأتى هذا العجز من عدم قدرتها على حسم عدوانها على اليمن، والمشاكل الجديدة تعمل بدورها على تعميق الأزمات الجذرية وتزيد من صعوبة حلها في صالح أسرة سلمان بشكل خاص، وفي ما هو بصالح بني سعود بشكل عام.
فشل العدوان على اليمن يحفز وينضج كل هذه الأزمات، فالمملكة تفقد سمعتها الدولية، السياسية والأخلاقية، وتنفق معظم موازنتها على السلاح، وفي إسكات الأصوات الدولية والشخصيات والمنظمات عن الجرائم، وتفرض الضرائب على مواطنيها وتطرح الشركات للبيع وتنهب الأمراء، وكل هذا السلوك العدواني المتخبط بالاضطرار يحفز بقية الأزمات ويُعجل بسقوط المملكة، بإذن الله.
تفجر الأزمة مجدداً
جرى مؤخراً في السعودية اعتقال الأمير "أحمد بن عبد العزيز" ونجله "الأمير نايف"، والأمير "محمد بن نايف"، ولي العهد وزير الداخلية الأسبق، ووجهت لم تهم "الخيانة العظمى".
نشرت الأنباء الأولية أبرز صحيفتين أمريكيتين: "وول ستريت جورنال" المتوافقة مع توجهات ابن سلمان وترامب، و"نيويورك تايمز" التي تنتقد ابن سلمان وترامب. مما يعني أن جهات سيادية أمريكية سربت الأنباء، وربما بإيحاء من ابن سلمان نفسه، لإرعاب منافسيه ومعارضيه.
"الخيانة العظمى" عقوبتها الإعدام في القانون السعودي، وقد يتم تنفيذ العقوبة فورا (في حالة كانت التحركات عقب إحباط محاولة انقلاب)، أو سجن المتهمين. وفي كل الأحوال ستؤثر على الحكم ردود فعل الأسرة الحاكمة.
هناك سيناريوهات محتملة، السيناريو الأول: وجود انقلاب من الأسرة السعودية ضد سلمان وابنه، واغتيالهم ابن سلمان، والقول بأن سلمان هو من قام بهذه الإجراءات دفاعاً عن استمرار السُلطة في أسرته.
السيناريو الثاني: قيام ابن سلمان بضربة استباقية للقضاء على معارضيه الكبار، ويتداخل مع هذا السيناريو سيناريو وفاة الملك سلمان وقيام ابن سلمان بهذه الإجراءات لضمان انتقال السُلطة إليه.
يمتلك السيناريوهان الأول والثاني، نقاط قوة متساوية؛ فبمقابل وجود أمور موضوعية عديدة تدفع إلى الانقلاب على ابن سلمان، فإن الرغبة الذاتية لابن سلمان بتصفية معارضيه وسلوكه المتهور للإقدام على هذه الخطوة هو الأقوى.
العامل الأمريكي سيكون المُرجح لسيناريو الانقلاب على ابن سلمان في حالة وجود ضوء أخضر أمريكي، وهذا مستبعد، فابن سلمان استثمار أمريكي "إسرائيلي" مُغرٍ تم دعمه بقوة، مما يعني أن السيناريو الثاني هو الأرجح.
في حالة أن هناك انقلاباً على ابن سلمان فإن نجاح هذا السيناريو سوف يؤدي إلى انتهاج السلطة الجديدة نهجاً محافظاً، مما يعني التوصل إلى حل للحرب في اليمن، والبحث عن وسائل سياسية لتحقيق أهداف العدوان أو بعضها، وخاصة فيما يتعلق بالدوافع "الإسرائيلية" الأمريكية للعدوان والتي تتركز في البحر الأحمر.
في حالة تحقق السيناريو الثاني، فلا يوجد مؤشرات إلى تهدئة الحرب في اليمن، فسيستمر ابن سلمان في خطه العدواني، واحتمال أن يهدئ من الحرب بعد وصوله إلى السُلطة لحماية مكسب وصوله للحكم هو احتمال وارد، ولكنه ضعيف جداً، لأنه سيكون مثقلاً بالامتنان لـ"الإسرائيلي" والأمريكي.
رغم نشر وكالة الأنباء السعودية صورا جديدة للملك سلمان أمس الأول الأحد إلَّا أنها لا يمكن التأكد منها، بل إنها تثير الشكوك بوفاة الملك، ونشر هذه الصور في حد ذاته تأكيد على بقاء السُلطة في يد أسرة سلمان، وهذا الأمر يدعم سيناريو قيام ابن سلمان بتصفية خصومه، مما يعني أن المُستقبل هو لأسرة سلمان، ولا يُمكن أن يتغير هذا الواقع إلَّا بثورة شعبية، وانشقاقات في القوات المسلحة كرد فعل على قيام ابن سلمان بالتصفية أو كدفاع عن مشروع الانقلاب الفاشل. وهذا الأمر غير مُستبعد، إلَّا أنه لا يوجد له مؤشرات تدعمه.
السيناريوهات
السيناريو الأول:
الأسرة الحاكمة قامت بحركة تمرد ضد حكم الأمير ابن سلمان ووالده بعد أن طفح كيلها، أو قامت باغتياله.
ومما يدعم هذا السيناريو:
ـ تفاقم المعارضة الأسرية ضده بسبب طول مدة حرب اليمن، ووصول الخطر إلى العمق السعودي ومصدر ثروة المملكة.
ـ الأمير أحمد من جيل الأبناء وله المشروعية في الحكم على ابن سلمان، وله مواقف معلنة معارضة لسلمان وولده.
ـ مقتل خاشقجي شوه سمعة الدولة السعودية وأساء إلى الأسرة الحاكمة وحلفائها الدوليين، فوجب التخلص منه.
ـ التراجع الاقتصادي وفشل رؤية 2030.
ـ نضوج وتوحد موقف الأسرة الحاكمة لضرورة تغييره خوفاً على مستقبل المملكة والعودة إلى النهج المحافظ.
السيناريو الثاني:
إقدام الأمير ابن سلمان على القيام بضربة استباقية للتخلص من أقوى خصومه الذين لم يبايعوه مطلقا كولي عهد، تمهيدا لتنحية والده وتتويج نفسه ملكا، أو قيامه بالإطاحة بهم مع وفاة والده.
ومما يدعم هذا السيناريو:
ـ تحسبه لقرب وفاة والده، أو وفاته فعلاً، فهو في وضع صحي وسِن تجعله للموت أقرب.
ـ ضرب آخر القوى المعارضة المؤثرة، والتي لم تُمس في حملة الإخضاع السابقة.
ـ انتهاؤه من الترتيبات الخارجية مع أمريكا و"إسرائيل" وشعوره باستحقاقات الحسم الداخلي.
ـ شعوره بوجود تأييد مجتمعي له من الشباب والمرأة، يجعله يستغني عن دعم العائلة.
المصدر أنس القاضي
زيارة جميع مقالات: أنس القاضي