
عند الثانية بعد منتصف ليل صنعاء في الـ26 من مارس 2015م، تفاجأ سكانها بعاصفة الصحراء المشؤومة، وهم نائمون بمساكنهم بأمان.. ولم يتوقعوا أن دولةً جارة ستقوم بذلك وتساقط صواريخها وسط المدينة المأهولة بالنيام..
لوقع الليلة الأولى للعدوان وتحديداً سكان العاصمة صنعاء الذين تلقّوا الصدمة ليلتها، ذكريات مؤلمة.. (لا) قلّبت معهم أوراقها المؤلمة وتحدثوا عن تفاصيلها..
وقع الصدمة!
ولليلة الأولى في العدوان وقع مأساوي تلقاه سكان العاصمة، تصف ذلك الإعلامية منى البرطي: استيقظت فزعة على أصوات الانفجارات ومضادات الطيران التي كانت تطلق بكثافة في سماء العاصمة صنعاء.. لم أكن مدركة حينها حقيقة ما يحدث، فأسرعت بالنزول إلى الطابق الأول لأرى الجميع مستيقظين أمام شاشة التلفاز، وهنا كانت الصدمة!
وعن الصدمة المأساوية تواصل منى: كنت وجميع أفراد عائلتي مذهولين من وقع الخبر العاجل: طائرات العدوان السعودي تقصف قاعدة الديلمي الجوية..
قاعدة الديلمي
يرى محللون عسكريون أن العدوان الأمريكي السعودي بدأ بتدمير الدفاعات الجوية، والمطارات، وإعلان الحصار الشامل، لأنه يدرك عجزه من الوهلة الأولى وأنه سيعود خائباً، وأثبتت الأيام صحة ذلك، كونهم يتلقون الضربات الموجعة في الحدود بأقل الإمكانات من قبل الجيش واللجان الشعبية، لأن المقاتل اليمني أثبت جدارته بحنكة أسقطت الـ(F16) والأباتشي، والإبرامز، وكل أنواع أسلحتهم الحديثة والمتطورة التي عجزت أمام بيادات أشرف الرجال.. فيما وجّه قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي رسالة تحذير قوية لتحالف العدوان على اليمن، مع دخوله العام الثالث، أكد فيها أن إنجازات عسكرية جديدة في قطاع الصناعات العسكرية سوف تطال في الدفاع الجوي لاستهداف المقاتلات السعودية.
جيران السوء..
تضيف البرطي: عن وصفها لتلك الذكرى المؤلمة وانتهاك السيادة اليمنية بقولها: لا يمكنني أن أصف حينها حقيقة ما شعرت به، إذ كيف لهم أن ينتهكوا السيادة اليمنية ويحلقوا في أجوائها بطائراتهم الحربية المعادية، ليس هذا فحسب، بل قاموا ليلتها بتنفيذ ضربات جوية صاروخية استهدفت منشآت خدمية وأخرى مدنية راح ضحيتها مدنيون قضوا نحبهم تحت دمار وركام منازلهم وهم نائمون آمنون!
لن نركع..
يجمع الكثير أن العدوان السعودي الأمريكي مهما حاول إذلال الشعب اليمني، إلا أن هذا الشعب الصامد لن يستسلم.. وختمت رأيها منى: رغم بشاعة هذا العدوان وما فرضه من حصار جائر بحق هذا الشعب براً وجواً وبحراً، بهدف تركيعه وإخضاعه، كل هذا وأكثر قابله ومازال بعزيمة وإصرار وصمود أسطوري، ما كان ليستمر لولا ثبات وإخلاص أبناء هذه الأرض الطيبة برجالها ونسائها وحتى أطفالها، رغم تردي الوضع المعيشي والاقتصادي الذي ينذر لا محالة بقرب حدوث مجاعة خانقة بحق ملايين اليمنيين على مرأى ومسمع وصمت مخجل من العالم أجمع!
فقدت زوجتي بقنبلة عطّان المشؤومة!
