أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -
تشتبك اليمن بصورة مباشرة مع الإمبريالية الأمريكية في البحر الأحمر، إلا أن هناك تناقضاً جوهرياً، يجب حله ليصبح للشعب فائدة وارتباط بهذه المعركة، فهناك بُعد اجتماعي غائب ومفصول عن البُعد الوطني، يكمن هذا التناقض بين معاداة الإمبريالية الأمريكية في الميدان السياسي وتبني سياستها في الميدان الاقتصادي.
الجمهورية اليمنية تنتهج رسمياً اقتصاد النيوليبرالية (الليبرالية الجديدة) وتطبق حتى الآن الشروط التي فرضتها الولايات المتحدة، والمعروفة ببرامج التكيف الهيكلي. هذه السياسات التي أقرها البنك والصندوق الدوليان منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، وتشمل تقليص دور الدولة في الحياة الاقتصادية ورفع الدعم عن المجالات الاجتماعية وخصخصة القطاع العام، وفرض المزيد من الضرائب على الطبقات الاجتماعية الفقيرة، وهذا ما يحدث حالياً في اليمن، فهناك توحش رأسمالي.
تدمر هذه السياسة الاقتصادية المجتمع تفقره، وتجعل الأفراد، كأفراد بدون حماية حكومية، منشغلين باللهث وراء الطعام والماء والكهرباء والغاز المنزلي، والبحث عن الأمن، وملاحقة تراجع سعر العملة. تُبعد هذه السياسات الاهتمامات الاجتماعية عن القضايا الاقتصادية الإنتاجية وعن السيادة الوطنية والقضايا القومية والإنسانية، وتُبقي على البلد في وضع المستعمرة.
لاتزال السياسات النيوليبرالية مستمرة حتى الآن في اليمن، بل أصبح الوضع اليوم أكثر سوءاً والسياسات الاقتصادية الرأسمالية أكثر توحشاً، فمع توقف إيرادات النفط يتم اعتصار المواطن عصراً ورسملة كل شيء، مما يستهدف بصورة رئيسة الطبقات الاجتماعية التي قامت بالاحتجاجات الشعبية من عام 2011 حتى 21 سبتمبر/ أيلول 2014، والتي تدافع عن الوطن وترفد المعركة بالمقاتلين وتقدم الزكاة والضرائب والتبرعات، وتخرج في الساحات والميادين، وهو يبيع المدخرات ومن يعتمد على الزراعة تتراجع عائدات الزراعة من عام لآخر، أما الموظف فبلا رواتب والديون متراكمة عليه، والعامل إن وجد عملاً فإن القيمة الشرائية أكبر من أجرة، وكل ذلك نتيجة للسياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي تسحق الطبقات الشعبية.
تشمل هذه الطبقات سكان الريف والفلاحين والمزارعين والعمال وصغار الموظفين والطلاب وأصحاب المتاجر والورش الصغيرة وغيرها من الفئات المنتجة والكادحة في آن التي لها مصلحة من وجود اقتصاد إنتاجي وطني ودولة رعاية اجتماعية، وهي الطبقات الأكثر إخلاصاً للثورة وحركة التغيير، وتعتبر الركيزة الأساسية لبناء دولة عادلة وضمان السيادة الوطنية، وسند السياسة الخارجية للبلد في مواجهة الإمبريالية الغربية والصهيونية.
إن إقرار سياسات اقتصادية تواجه السياسات النيوليبرالية أمر ممكن، وهناك العديد من التجارب، التي ترفض النيوليبرالية كسياسة اقتصادية وتتيح الاستثمار ونشاط القطاع الخاص والنمو الرأسمالي وحافز الربح بنظر الدولة وتدعم برامج الرعاية الاجتماعية ودعم الإنتاج والخدمات العامة، دون تطبيق سياسات اقتصادية اشتراكية متشددة مثل كوبا وكوريا الشمالية.
في هذه الحقبة ومع النزوع للتعدد القطبي ومع وجود محور البريكس الناشئ، تتوفر فرص أكبر للبلدان لمواجهة النيوليبرالية وإقامة علاقات تعاون اقتصادية مع دول تتبنى نفس التوجهات، وهو ما كان متعذراً قبل عشرين عاماً.
تقدم المادة توضيحاً لتطور السياسة الاقتصادية الليبرالية، والفروق بين الليبرالية الجديدة المتوحشة (المطبقة في العالم العربي واليمن) والليبرالية الحديثة (دولة الرعاية الاجتماعية في بعض أوروبا)، بالإضافة إلى أبرز النقاط الجوهرية لمواجهة النيوليبرالية، والسياسات الاقتصادية التي اقترحتها مدرسة "نظرية التبعية" وهي بمثابة مقترحات مطروحة للنقاش.
وتقوم تجارب كثير من دول أمريكا اللاتينية والبريكس على هذه السياسات المقترحة مع اختلافات في تطبيقها من دولة لأخرى.

