إعــدام (نمــر النمــر) فــي الصحافــة العالميــة
- تم النشر بواسطة صحيفة لا

السعودية تحرك آلتها الإعلامية المُضلِّلة
كتبه: لي فانج وزيد جيلاني
ترجمة خاصة لصحيفة (لا)
تحرك جهاز العلاقات العامة، المدعوم من قبل السعودية بسخاء، عقب تنفيذ حكم الإعدام يوم السبت (قبل الماضي) ضد المعارض السياسي نمر النمر، لكي يرسم كيفية «تغطية» الخبر في الولايات المتحدة الأمريكية. فقد أدى حكم الإعدام إلى اندلاع المظاهرات في إيران الشيعية وإحراق السفارة السعودية في طهران، الأمر الذي آل إلى أزمة دبلوماسية بين هاتين القوتين اللتين تخوضان حرباً بالوكالة عبر منطقة الشرق الأوسط.
وقد حظيت الرواية السعودية للخبر بدفعة قوية في الإعلام الأمريكي، وذلك عبر محللين وخبراء تم اقتباسهم وهم يبررون أحكام الإعدام، لكن لم تتم الإشارة إلى مصادر انتماء هؤلاء ومنابع تمويلهم من قبل الحكومة السعودية، وفي موقع تويتر قامت اللوبيات الأمريكية التابعة للسعودية بنشر رسومات بيانية وتغريدات ومقاطع فيديو بالإنجليزية، وذلك لترويج خطاب يعكس مصالح النظام السعودي.
في مجلة (بليتكو)، على سبيل المثال، حيث كتبت نهال الطوسي مقالاً حول التوتر المتفاقم بين إيران والسعودية، تم اقتباس ثلاثة مصادر فقط: وزارة الخارجية الأمريكية التي قدمت رداً صامتاً حول حكم الإعدام، ثم السعودية، ثم فهد نازر الذي عُرِّف على أنه محلل سياسي لدى مؤسسة (جاي تي جي).
هذا الأخير دافع عن أحكام الإعدام قائلاً بأنها تقدم «رسالة تستهدف المتشددين في المملكة بغض النظر عن الطائفة التي ينتمون إليها».
ما لم تشر إليه مجلة (بليتكو) هو أن فهد نازر نفسه عمل كمحلل سياسي سابق لدى السفارة السعودية بواشنطن، وهو حالياً زميل مقيم لدى معهد دول الخليج العربي في واشنطن، وهذا المعهد هو مركز بحثي تأسس العام الماضي، ويُظْهِرُ (على صفحته الرئيسة) بأنه ممول من قبل السفارة السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
أما صحيفة (الواشنطن بوست) فقد اقتبست المستشار يثودور كاراسيك، الذي يعمل لدى جلف ستايت آناليتكس، قائلاً إن أحكام الإعدام كانت «رسالة قوية مفادها أن السعودية عازمة على الوقوف أمام منافسها الإقليمي». كاراسيك هو كاتب عمود لدى (العربية) ــ الشبكة الإخبارية باللغة الإنجليزية التي تتخذ دبي مقراً لها والتابعة لمركز الشرق الأوسط للإذاعة والتلفزيون. ويعد هذا المركز مجمعاً إخبارياً يُمَوِّله أمراء من الأسرة السعودية الحاكمة، رئيس مجلس إدارته الشيخ الوليد بن إبراهيم، وهو رجل أعمل وملياردير سعودي صهره الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز.
(وكانت تغطية (العربية) مساندة للسعودية على نحو مشابه للنكتة، وعرضت عناوين مثل: اقتحام السفارات... تخصص إيراني).
صحيفة (وول ستريت جورنال) نشرت افتتاحية اقتبست فيها جوزيف برود الذي يعمل لدى معهد أبحاث السياسات الخارجية، حيث ادعى أن النمر كان متشدداً عنيفاً، وأنه تبنى (خياراً عسكرياً) ضد السعودية. لكن حسب ما أفاد به صحفيون ومحررون لدى (الكريستيان ساينس مونيتر) و(الجارديان) و(بي بي سي) وغيرها من الجهات الإعلامية الكبيرة، فإنه تبنى اللاعنف، وحث أتباعه على التظاهر سلمياً، كما أن جوزيف برود لم يقدم أي دليل يثبت مزاعمه، عدا أنه استند على مصادر سعودية، وهو أيضاً كان مساهماً لدى (العربية) وفي مجلة (المجلة) التي يمتلكها أحد الأمراء السعوديين. ولم تقدم صحيفة (وول ستريت جورنال) هذه المعلومات حول انتماء جوزيف برود في افتتاحيتها.
(جوزيف برود أدين عام 2004م بتهمة تهريب قطع أثرية تعود لأربعة آلاف سنة ماضية، سُرقت من المتحف الوطني العراقي عقب سقوط بغداد).
كما أن وصف جوزيف للنمر يقف في صف الرواية السعودية، فقانون الإرهاب السعودي يعتبر مجرد انتقاد الحكومة ومجرد انتقاد الأسرة الحاكمة أعمالاً إرهابية، حد قول الباحثة سارة لي ويتسون المختصة بقطاع الشرق الأوسط لدى منظمة هيومان رايتس ووتش.