الليلة الأولى للعدوان ارتسمت ذكراها الكابوسية على أغلب سكان العاصمة.. وهناك من خسر الكثير في الأهل، والمال، والولد كقنبلة عطّان المشؤومة، حيث يروي لنا الأخ محمد عبدالقادر قصته المؤلمة بقوله: كنت وزوجتي نسير في خط الدائري على سيارة أجرة، وأثناء مرورنا سمعنا صوتاً كأنه زلزلة الساعة.. يواصل بحرقة ووجع: وإذا بكل شيء يهتز أمامنا والأرض كأنها انشقت لتبتلعنا.. زوجتي لم تحتمل الصدمة.. يصمت قليلاً.. ثم يسترسل بألم: توفيت مغرب ذلك اليوم مباشرة، مخلفةً وراءها 7 أطفال.. بينما أنا أصبت بفشل كلوي، وكلما أجيء للغسيل أبيع عفش منزلي.. بالتأكيد أن العدوان الأمريكي السعودي فقد كل أوراقه المهترئة، روّع الأطفال والنساء، واستهدف المنشآت، والمدن الآهلة بساكنيها، لأنه يعجز أن يواجه في ميدان المعركة.
حتى الأفراح والأعياد.. تحوّلت لمآتم!
أثناء عامين من العدوان على بلادنا يتذكر سكان العاصمة أن ليالي ومساءات الأعياد تحوّلت لمآتم موجعة.. لم يفرّق العدوان بقصفه واستهدافه بين أيام، وأماكن، أو حتى مناسبات.. من هذا الاتجاه تحكي الأخت بدور الزبيري، سكرتارية بمركز الغسيل الكلوي بالمستشفى الجمهوري، قائلة: بينما كنّا في العام الأول للعدوان نحاول أن نفرح ونغتصب فرحة العيد رغم الألم، حاولنا رسم الفرح فبدأ الأهل يجتمعون، والأطفال يلعبون في الحارات، وإذا بصاروخ حاقد يسقط على حارتنا، ومن شدة هول الصدمة خرج الأمهات والآباء من المنازل يبحثون عن صغارهم مفزوعين، يجرون كالمجانين، لا يدرون إلى أين يتجهون، فكان عيداً مأساوياً، فهناك من فقد بيته الذي بناه طول عمره، ومنهم من فقد أسرته، وآخر فقد منشأته.. تختم بدور: أتمنى أن تنقشع هذه الغمامة السوداء عن وطننا الحبيب، ويعود الأمن والسلام إلى كل شبر من أرض الوطن.
شعرت بالتحدي
ولكل من تلقى خبر بداية العدوان تحدث عنه حسب ما رافقه من شعور، فأم حمير عبّرت عن ذلك بكلمتين لكنهما قويتان (الصدمة والتحدي).. لعلها قصدت بالصدمة: أن جاراً يقصف جاره ظلماً وعدواناً، والتحدي: أنها ستواجه ذلك العدوان الهمجي بصبر والتأقلم حتى مع أسوأ الظروف مأساوية.
كنا ننام بالبالطوهات
ولأن القصف العشوائي من قبل العدوان كان يطال المدن الآهلة بالسكان، والبيوت، والآمنين في منازلهم، باتت الفتيات والنساء يرتدين العباءة (البالطو) عند النوم، إدراكاً منهن أن القصف الهمجي سيطال الجميع، فكن ينمن حذرات محتشمات تحسباً لأي طارئ.. تحدثت لـ(لا) عن ذلك سلوى (ربة بيت) بقولها: لأنهم جبناء، وأنذال، تشرّبوا الخسة، ولمعرفتنا أنهم لا يراعون حرمة البيوت من طائراتهم البائسة، فقد كنت أنام بالبالطو، وكذلك بناتي، كنت أقول لهن ارتدين بالطوهاتكن، حتى إذا ما وقع قصف وصرن تحت الأنقاض نموت ميتةً مستورة.
فعلاً تلك هي المرأة اليمنية تكيّف نفسها حتى مع أكثر الظروف مأساوية، لتواجهها بصبر وجلد لا مثيل له في أي مكان آخر.
نية سوداء
يرى مهتمون أن النية السيئة للسعودية وحليفاتها هي تدمير كل مقدرات الشعب اليمني، وبنيته التحتية، ناهيك عن انتهاك أجوائه، واستباحة دماء أبنائه.. تحدث عن ليلة الـ26 من مارس 2015م الصحفي يحيى عسكران، وقال: إنها ليلة مشؤومة، حيث بيّت العدو السعودي وحلفاؤه النية السوداء لقصف العاصمة صنعاء في تلك الليلة، وإعلان العدوان من العاصمة الأمريكية واشنطن.. وأن تلك الليلة أشبه ما تكون بالخيال، جراء شن السعودية وحلفائها عدواناً على الشعب اليمني بمبررات وحجج واهية لا يستسيغها العقل ولا يقبلها المنطق.. ثم استرسل بحديثه عن سيناريو القصف الهمجي: قنابل وصواريخ طائرات تحالف العدوان تساقطت على رؤوس سكان العاصمة ومختلف مناطق اليمن، والتهمت نيرانها الأخضر واليابس، وأهلكت الحرث والنسل، وقتلت الأطفال والنساء، ودمرت آلاف المساكن والمزارع والأسواق والبنية التحتية للشعب اليمني.