تطور المدارس الاقتصادية الرأسمالية
ظهرت في التاريخ الاقتصادي الرأسمالي، ثلاث مدارس اقتصادية، الليبرالية الكلاسيكية "Liberalism"، والليبرالية الحديثة "Liberalism Modern" والليبرالية الجديدة "Neoliberalism"، الليبرالية القائمة في الاقتصاد لم تعد قائمة لأنها سقطت مع ظهور الاحتكارات وزوال التنافس.
تعترف الليبرالية الحديثة بأهمية دور الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الخدمات العامة مثل التعليم والرعاية الصحية. وتهدف إلى تحقيق توزيع أكثر عدلاً للثروة من خلال سياسات ضريبية تصاعدية وبرامج اجتماعية لدعم الفئات الضعيفة. كما تدعم تنظيم الاقتصاد للحفاظ على حقوق العمال وحماية البيئة وضمان الاستقرار الاقتصادي.
إن ما يهمنا هنا هو الليبرالية الجديدة فهي السائدة عالمياً، وهي الأكثر توحشاً وتفرض على الدول الفقيرة بما في ذلك بلادنا، فيما الدول الأوروبية إلى جانب كونها إمبريالية استعمارية مع العالم، فهي تجاه مجتمعاتها تعتمد الليبرالية الحديثة وخصوصاً السويد، وألمانيا، والدنمارك، وهولندا، وفرنسا، لضمان الاستقرار ونوع من العدالة الاجتماعية.

الليبرالية الجديدة
تفترض أن السوق الحرة هي الآلية الأفضل لتحقيق الكفاءة الاقتصادية والتنمية، وتعتمد على تحرير الأسواق من التدخلات الحكومية. وتشجع النيوليبرالية على خصخصة القطاعات العامة وتحويلها إلى القطاع الخاص، كما تدعو إلى تقليص حجم الحكومة من خلال تخفيض الإنفاق العام وتقليل الضرائب على الشركات والأفراد لتعزيز الاستثمار الخاص والنمو الاقتصادي.
إن الليبرالية الجديدة تُعتبر ضارة بشعبنا وشعوب جنوب الكرة الأرضية، وتتصادم مع مهام التحرر الوطني ومع احتياجات ومطالب الحركة الاحتجاجية الشعبية، لأنها تعزز الاستغلال وتفاقم التفاوت الاقتصادي والاجتماعي.

تقوم الليبرالية الجديدة على تعزيز رأس المال، إذ تعزز مصالح رأس المال الكبير على حساب الطبقة الشعبية الكادحة، مثل سياسات الخصخصة وتحرير الأسواق، وتقلل من الأمان الوظيفي وتخفض الأجور وتزيد من عدم الاستقرار الاقتصادي للعمال.
يتم التركيز على تقليص دور الدولة في تقديم الخدمات الاجتماعية ما يؤدي إلى تراجع الرعاية الصحية والتعليم والإعانات الاجتماعية، مما يزيد من معاناة الفئات الفقيرة والمهمشة، كما تسهم هذه السياسات في زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء، مع تدهور الخدمات العامة وارتفاع تكاليف المعيشة. كما تتجاهل هذه السياسات قضية العدالة الاجتماعية، ويؤدي تطبيقها إلى تراجع في المساواة وإمكانية الوصول إلى الفرص الاقتصادية.
تعمق النوليبرالية من العولمة الإمبريالية، فالسياسات النيوليبرالية في دول الجنوب (الدول النامية) غالباً ما تكون مفروضة من قبل المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فهي في الأصل سياسات غربية فُرضت على هذه البلدان، مما يؤدي إلى تفاقم التبعية الاقتصادية والسياسية لهذه الدول تجاه القوى الكبرى. تحرير التجارة والسياسات الاقتصادية النيوليبرالية تسهم في استفادة الشركات متعددة الجنسيات على حساب الاقتصادات المحلية، مما يؤدي إلى تدمير الصناعات المحلية وزيادة البطالة.
كما أن تحرير الأسواق المالية وتخفيف القيود التنظيمية والتلاعب بالعملات يمكن أن يؤدي إلى فقاعات اقتصادية وانهيارات مالية، وتراجع سعر العملة وهو ما يضر بصورة مباشرة الطبقات الشعبية.