وفي الأثناء، تعمد السفارة السعودية بواشنطن إلى الترنم عالياً برسالتها عبر منصات التواصل الاجتماعي. وكما أشرنا في تقارير سابقة، تساعد اللوبيات الأمريكية المدعومة سعودياً، بما في ذلك شركة كورفيس وتارجيتد فكتوري ـــ وهي شركة إعلام اجتماعي أسسها استراتيجيون جمهوريون ــ تساعد السفارة السعودية عبر ما يُسمَّى (Arabia now)، حيث يتم وبشكل إيجابي ليُّ وتحريف كل شيء يتعلق بالسعودية. إذ نشر أريبياناو (Arabia now) تغريدات عبر حساب يتبع الحكومة السعودية باسم Infographicsksa ، حيث قدم رسومات بيانية (إنفوجرافيكس) ومقاطع فيديو بالإنجليزية تسخر من النمر بشكل مقنع ومنمق، وتظهره على أنه «محرض للفتنة»، بينما تشير إلى فترة العشر سنوات التي قضاها في إيران. كما عمد هذا الحساب ذاته إلى نشر رسومات بيانية بالإنجليزية تدافع عن إقدام السعودية على طرد الدبلوماسيين الإيرانيين وحظر السفر إلى إيران، بينما تستخدم هذا الهاشتاج - السعودية- تقطع - العلاقات - مع - إيران.
من الواضح أن الإدارة الأمريكية لا ترغب في إبعاد حكومة داعبها الرئيس أوباما بكلمات دافئة وبصفقة سلاح تتجاوز قيمتها 90 مليار دولار. فقد أسهمت الحملة الدبلوماسية التي يشنها ممثلون وإعلاميون بتمويل سعودي، في تهيئة الأجواء حتى تمكنت وزارة الخارجية الأمريكية من تقديم رد صامت حول حكم الإعدام.
إذ في بيان نُشرَ عقب عملية الإعدام، تحاشت الخارجية الأمريكية التصريح بالإدانة، لتعبِّر بكل سهولة عن قلقها من أنَّ «إعدام الشيخ الشيعي البارز والناشط السياسي نمر النمر، يُعَرِّضُ لخطر تفاقم التوتر الطائفي في وقتٍ تأتي فيه الحاجة الملحة إلى التخفيف من حدته».
موقع الإنترسبث الأمريكي
حاكموني
قضاء السعودية وشريعة داعش وجهان لعملة واحدة
كتبه: ماجد نواز
ترجمة خاصة لصحيفة (لا)
استهلت معظم الدول عامها الجديد بتقديم أجمل عروض للألعاب النارية، بينما عمدت أخرى إلى تنفيذ عروض بائدة عبر إعدامات عامة.
إذ أعدمت المملكة العربية السعودية 47 شخصاً، السبت (قبل الماضي)، والذي يؤرخ لأكبر عمليات إعدام جماعي منذ مطلع الثمانينيات. ويأتي ذلك عقب 2015م العام الذي تضرج بدماء 158 شخصاً حَكَمَتْ عليهم السعودية بعقوبة الإعدام. كانت إحصائية العام الفائت هي الأكبر خلال العقدين الماضيين، والتي تشير إلى زيادة بنسبة 90% عن عام 2014م. وبعيداً عن التراكمات المتسلسلة لهكذا إحصائيات، فإن إجمالي الإعدامات التي نُفِّذَتْ يوم السبت الثاني من يناير 2016م، سيؤهل السعودية في القريب العاجل لتحقيق رقم قياسي يفوق إحصائية عام 2015م.
وبالفعل، فإن هذه المملكة الدينية الوهابية السنية ــ وهي واحدة من الحكومات الملكية المبتذلة في العالم ـ لاتزال تنفذ أحكام الإعدام والصلب والجلد، بل إن حكم الإعدام يُطبَّقُ على العديد من القضايا، منها الردة والإرهاب وأعمال السحر أو العرَافَة. ومع أن معظم أولئك الذين تم إعدامهم يوم السبت قد اتُّهِمُوا بالإرهاب، إلاَّ أنَّ الشكوك لا تزال تساور الواحد منا حول نظام القضاء/ الشريعة في السعودية، خصوصاً وأنه يعتبر الإلحاد جريمة كالإرهاب يعاقب عليها القانون.
آية الله النمر كان واحداً من بين الذين أعدموا يوم السبت. وكان النمر واحداً من مشائخ الشيعة السعوديين المعروف بصوته المعارض والجريء الذي انتقد الأسرة الملكية الحاكمة علناً، ودعا إلى انتخابات.. في عام 2011م، قال النمر إنَّه يفضِّل المظاهرات السلمية لا العنف: (فسلاح الكلمة أقوى من الرصاص، لأن السلطات ستربح من المعركة بالسلاح)، حد تعبيره. ومع ذلك، اتهمتهُ وزارة الداخلية السعودية بوقوفه وراء أعمال هجوم ضد أفراد الشرطة، وبأنه مناصر لحكومة ثيوقراطية أخرى في المنطقة، وهي إيران الشيعية.