شعب مختلف
حيّر العالم بصموده ذلك هو الشعب اليمني.. أضاف هنا عسكران عن عدم جدوى الحجج الواهية للعدوان، مضيفاً: دول تحالف العدوان فوجئت بشعب مختلف، يستمد من لهبها العاتي طاقة الصمود، ويتضاعف عنفوان الوطنية في أعماقه، فلا يبالي بالقصف والاستهداف، ويعيش اليوم بعد مضي عامين في أجواء عادية.. وعن تأقلم الشعب اليمني مع أسوأ الأيام، وأكثرها صعوبة، يختم قائلاً: اعتاد الشعب اليمني على الحياة الطبيعية رغم الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها جراء استمرار العدوان والحصار الجائر، ودعا إلى التلاحم والاصطفاف في مواجهة تحالف العدوان والتصدي لمخططاته الإجرامية التي يحاول من خلالها جاهداً تمزيق النسيج الاجتماعي بين أبناء اليمن.
استشعار الأرض لمصائبها..!
وختامه مسك تروي لـ(لا) سبأ القوسي (فنانة تشكيلية) عن ذكريات أول ليلة للعدوان الذي بدأ بقصف العاصمة: يقولون إن الأرض تستشعر مصائبها، لذلك يكتئب طقسها, كان هذا ما يساورني وأحاول تجاوزه في الأسبوع الأخير من شهر مارس 2015, كي لا أكون من المتطيرين من ملامح ذلك الأسبوع المفعم بالألم, ليلتها أًصابني أرق جعلني أطارد وسنات النوم التي تقبل أجفاني.. ثم سمعنا دوي انفجار عنيف بعد منتصف الليل بصدى مقذوف لم أسمع مثله إلا حين اشتدت المواجهات عام 2011 في معسكر الصمع، وعام 2014 في صنعاء عند تسليم هادي صنعاء لأنصار الله, هرعت مهرولة أتفقد أهلي، وحالما أطمأننت على سلامتهم، صعدت سطح المنزل محاولة معرفة المصدر في حلك الليل، ولم أستبن بعد..!
انفجار..!
تستطرد سبأ بسرد الفاجعة: كنت قبل ذلك وكعادتي قد كتبت منشوراً في حسابي بـ(فيسبوك) من كلمة واحدة فقط (انفجار)، وما إن عدت لأتفقد الأخبار حتى رأيت الكل في صنعاء يتحدث عن سماعه لهذا الانفجار من دانيها إلى أقصاها, حتى تبين لي أنه في المطار بقاعدة الديلمي، وأن الفاعل طيران سعودي، تلقائياً كتبت منشوراً آخر (تدخل سعودي)، وأنا لازلت أحمل حسن النية في أن هناك خطأً ما، ولكن كان الانفجار التالي له هو ردة فعل أصدقاء ومتابعين كثر بصفحتي, تختم سبأ أن منشورها بالفيس لاقى ردود فعل مؤيدة وتهليلاً للعدوان من قبل من علقوا: فجأة ودون سابق إنذار هلت التعليقات كما لو أنها كانت تنتظر الإشارة, بعبارات تستحقون, هذا تدخل لإنقاذكم, بارك الله في السعودية.. يا مجوس يا إيرانيين.. الخ الخ)، كما لو أنهم في حصانة وغير يمنيين, وعلى علم وترقب بالكارثة.. وتوالت هذه التعليقات، وتوالت الانفجارات والقصف والتدمير والتشفي بنا إلى يومنا هذا..!
آخر المحطات..
شعبٌ قهر الأباتشي، والـF16، وأحرق الإبرامز بعود ثقاب.. سينتصر حتماً، وسيسترد حقه في العيش بكرامة، واستعادة سيادته الوطنية التي دبر لاغتيالها من قبل من باعوا ضمائرهم وأنفسهم لعبدة المال، وهوامير النفط.
شعبٌ ستنحني له أوراق التاريخ الناصعة البياض، أنه قاوم واستبسل في الدفاع عن أرضه، وعرضه، ولم يستسلم أو يخضع لأشباه العرب.
