إنه صوت شعري هادر يجرف كل ما في طريقه من أبواق تحالف العدوان ومرتزقته، لأنه نفخ في قصائده من روحه العارمة، فهي سلاحه الباتر ومعجزاته الإبداعية ومصدر الدهشة والإعجاب عند كل من يستمع لقصائده.. عندما نلقي الضوء على قصائد الشاعر الكبير حاشد الشليف، فإننا نأخذ بيد القارئ في سلاسة ويسر ليبحر إلى عالمه الشعري المليء بالصمود والتحدي لهذا العدوان السعودي القبيح.. إنه ظاهرة شعرية نادرة تفجر فيها الإبداع وقدم عطاءً مميزاً، كما أن بصمته الشعرية ثرية ومؤثرة.
إنه الشاعر الذي يلقي بفيض من خصوبة شاعريته في كل أرض اليمن، فيمتد من حوله ظلاً باسقاً وخضرة لانهائية.
هناك الكثير من الشعراء الذين انحسرت عنهم الأضواء، فتراجعت قصائدهم إلى منطقة الظل، لكن قصائد الشاعر الكبير حاشد الشليف لن تتراجع إلى منطقة الظل، لأنها غاية في الإتقان والإجادة.
الشاعر حاشد الشليف يعيش بين حلم لا يكتمل، وبين واقع دامٍ أتاح بثقله على روحه الشفافة المهمومة بقضايا الوطن، كما تتميز قصائده بلغة قوية تجسد سيرة صمود الشعب اليمني أمام هذا العدوان، وتتميز بنبع يفيض بمشاعر العذوبة.
لسان الناس
ـ هل استطاع شعراء القصيدة الشعبية، وأنت واحد منهم، خلق ذائقة جديدة؟
بصراحة، لم تستطع خلق ذائقة جديدة، لأن الشعر الشعبي يعتبر لسان القبيلة عبر الأجيال، واليمن كما هو معروف يتصف بالعادات والتقاليد، فالشعر كان يستخدم في حل مشاكل وفي إثارة الحرب وفي النكف، إنما في هذه المرحلة استطعنا أن نعيده ونوقظه بعد أن كان نائماً، فأتت حرب البعران على اليمن، فعاد الشعر لإيقاظ العادات والتقاليد التي كنا قد نسيناها.

التنوع مصدر قوته
ـ حين يكون لكل شاعر لونه وأسلوبه وطريقة تعبيره، يعتبر إغناء وإثراء للساحة الفنية الإبداعية التي تتعدد فيها الأصوات والتجارب والخبرات.. ما تعليقك؟
لكل شاعر لونه وطريقة تعبيره، والناس ليسوا على طابع واحد، فعندما تتعدد طرق إلقاء الشعر وطرق القراءة والكتابة، فكل فئة من الشعب لها لون معين، والبعض يفضلون أسلوباً محدداً، وهذا التنوع والتعدد يضفي للشعر قوة، والرسالة تصل في أتم وجه.

ـ من هو الشاعر الذي يشبهك؟
محمد الجرف وعبدالكريم مقبل.

ـ إلقاؤك للقصيدة يدهش كل من يستمع لك، هل توافقني الرأي؟
عندما ألقي القصيدة أشعر بأني أخرج من الجو وعن الإطار الذي أكون فيه، والكثير يقولون بأن إلقائي للقصيدة مميز.

الشعبية أكثر تأثيراً
ـ لماذا تراجعت القصيدة الفصحى وغابت، فيما ظهرت القصيدة الشعبية بشكل قوي في مواجهة العدوان؟
لأنها تخاطب الشعب بلهجته، وسهلة وواضحة المفاهيم ومصوبة الهدف إلى المستمع وإلى الإنسان العامي والمثقف، أما القصيدة الفصحى فبعض كلماتها لا يفهمها كل الناس من البلاغة.

البداية من الرزفة
ـ لنعد بالذاكرة إلى البداية، متى كانت الممارسة الفعلية لكتابة القصيدة؟
البداية كانت في الأعراس، لأنه عند ما يسمى (الرزفة) في الأعراس في نهم، كنا نعمل رزفات، وهي عبارة عن فريقين، وكل فريق له شاعر.. وتعلمت الشعر والحمد لله، حينها كنت في الصف الثاني الإعدادي.

غزل في أول المشوار
ـ هل تكتب القصيدة العاطفية؟
كتبت قصيدة عاطفية لأمي فقط، وكتبت قصيدة غزلية في بداية المشوار، وأهديتها لزوجتي.

ـ عمل شعري تعتز به كثيراً..
الرادفة والراجفة.

حلم الانتصار
ـ بماذا يحلم الشاعر حاشد الشليف؟
أحلم بانتصار الشعب اليمني على العدوان، وأن أكون لسان الشعب في هذا الانتصار.

 ـ هل تستمع للموسيقى؟
لا.

ـ لماذا؟
بسبب طبيعة البيئة التي عشت فيها، فأستمع إلى الزامل وأنسجم معه، فأتى الشهيد لطف القحوم رحمة الله عليه وعيسى الليث، وأحيوا ما قد كان مات.

منشدين يتعاملون بالوساطة
ـ هل لك قصائد تم إنشادها؟
للأسف فبعض المنشدين يتعاملون بالوساطة.

ـ ولكن هناك قصائد قوية لم تنشد، وهناك قصائد ركيكة يتم إنشادها، لماذا؟
كما ذكرت سابقاً لعدم وجود الوساطة، فمثلاً أنا أكتب قصائدي في (الفيس) وعلى كافة الروابط الاجتماعية، ويفترض على المنشدين أن يقوموا بإنشادها وتلحينها إذا كانت مناسبة، كوننا في مسيرة وهدف واحد، وليس عليَّ أن أتدني أو أتلجي أو أترجي.

صمود نازح
ـ ماذا تعني لك قصيدة (صمود نازح)؟
تعني لي الكثير، لأنها تتكلم عن تراث أبي وجدي، عن الدار الذي استهدفه العدوان، وهذا الدار له ما يقارب 380 سنة، وهو مبني ومشيد ونقوم بترميمه كل عدة سنوات، وكان لا يزال مبنياً كأنه تحفة، وهو في فرضة نهم.

ـ ما الذي يزعجك؟
يزعجني القول بدون فعل.

ـ هل الحضور الطاغي لبعض المنشدين له دور كبير في إظهار الشاعر؟
من قبل كان يشتهر المنشد ويموت الشاعر، والآن بدأنا نرى اسم الشاعر والقصيدة التي كتبها.

ـ بمن تأثرت؟
بنفسي.

ـ من هو الشاعر الحقيقي؟
هو الذي يجعل مشاعره تكتب، والذي يصدق في كلماته.

ـ ما هو الشيء الذي تمنيته ولم يتحقق؟
تمنيت أن ألتقي بالسيد عبدالملك بدر الدين.

أرضي نفسي أولاً
ـ عندما تكتب القصيدة هل تحاول إرضاء قارئ معين أو فئة معينة؟
عندما أكتب القصيدة أحاول إرضاء نفسي أولاً، وإرضاء الثكالى واليتامى والأرامل، وإرضاء الله سبحانه وتعالى.

ـ ما هو الكنز الذي أعطتك إياه الحياة؟
الشعر في وجه العدوان.

ـ كلمة أخيرة..
أقدم التحية للقائد المبجل السيد عبدالملك الحوثي وللقيادة، وإلى الأبطال ورجال الرجال المجاهدين في ساحة القتال، أنتم نحن ونحن أنتم، فجميعنا يكمل بعضنا، وإلى الأمام، وإن شاء الله لن نتوقف إلا وقد طهرنا البيت العتيق، وكذلك الأقصى ينادينا، ونحن اليمانيين نفس الرحمن، ونحن الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله: (الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية والشرعة يمانية)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا اشتدت الفتن فعليكم باليمن).. فنحن اليمنيين اختارنا الله واختارنا رسول الله لهذه المرحلة.. وشكراً لصحيفة (لا) على هذا اللقاء.