في حقيقة الأمر بلغت حدة التوتر بين المملكة وإيران إلى درجة أبدت فيها السعودية استعدادها تنفيذ أحكام إعدام ضد القاصرين. إذ حُكِمَ على أحد أقرباء النمر ــ وهو في الـ 17 من عمره ــ بالإعدام صلباً، سيُعَلَّق جسده المفصول عن رأسه لعدة أيام، كما أن عبد للَّه الزاهر ينتظر حكم القصاص منذ أن تم اعتقاله وهو في الـ 15 من عمره، والذي يعد أصغر شخص يُحكَمُ عليه بالإعدام إلى يومنا هذا.
وبعيداً عن أحكام الإعدام، فقد اتُّهِمَ الكاتب «رائف البدوي» المرشح لجائرة نوبل، والذي أنشأ منتدى «الليبراليين السعوديين» عام 2008م، اتُّهِمَ بـ «سب الإسلام»، وحكم عليه بالسجن مدة 10 أعوام وألف جلدة. ومن خلال أحكام السجن الصادرة ضد كل من لوجين الهذلول وميساء الأمّور، فإنه يتبين أن المرأة لا يمكنها قيادة السيارة في السعودية، بل إنه لا يمكن لها التذمر والشكوى حيال ذلك عبر منصات التواصل الاجتماعي. وفي الأثناء عمد آل سعود إلى قصف جارتهم اليمن حتى سووا بها الأرض، في ظل تغافل العالم.. إنَّه لعار على الولايات المتحدة الأميركة وبريطانيا العظمى كونَ أنَّ واحداً من أقرب حلفائنا يتمتع بسجل مروّع وحافل بانتهاكات حقوق الإنسان، ففي عصر المعلومات الحالي لم يعد يمكن إخفاء مثل هذا السجل البربري.
وإليكم مكمن السبب وراء ذلك: من خلال تحالفنا مع السعودية، تتبدى سخافة تحالفاتنا العالمية، بالرغم من أنَّ إيران ليست أفضل منها كحليف.
إذ تُظْهِرُ المعلومات أن عقوبة الردة والتجديف والمثلية والخيانة ــ التي قد تعني تنظيم معارضة سياسية أو أعمال ثورية ـ إضافة إلى ارتكاب الزنا والسفاح وقطع الطريق، تُظْهِرُ تماثلها مع شريعة داعش. وفي كلا الحالتين، يتم تبرير هذه العقوبات بطريقة مشابهة للعصور الوسطى عند تناول النصوص الإسلامية.
يوم السبت قامت وزارة الداخلية بنشر بيان بدأته على طريقة داعش بقراءة نصوص من القرآن والأحاديث النبوية، وذلك لتبرير أحكام الإعدام الجماعي تلك، كما ظهر مفتي السعودية الشيخ عبد العزير آل الشيخ، على شاشة التلفاز، عقب ذلك، ليصف القتل على أنه (عدل وإنصاف). ورحب الشيخ فوزي الزفزاف، وهو أحد مشائخ الأزهر بمصر، بأحكام الإعدام، وقال إن السعودية طبقت شرع الله.
وجاء أحد الأحاديث التي اقتبستها وزارة الداخلية من صحيح مسلم، في بيانها، كما يلي: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه».
من الطريف أنني عندما كنت «مطوعاً» في الماضي، استخدمت هذا الحديث ــ كما استخدمته داعش - في نقاشاتي حول ضرورة توحيد المسلمين كافة تحت لواء خليفة عالمي، وضرورة الإطاحة بنظام آل سعود كونه يعيق مثل هذه الوحدة الإسلامية!
وإليكم مكمن السبب وراء ذلك: يسعى تنظيم داعش إلى تطبيق نسخة إسلامية سلطوية على المجتمع، بينما تدعي إيران أنها بالفعل تطبق الإسلام، وتقاتل داعش عبر دعمها لحزب الله. أما السعودية فتدعي أن إيران وحزب الله وداعش قد فهموا الأمر بطريقة مغلوطة، وتزعم أنها تطبق النسخة الإسلامية الصحيحة في المملكة.. ما لم ندرك أن الأيديولوجية الداعية إلى فرض أية نسخة إسلامية على الناس ستعيث الفوضى في المنطقة، وستعيق تقدم المجتمعات، فإن الشرق الأوسط لن يحظى بفرصة للتعافي من الاضطرابات التي يواجهها اليوم. والسعودية هي الدولة الأغنى، بل والداعي والداعم الأكبر والأنشط لذلك التوجه الأيديولوجي. وكما يتم التعامل مع المثليين هناك، قررت السعودية التعامل مع كل من يشبهها بداعش، وذلك بمحاكمته، فلتحاكموني إذن (حاكموني أو sue me هاشتاغ يتم تداوله عبر الموقع الاجتماعي تويتر).
صحيفة الدايلي بيست الأمريكية
المصدر صحيفة لا