شعبٌ سيدرس صموده في جامعات العالم بإعجاب مهما حاولوا التعتيم عن كشف حقائق سوءاتهم المنهزمة لا محالة.
لوقع الليلة الأولى للعدوان وتحديداً سكان العاصمة صنعاء الذين تلقّوا الصدمة ليلتها، ذكريات مؤلمة.. (لا) قلّبت معهم أوراقها المؤلمة وتحدثوا عن تفاصيلها..
وقع الصدمة!
ولليلة الأولى في العدوان وقع مأساوي تلقاه سكان العاصمة، تصف ذلك الإعلامية منى البرطي: استيقظت فزعة على أصوات الانفجارات ومضادات الطيران التي كانت تطلق بكثافة في سماء العاصمة صنعاء.. لم أكن مدركة حينها حقيقة ما يحدث، فأسرعت بالنزول إلى الطابق الأول لأرى الجميع مستيقظين أمام شاشة التلفاز، وهنا كانت الصدمة!
وعن الصدمة المأساوية تواصل منى: كنت وجميع أفراد عائلتي مذهولين من وقع الخبر العاجل: طائرات العدوان السعودي تقصف قاعدة الديلمي الجوية..
قاعدة الديلمي
يرى محللون عسكريون أن العدوان الأمريكي السعودي بدأ بتدمير الدفاعات الجوية، والمطارات، وإعلان الحصار الشامل، لأنه يدرك عجزه من الوهلة الأولى وأنه سيعود خائباً، وأثبتت الأيام صحة ذلك، كونهم يتلقون الضربات الموجعة في الحدود بأقل الإمكانات من قبل الجيش واللجان الشعبية، لأن المقاتل اليمني أثبت جدارته بحنكة أسقطت الـ(F16) والأباتشي، والإبرامز، وكل أنواع أسلحتهم الحديثة والمتطورة التي عجزت أمام بيادات أشرف الرجال.. فيما وجّه قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي رسالة تحذير قوية لتحالف العدوان على اليمن، مع دخوله العام الثالث، أكد فيها أن إنجازات عسكرية جديدة في قطاع الصناعات العسكرية سوف تطال في الدفاع الجوي لاستهداف المقاتلات السعودية.
جيران السوء..
تضيف البرطي: عن وصفها لتلك الذكرى المؤلمة وانتهاك السيادة اليمنية بقولها: لا يمكنني أن أصف حينها حقيقة ما شعرت به، إذ كيف لهم أن ينتهكوا السيادة اليمنية ويحلقوا في أجوائها بطائراتهم الحربية المعادية، ليس هذا فحسب، بل قاموا ليلتها بتنفيذ ضربات جوية صاروخية استهدفت منشآت خدمية وأخرى مدنية راح ضحيتها مدنيون قضوا نحبهم تحت دمار وركام منازلهم وهم نائمون آمنون!
لن نركع..
يجمع الكثير أن العدوان السعودي الأمريكي مهما حاول إذلال الشعب اليمني، إلا أن هذا الشعب الصامد لن يستسلم.. وختمت رأيها منى: رغم بشاعة هذا العدوان وما فرضه من حصار جائر بحق هذا الشعب براً وجواً وبحراً، بهدف تركيعه وإخضاعه، كل هذا وأكثر قابله ومازال بعزيمة وإصرار وصمود أسطوري، ما كان ليستمر لولا ثبات وإخلاص أبناء هذه الأرض الطيبة برجالها ونسائها وحتى أطفالها، رغم تردي الوضع المعيشي والاقتصادي الذي ينذر لا محالة بقرب حدوث مجاعة خانقة بحق ملايين اليمنيين على مرأى ومسمع وصمت مخجل من العالم أجمع!
فقدت زوجتي بقنبلة عطّان المشؤومة!
الليلة الأولى للعدوان ارتسمت ذكراها الكابوسية على أغلب سكان العاصمة.. وهناك من خسر الكثير في الأهل، والمال، والولد كقنبلة عطّان المشؤومة، حيث يروي لنا الأخ محمد عبدالقادر قصته المؤلمة بقوله: كنت وزوجتي نسير في خط الدائري على سيارة أجرة، وأثناء مرورنا سمعنا صوتاً كأنه زلزلة الساعة.. يواصل بحرقة ووجع: وإذا بكل شيء يهتز أمامنا والأرض كأنها انشقت لتبتلعنا.. زوجتي لم تحتمل الصدمة.. يصمت قليلاً.. ثم يسترسل بألم: توفيت مغرب ذلك اليوم مباشرة، مخلفةً وراءها 7 أطفال.. بينما أنا أصبت بفشل كلوي، وكلما أجيء للغسيل أبيع عفش منزلي.. بالتأكيد أن العدوان الأمريكي السعودي فقد كل أوراقه المهترئة، روّع الأطفال والنساء، واستهدف المنشآت، والمدن الآهلة بساكنيها، لأنه يعجز أن يواجه في ميدان المعركة.