النيوليبرالية في اليمن
الاقتصاد اليمني، يعتمد الليبرالية الاقتصادية، وهو اقتصاد تقليدي، فلايزال الريف يستوعب الكم الأكبر من السكان، وهو متخلف من حيث إسهام الصناعة التحويلية في الناتج الإجمالي التي بلغت 8% من الناتج الإجمالي في العام 2013م.
ولا بد من طرح هذه المُلاحظة، أنه عند الحديث عن تطبيق هذه السياسة الاقتصادية في اليمن فهي لا تُطبق بشكل كامل -رغم أن هذا التطبيق الكامل هو في أساسه تخريبي- فهي تطبق في اليمن، كجزء من نمط اقتصادي طُفيلي، هو اقتصاد المحسوبيات، ما يجعل الأضرار مضاعفة.
واقتصاد المحسوبيات نظام اقتصادي تمنح فيه الامتيازات الاقتصادية والسياسية والمناصب للأفراد بناءً على علاقاتهم الشخصية أو العائلية أو السياسية بالسلطة، بدلاً من الكفاءة أو الجدارة. هذا النوع من الاقتصاد شائع في اليمن وعموم الدول العربية، وهو يُضعف المؤسسات ويعرقل النمو الاقتصادي والتنمية، ويعزز الفساد، ويضعف ثقة الشعب بالدولة، ويضعف الولاء الوطني.
عمقت السياسات النيوليبرالية التي أقرها البنك الدولي من الطبيعة المشوهة للاقتصاد اليمني ليزداد ضعفاً، فبدلاً من التمويل المشروعي لمشروعات بعينها شرع البنك الدولي في برامج السياسات تتمثل في إعادة هيكلة الاقتصاد والخصخصة والانتقال إلى القطاع الخاص الاستثمار الأجنبي، وهو ما أدى إلى تدمير القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، وعلى سبيل المثال؛ فقد تراجع إنتاج قطاع الزراعة والصيد من نسبة 22.9% من إجمالي الناتج المحلي في العام 1994م إلى 13% في العام 2010م ثم ارتفع إلى 16% في العام 2014م. وكذلك قطاع الصناعات التحويلية فقد تراجع من نسبة 9.6% من إجمالي الناتج المحلي في العام 1994م إلى 6% في العام 2014م.
يلعب الفساد القائم على اقتصاد المحسوبيات دوراً بارزاً في كبح التطور الاقتصادي في اليمن، فهو آلية خطيرة للقضاء على التراكم الإنتاجي في البلد، تتيح السياسات التحولات النيوليبرالية من تحرير التجارة، منح تراخيص الاستيراد؛ إيلاء الأولوية للقطاع الخاص؛ تقليص القطاع العام عن طريق الخصخصة، تضخم الجهاز البيروقراطي للدولة وزيادة النفقات على الرواتب والحوافز وغيرها، تتيح هذه الآليات وغيرها، فرصاً مثالية لنهب الأملاك العامة، وإعادة توزيعها على الفئات البرجوازية الطفيلية المرتبطة بالسلطة، وفي بلادنا فإن هذه الأقلية التي تُثرى بواسطة الفساد لا تقوم باستثمار هذا المال في النشاط الإنتاجي في البلد، بل يُهرب إلى الخارج كأرصدة، أو يتم التلاعب به في المضاربات المالية وشراء العقارات، وهي أنشطة اقتصادية هدامة.

