الفاشية في مواجهة الثورة
 

أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -

ليس للعنف مفهوم محدد، فهو ممارسة ملازمة للحياة الاجتماعية البشرية تنتجها حاجة اجتماعية اقتصادية في ظل نظام الاستغلال والاستبداد. وممارسة العنف إما أن تكون في اتجاه التغيير وخدمة التقدم الاجتماعي والتحرر الوطني، وإما في الاتجاه المعاكس لإعاقة تبلور الجديد ومنع نموه من أجل ترسيخ القائم ومنع التغيير والتطور والتحرر.
 في الحالة الأولى يكون العنف ثورياً، فهو "قابلة" المجتمع القديم الذي يحمل في أحشائه الجديد، وهو الأداة التي بفضلها تنتصر الحركة الاجتماعية وتتمزق أوصال الأشكال السياسية الجامدة والميتة. وفي الحالة الثانية يعتبر العنف رجعياً وفاشياً يدمر المكتسبات التاريخية ويعيق التقدم ويُبقي على الأشكال السياسية الميتة وعلى القهر والاستبداد. وهذا العنف الأخير هو الذي تم به مواجهة ثورة أيلول الشعبية والنشاط المدني والسياسي لأنصار الله.
مع ظهور أنصار الله كقوة ثورية صاعدة تتضح معالم توجهاتها السياسية؛ تصدت لها السُلطة المسيطرة بالعنف والإرهاب، عبر استهداف كوادرها الحركية الميدانية، لإعاقة تطورها الثوري النظري والسياسي، وإعاقة انتشارها ونموها المدني الديمقراطي بين الجماهير، باستهداف كوادرها النوعية من المفكرين والمثقفين الثوريين والسياسيين المتمرسين، بداية باغتيال القائد المؤسس حسين بدر الدين الحوثي في 10 أيلول 2014، الذي بدأ مشروعه ثقافياً وحراكه غير عسكري، لتتكرر الحرب 6 مرات أدت إلى عسكرة الحركة الثقافية والمجتمع في صعدة.
 وفي 22 نوفمبر 2013 تم اغتيال عضو مؤتمر الحوار الوطني والنائب البرلماني د. عبد الكريم جدبان. وفي الأيام الأخيرة لمؤتمر الحوار، حين انقلب هادي على التوافق في الجلسة العامة، تم اغتيال عضو مؤتمر الحوار الوطني البرفيسور أحمد شرف الدين في 21 يناير 2014، ثم الدكتور محمد المتوكل المقرب من أنصار الله في 2 نوفمبر 2014، والدكتور المرتضى بن زيد المحطوري في جامع بدر 20 مارس 2015، والسياسي الصحفي عبد الكريم الخيواني بالقرب من منزله في العاصمة صنعاء في 18 مارس 2015.
وبالإضافة إلى العُنف الذي استهدف الكوادر النوعية، ومع تصاعد الثورة، مورس العنف بشكل جنوني وشبه يومي ضد المنخرطين في الثورة، حيث تم استهداف الكوادر العادية والمقرات التابعة لأنصار الله في عدد من المحافظات. وكانت عمليات الاغتيالات التي تستهدف جماهير الثورة تهدف إلى خلق رُهاب اجتماعي يُبعد الناس عن النشاط الثوري وعن أنصار الله باعتبارهم الحركة الثورية الصاعدة، التي تمثل خطراً على السلطة الطبقية السائدة والهيمنة الأجنبية، بتنظيمها للجماهير المقهورة نحو الخلاص الاجتماعي السياسي، والحرية الوطنية.