حتى الأفراح والأعياد.. تحوّلت لمآتم!
أثناء عامين من العدوان على بلادنا يتذكر سكان العاصمة أن ليالي ومساءات الأعياد تحوّلت لمآتم موجعة.. لم يفرّق العدوان بقصفه واستهدافه بين أيام، وأماكن، أو حتى مناسبات.. من هذا الاتجاه تحكي الأخت بدور الزبيري، سكرتارية بمركز الغسيل الكلوي بالمستشفى الجمهوري، قائلة: بينما كنّا في العام الأول للعدوان نحاول أن نفرح ونغتصب فرحة العيد رغم الألم، حاولنا رسم الفرح فبدأ الأهل يجتمعون، والأطفال يلعبون في الحارات، وإذا بصاروخ حاقد يسقط على حارتنا، ومن شدة هول الصدمة خرج الأمهات والآباء من المنازل يبحثون عن صغارهم مفزوعين، يجرون كالمجانين، لا يدرون إلى أين يتجهون، فكان عيداً مأساوياً، فهناك من فقد بيته الذي بناه طول عمره، ومنهم من فقد أسرته، وآخر فقد منشأته.. تختم بدور: أتمنى أن تنقشع هذه الغمامة السوداء عن وطننا الحبيب، ويعود الأمن والسلام إلى كل شبر من أرض الوطن.
شعرت بالتحدي
ولكل من تلقى خبر بداية العدوان تحدث عنه حسب ما رافقه من شعور، فأم حمير عبّرت عن ذلك بكلمتين لكنهما قويتان (الصدمة والتحدي).. لعلها قصدت بالصدمة: أن جاراً يقصف جاره ظلماً وعدواناً، والتحدي: أنها ستواجه ذلك العدوان الهمجي بصبر والتأقلم حتى مع أسوأ الظروف مأساوية.
كنا ننام بالبالطوهات
ولأن القصف العشوائي من قبل العدوان كان يطال المدن الآهلة بالسكان، والبيوت، والآمنين في منازلهم، باتت الفتيات والنساء يرتدين العباءة (البالطو) عند النوم، إدراكاً منهن أن القصف الهمجي سيطال الجميع، فكن ينمن حذرات محتشمات تحسباً لأي طارئ.. تحدثت لـ(لا) عن ذلك سلوى (ربة بيت) بقولها: لأنهم جبناء، وأنذال، تشرّبوا الخسة، ولمعرفتنا أنهم لا يراعون حرمة البيوت من طائراتهم البائسة، فقد كنت أنام بالبالطو، وكذلك بناتي، كنت أقول لهن ارتدين بالطوهاتكن، حتى إذا ما وقع قصف وصرن تحت الأنقاض نموت ميتةً مستورة.
فعلاً تلك هي المرأة اليمنية تكيّف نفسها حتى مع أكثر الظروف مأساوية، لتواجهها بصبر وجلد لا مثيل له في أي مكان آخر.
نية سوداء
يرى مهتمون أن النية السيئة للسعودية وحليفاتها هي تدمير كل مقدرات الشعب اليمني، وبنيته التحتية، ناهيك عن انتهاك أجوائه، واستباحة دماء أبنائه.. تحدث عن ليلة الـ26 من مارس 2015م الصحفي يحيى عسكران، وقال: إنها ليلة مشؤومة، حيث بيّت العدو السعودي وحلفاؤه النية السوداء لقصف العاصمة صنعاء في تلك الليلة، وإعلان العدوان من العاصمة الأمريكية واشنطن.. وأن تلك الليلة أشبه ما تكون بالخيال، جراء شن السعودية وحلفائها عدواناً على الشعب اليمني بمبررات وحجج واهية لا يستسيغها العقل ولا يقبلها المنطق.. ثم استرسل بحديثه عن سيناريو القصف الهمجي: قنابل وصواريخ طائرات تحالف العدوان تساقطت على رؤوس سكان العاصمة ومختلف مناطق اليمن، والتهمت نيرانها الأخضر واليابس، وأهلكت الحرث والنسل، وقتلت الأطفال والنساء، ودمرت آلاف المساكن والمزارع والأسواق والبنية التحتية للشعب اليمني.