كيفية مواجهة الليبرالية
الليبرالية الجديدة تعد امتداداً للرأسمالية التقليدية ولكن بأساليب وآليات مختلفة تتسم بزيادة حرية السوق وتقليل دور الدولة في الاقتصاد، مما يؤدي إلى تزايد الفجوات الاجتماعية والاقتصادية بين الأغنياء والفقراء؛ الليبرالية الجديدة تفاقم من الاستغلال الطبقي وتسهم في تكريس التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية.
لمواجهة الليبرالية الجديدة وتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل الرأسمالية ذاتها ودون تبني الاشتراكية الكلاسيكية، يُمكن النظر في مجموعة من السياسات والأفكار التي تتبناها بعض الدول النامية، منها:
الديمقراطية الاقتصادية: تعزيز مشاركة العمال والفلاحين والمجتمعات المحلية في اتخاذ القرارات الاقتصادية من خلال تشجيع نماذج مثل التعاونيات والمشاريع المجتمعية.
التنظيم النقابي والحقوق العمالية: تقوية النقابات العمالية والاتحادات الفلاحية وضمان حقوق العمال من القطاعين الخاص والعام معاً، لتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور.
سياسات الضمان الاجتماعي: توفير شبكات أمان اجتماعي قوية تشمل التعليم والصحة والسكن لضمان تكافؤ الفرص والحد من الفقر.
الضرائب التصاعدية: فرض ضرائب أعلى على الأثرياء والشركات الكبيرة واستخدام هذه الإيرادات لتمويل برامج الرفاه الاجتماعي والتنمية المستدامة.
الاستدامة البيئية: تبني سياسات اقتصادية تراعي الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية لضمان التنمية المستدامة.

تنظيم الأسواق: تطبيق لوائح وتنظيمات صارمة على الأسواق المالية لمنع المضاربات والتلاعب المالي.
التعاون الدولي: تعزيز التعاون بين الدول لمواجهة التحديات العالمية مثل الفقر وعدم المساواة والتغير المناخي من خلال منظمات دولية وإقليمية فعالة.
هذه السياسات يمكن أن تسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية دون اللجوء إلى إجراءات التأميم، ومنع الملكية الخاصة، كالتي كانت تطبقها الأنظمة الاشتراكية في مواجهتها للرأسمالية في القرن الماضي، ولم يبق منها حاليا إلا كوريا الشمالية وكوبا، وهي تعيش واقعياً في ظل اشتراكية البؤس لا الرفاه الاجتماعي.

سياسات نظرية التبعية
ترى نظرية التبعية، بأن الفقر وعدم الاستقرار السياسي والتخلف في دول الجنوب العالمي (دول الأطراف) يعود إلى المسار التاريخي الذي رسمته لها دول الشمال العالمي الغربية الرأسمالية الاستعمارية (دول المركز)، في حركة تصبح فيها عملية التطور والتراكم في دول المركز.
د. سمير أمين، وهو أحد أبرز الاقتصاديين في العالم العربي والعالم وهو أحد رواد مدرسة التبعية، قدم وزملاءه مجموعة من السياسات الاقتصادية لمواجهة الليبرالية الجديدة. توجهاته تنبع من تحليل عميق للرأسمالية العالمية وتأثيراتها السلبية على الدول النامية، وهذه بعض السياسات التي اقترحها هو ورفاقه في المدرسة الاقتصادية المعروفة "بمدرسة التبعية":
- فك الارتباط مع النظام الرأسمالي العالمي: تقترح هذه المدرسة سياسات فك الارتباط الجزئي أو الكلي عن النظام الرأسمالي العالمي، بحيث تكون للدول النامية القدرة على بناء أنظمة اقتصادية وطنية مستقلة تستند إلى قدراتها ومواردها الذاتية.
- التنمية المستقلة: التركيز على تطوير الصناعات الوطنية والزراعة المحلية لتقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الاكتفاء الذاتي.
- إعادة توزيع الأراضي: تنفيذ إصلاحات زراعية شاملة تهدف إلى توزيع الأراضي بشكل أكثر عدلاً بين الفلاحين، مما يزيد من الإنتاجية ويعزز العدالة الاجتماعية.
- التنظيم الاقتصادي: تعزيز دور الدولة في الاقتصاد من خلال تنظيم الأسواق والقطاعات الحيوية وضمان أن تكون التنمية الاقتصادية موجهة نحو تلبية احتياجات الشعب وليس تحقيق الأرباح للشركات الكبرى.
- تعزيز التعليم والصحة: الاستثمار في التعليم والخدمات الصحية كجزء من استراتيجية طويلة الأمد لبناء قدرات السكان وتحقيق التنمية المستدامة.
- السياسات المالية التقدمية: تطبيق سياسات ضريبية تصاعدية تُفرض بموجبها ضرائب أعلى على الأغنياء والشركات الكبرى، مع توجيه هذه الأموال لتمويل البرامج الاجتماعية والتنموية.
- تعزيز التكامل الإقليمي: دعم التكامل الاقتصادي الإقليمي بين الدول النامية للتعاون في مواجهة التحديات المشتركة وتقليل الاعتماد على القوى الاقتصادية الكبرى.
- الاستدامة البيئية: تبني سياسات تحافظ على البيئة وتضمن استخداماً مستداماً للموارد الطبيعية.
- تعزيز المشاركة الشعبية: تشجيع مشاركة المجتمع في اتخاذ القرارات الاقتصادية والسياسية لضمان أن تكون السياسات التنموية متماشية مع احتياجات وتطلعات الشعب.
تهدف هذه السياسات إلى بناء أنظمة اقتصادية أكثر عدلاً واستدامة، وتعزيز قدرة الدول النامية على تحقيق التنمية المستقلة والازدهار بعيداً عن تأثيرات الليبرالية الجديدة والاعتماد المفرط على القوى الاقتصادية العالمية.

محور "البريكس" في خضم الصراع الاقتصادي الراهن
بشكل عام ظهور تكتل البريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا) يمثل فرصة لتطبيق بعض سياسات مدرسة "التبعية"، خاصة في ما يتعلق بفك الارتباط مع النظام الرأسمالي العالمي وتعزيز التنمية الوطنية المستقلة. يمكن الاستفادة من البريكس والتوجه نحو التعدد القطبي في التنمية الوطنية من خلال الطرق التالية:
- التجارة البينية: تعزيز التجارة بين دول البريكس يمكن أن يقلل الاعتماد على الأسواق التقليدية في الدول الغربية. هذا يعزز التعاون الاقتصادي بين الدول النامية ويتيح لها فرصاً أكبر للتنمية المستقلة.
- الاستثمار في البنية التحتية: استخدام الموارد والاستثمارات المشتركة لتطوير البنية التحتية في الدول الأعضاء، مما يعزز القدرة الإنتاجية المحلية ويخلق فرص عمل جديدة.
- التعاون في التكنولوجيا والابتكار: تبادل التكنولوجيا والمعرفة بين دول البريكس يمكن أن يسهم في تعزيز القدرات المحلية في المجالات الصناعية والزراعية والخدمات.
- السياسات المالية المستقلة: إنشاء نظام مالي بديل (مثل بنك التنمية الجديد التابع للبريكس) يمكن أن يوفر مصادر تمويل بديلة للمشاريع التنموية بعيداً عن المؤسسات المالية الغربية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ويقدم فرصة للتحرر من هيمنة الدولار.
- الاستدامة البيئية: التعاون في مجال الاستدامة البيئية يمكن أن يساعد الدول الأعضاء على تبني سياسات تنموية تحافظ على البيئة وتضمن استخدام الموارد بشكل مستدام.
- تعزيز التعاون الإقليمي: دعم مشاريع التكامل الاقتصادي الإقليمي داخل وخارج تكتل البريكس يمكن أن يسهم في تحقيق التنمية الشاملة وتقليل التبعية الاقتصادية للدول الكبرى.
- الدبلوماسية الاقتصادية: استخدام الدبلوماسية الاقتصادية لتشكيل تحالفات سياسية واقتصادية مع دول أخرى تتبنى رؤى مشابهة للتنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية.
- السيادة الغذائية: الاستثمار في الزراعة المحلية والتعاون الزراعي يمكن أن يعزز السيادة الغذائية ويقلل الاعتماد على واردات الغذاء من الخارج.
تطبيق هذه السياسات من خلال تكتل البريكس يمكن أن يدعم التنمية الوطنية ويحقق رؤية سمير أمين و"مدرسة التبعية" في بناء نظم اقتصادية أكثر عدلاً واستدامة.

أترك تعليقاً

التعليقات