الأعمال الإرهابية الموازية للحراك الثوري
إبان الثورة الشعبية، ومن بعد التحرك نحو إسقاط الجرعة وإسقاط الحكومة الفاسدة وتحقيق مخرجات الحوار الوطني، شهدت البلاد حالة من تسيد العنف الفاشي برعاية السُلطة، استهدفت بشكل خاص حركة أنصار الله، كطليعة ثورية، وكل من تحرك معها في الثورة.
 ففي حارة "الجحملية" وبالقرب من إدارة الأمن بمدينة تعز تم اغتيال الجندي المؤيد للثورة "جميل المراسل"، والمواطن "عرفات الصغير" الذي عُرف بانتمائه إلى أنصار الله، وتم اغتياله داخل دكان. وفي حي البريد العام في المدينة نفسها تم إحراق أحد المواطنين مع بقالته، لأنه كان يشاهد قناة "المسيرة"!
في 28 أغسطس 2014 قامت مجموعة مسلحة بإطلاق النار على أحد مقرات أنصار الله في العاصمة صنعاء في حي القصر الجمهوري، مما أدى إلى إصابة المذيع عبد الرحمن حميد الدين ثم وفاته، وإصابة شخص آخر يُدعى إبراهيم بثلاث طلقات في الصدر واليد.
كما اغتال مسلحون بمسدس كاتم صوت الشابين مجاهد المطري وشقيقه فهيم المطري اللذين كانا يعملان بمكتبة الغدير التي تبيع أدبيات أنصار الله والكتب الشيعية، وكان استهدافهما في 28 أبريل 2014 ضمن محاولات العدو لخلق نزاع طائفي.
اعتداء آخر طال القائم على "جامع القبة" بمنطقة التحرير في العاصمة صنعاء، يحيى المهدي، البالغ من العمر 65 عاماً، والذي تعرض لطعنة نقل على إثرها إلى المستشفى.
وفي 3/5/2014 تعرض المواطن محمد عبد الله مهيوب اليوسفي من أبناء محافظة تعز لاعتداء بالضرب المبرح من قبل عصابة تجاوز عدد أفرادها 10 أشخاص وجنديين من إدارة الأمن بمديرية العدين بمحافظة إب، وذلك بسبب وجود شعار أنصار الله على زجاج سيارته.
 كما اغتيل الناشط بسام الجنيد في مديرية صالة بتعز بتاريخ 19 أكتوبر 2013 من قبل عناصر تكفيرية بتهمة الانتماء إلى أنصار الله.
وتم اغتيال الشاب عامر العامري، صاحب بوفيه في حي الأخوة في مدينة تعز، بتاريخ 18/9/2014، لمشاركته في الثورة الشعبية.
 وفي مدينة الحديدة تم اغتيال "معافى الأهدل" من قبل التكفيريين في 10/3/2014. كما تم اغتيال الناشط علي علي المحضار بتاريخ 27/3/2014 بتهمة رفع شعار أنصار الله! وأصيب 5 من أنصار الله في انفجار عبوة ناسفة بسيارة تقل وفداً قبلياً من بني حشيش وبني الحارث في فعالية قبلية ضد الجرعة في 17 أغسطس 2014.
كما ألقيت عبوة ناسفة بالقرب من مقر أنصار الله في منطقة الروضة بصنعاء أدت إلى إصابة أحد أفراد الحراسة بإعاقة دائمة (عبد المطلب أبو طالب).
 كما تعرض مقر أنصار الله في منطقة "مسيك" بالعاصمة لاعتداء مسلح من قبل مسلحين تابعين للقاعدة.
 وأُصيب 3 من أنصار الله بكمين مسلح في مديرية آنس محافظة ذمار بتاريخ 23 أغسطس 2014.
 وألقى مجهولون مادة الأسيد الخام على النقابي عدنان المداني في نوفمبر 2014، والذي أعلن تأييده للثورة مع موظفي وزارة الكهرباء.
كما سقط شهيدان وجرح 40 بالاعتداء على المعتصمين في شارع المطار بتاريخ 7/9/2014 من قبل قوات وزارة الداخلية، واستشهد يومها كل من الشاب جبريل محمد يحيى الغرباني، وعلي لطف طامش متأثراً بجراحه.
كما سقط برصاص فاشية البيروقراطية العسكرية بتاريخ 9/9/2014 كل من:
إسماعيل علي حميد البخيتي، محسن أحمد عز الشاطر، محمد سعيد النمير، وسيم محمد صالح الخطيب، أحمد عبد الله جعدان، عبد الله حسين السياغي، وخالد محسن سنح.
 كما قام حزب الإصلاح، بقيادة الإرهابي حسن أبكر، بقصف منازل المواطنين والمراكز الحكومية في الجوف مستخدمين صواريخ الكاتيوشا وقذائف الدبابات، ومدعومين من قبل الطيران الحربي للدولة، في منطقة الغيل ومجزر والزاهر في سبتمبر/ أيلول بعد تحرك المواطنين لدحر عصابات داعش التي كان يرعاها الإصلاح.
 تتابعت الأعمال الفاشية المعادية للثورة وأنصار الله بانفجارات استهدفت ثوار محافظة عمران راح ضحيتها 8 شهداء في 11/9/2014. كما أقدم مسلحون على إحراق سيارة تابعة لمصور قناة "المسيرة" عبد الكريم مخارش.
 وفي تطور لإجرام السلطة ارتكبت مجزرة بالقرب من رئاسة الوزراء راح ضحيتها 9 شهداء من الثوار بينهم ضابط، و16 جريحاً، وفي 16/9/2014 قامت مليشيات الإصلاح، بقيادة المدعو صالح عامر، بالاعتداء على أبناء قرية القابل التابعة لبني الحارث، وقام الطيران الحربي بشن 25 غارة على أبناء مديرية الغيل في الجوف لمشاركتهم في مواجهة التكفيريين.
 وفي 18/9/2014 تحركت البيروقراطية العسكرية، بقيادة علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح، لقمع الثوار السلميين من مواقع تبة التلفزيون في "الجراف" وموقع مقر الفرقة الأولى مدرع المنحلة.
 وفي 19/9/2014 قامت العصابات التابعة للأحمر بقصف الثوار في ساحة المطار قبل صلاة الجمعة.
 وفي 20/9/2014 سقط شهداء وجرحى في قصف متواصل على الأحياء السكنية شمال العاصمة من قبل عصابة الإجرام في السلطة، ورصدت قناة "المسيرة" دبابة متمركزة في تبة التلفزيون التابعة للبيروقراطية العسكرية كانت تقصف الأحياء السكنية. وفي اليوم ذاته أحبطت اللجان الشعبية في "حزيز" عملية تسلل مجاميع تكفيرية قادمة من الجوف إلى صنعاء.
 وتبعه عنف آخر بعد انتصار الثورة عبر التفجيرات الإرهابية الداعشية، منها التفجير الذي استهدف متظاهرين في ميدان التحرير في 9 أكتوبر 2014. وقد تم اكتشاف معامل تصنع العبوات الناسفة في مقرات وجامعات حزب الإصلاح والزنداني، واكتشفت تسجيلات في الفرقة الأولى مدرع لجنود يتدربون على الطريقة الداعشية في قطع رؤوس البشر.

أترك تعليقاً

التعليقات