شعب مختلف
حيّر العالم بصموده ذلك هو الشعب اليمني.. أضاف هنا عسكران عن عدم جدوى الحجج الواهية للعدوان، مضيفاً: دول تحالف العدوان فوجئت بشعب مختلف، يستمد من لهبها العاتي طاقة الصمود، ويتضاعف عنفوان الوطنية في أعماقه، فلا يبالي بالقصف والاستهداف، ويعيش اليوم بعد مضي عامين في أجواء عادية.. وعن تأقلم الشعب اليمني مع أسوأ الأيام، وأكثرها صعوبة، يختم قائلاً: اعتاد الشعب اليمني على الحياة الطبيعية رغم الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها جراء استمرار العدوان والحصار الجائر، ودعا إلى التلاحم والاصطفاف في مواجهة تحالف العدوان والتصدي لمخططاته الإجرامية التي يحاول من خلالها جاهداً تمزيق النسيج الاجتماعي بين أبناء اليمن.
استشعار الأرض لمصائبها..!
وختامه مسك تروي لـ(لا) سبأ القوسي (فنانة تشكيلية) عن ذكريات أول ليلة للعدوان الذي بدأ بقصف العاصمة: يقولون إن الأرض تستشعر مصائبها، لذلك يكتئب طقسها, كان هذا ما يساورني وأحاول تجاوزه في الأسبوع الأخير من شهر مارس 2015, كي لا أكون من المتطيرين من ملامح ذلك الأسبوع المفعم بالألم, ليلتها أًصابني أرق جعلني أطارد وسنات النوم التي تقبل أجفاني.. ثم سمعنا دوي انفجار عنيف بعد منتصف الليل بصدى مقذوف لم أسمع مثله إلا حين اشتدت المواجهات عام 2011 في معسكر الصمع، وعام 2014 في صنعاء عند تسليم هادي صنعاء لأنصار الله, هرعت مهرولة أتفقد أهلي، وحالما أطمأننت على سلامتهم، صعدت سطح المنزل محاولة معرفة المصدر في حلك الليل، ولم أستبن بعد..!
انفجار..!
تستطرد سبأ بسرد الفاجعة: كنت قبل ذلك وكعادتي قد كتبت منشوراً في حسابي بـ(فيسبوك) من كلمة واحدة فقط (انفجار)، وما إن عدت لأتفقد الأخبار حتى رأيت الكل في صنعاء يتحدث عن سماعه لهذا الانفجار من دانيها إلى أقصاها, حتى تبين لي أنه في المطار بقاعدة الديلمي، وأن الفاعل طيران سعودي، تلقائياً كتبت منشوراً آخر (تدخل سعودي)، وأنا لازلت أحمل حسن النية في أن هناك خطأً ما، ولكن كان الانفجار التالي له هو ردة فعل أصدقاء ومتابعين كثر بصفحتي, تختم سبأ أن منشورها بالفيس لاقى ردود فعل مؤيدة وتهليلاً للعدوان من قبل من علقوا: فجأة ودون سابق إنذار هلت التعليقات كما لو أنها كانت تنتظر الإشارة, بعبارات تستحقون, هذا تدخل لإنقاذكم, بارك الله في السعودية.. يا مجوس يا إيرانيين.. الخ الخ)، كما لو أنهم في حصانة وغير يمنيين, وعلى علم وترقب بالكارثة.. وتوالت هذه التعليقات، وتوالت الانفجارات والقصف والتدمير والتشفي بنا إلى يومنا هذا..!
آخر المحطات..
شعبٌ قهر الأباتشي، والـF16، وأحرق الإبرامز بعود ثقاب.. سينتصر حتماً، وسيسترد حقه في العيش بكرامة، واستعادة سيادته الوطنية التي دبر لاغتيالها من قبل من باعوا ضمائرهم وأنفسهم لعبدة المال، وهوامير النفط.
شعبٌ ستنحني له أوراق التاريخ الناصعة البياض، أنه قاوم واستبسل في الدفاع عن أرضه، وعرضه، ولم يستسلم أو يخضع لأشباه العرب.
شعبٌ سيدرس صموده في جامعات العالم بإعجاب مهما حاولوا التعتيم عن كشف حقائق سوءاتهم المنهزمة لا محالة.
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا