عسير - صلاح العلي/ لا ميديا

تتصدى (قوات حرس الحدود اليمني) واللجان الشعبية لزحوفات تحالف العدوان بدأب قل نظيره، لتشكل بذلك جدار صد أسطورياً لا ينفك عن إيلام العدو يوماً تلو آخر.. وفي الوقت الذي تواصل فيه قواتنا الإطاحة بمواقع العدو تباعاً غربي مجازة وقبالة منفذ علب بعسير، يواصل الموت مكره بالمرتزقة دفعاً بهم لمحاولة استعادة المواقع الساقطة أو الزحف نحو مواقع قواتنا، والتي دوماً ما تنتهي بتكبيدهم خسائر فادحة، والإسراع إلى ما اعتادوا الذهاب إليه، وهو تولي الأدبار تحت وقع الضربات اليمانية الموجعة وعزيمة الصمود والتحدي الأسطورية لدى رجال الرجال.

وعقب 4 أعوام من الحرب الكونية، لا جدل أن العدو فشل في اختراق تكتيكات التصدي لقواتنا أو الالتفاف عليها ضمن جملة محاولاته البائسة حد الإسفاف.
وبطبيعة الحال، تأتي هذه المحاولات المتواصلة للعدو في إطار سعيه الحثيث إحداث اختراق عكسي في العمق اليمني، ليقلب حالة التقدم الراهنة في عمقه إلى النقيض من ذلك، فمثلاً في عسير عبر إعادة السيطرة على السلسلة الجبلية الممتدة من مجازة شرقاً حتى التباب السود والمرتفعات المتاخمة للربوعة وتتالياً حتى يحصل على 20 كيلومتراً في الداخل اليمني يقوم بحشوها بالمرتزقة والجنجويد فيما يعاود جنوده معاشرة رحلة الرفاهية الجبهوية في رحاب أجهزة التكييف ووجبات (الماكدونالدز) و(الكبسات) بأمان.. كما وأن الأمر رغبة العدو وحاجته الجامحة لتخفيف الاستنزاف الكارثي الذي يعيشه بكل الجوانب.
وعلى الرغم من كل الإمكانات المتوفرة وملايين الريالات السعودية المبذولة، فإن ذلك كله يتلاشى هباء مع أول طلقة لأبطالنا يرسلونها نحو العدو.
وتبين خارطة زحوفات العدو في جبهات عسير المختلفة خلال الشهرين الماضيين والتي تقدر بالعشرات، اندفاع العدو لاستغلال ضغط المعركة الجارية في الساحل الغربي متوهماً أنها تخل بمعادلة الصمود اليمنية أو تخفف من القدرات الحربية في الحد الشمالي.
وينفضح هذا التوهم أمام العمليات المتواصلة التي تخوضها قواتنا في الجبهات المختلفة داخل عمق العدو وضد أهم مواقعه الاستراتيجية، لاسيما تلك الأخيرة في مجازة عسير وعلب ورقابة (إم بي سي) والرقة بجيزان التي تهاوت إلى جانبها العديد من القرى السعودية الاستراتيجية.
وعلاوة على ذلك كله، فإحصائيات خسائر العدو في الحد الشمالي عن شهر سبتمبر والنصف الأول من شهر أكتوبر فقط تعد فادحة بامتياز، إذ قتل وجرح ما لا يقل عن 400 مرتزق و70 جندياً وضابطاً سعودياً وتدمير نحو 60 مدرعة وطقماً ودبابة... ووقوع كميات كبيرة من السلاح والذخائر بأيدي قواتنا، ما يجعل العدو في حالة هستيرية من حيث ضخامة ما يتطلبه من تعويض في العتاد والمقاتلين والأهم من ذلك الضباط السعوديون والقادة الميدانيون الذين تحصدهم قواتنا بلا توقف.
ووفقاً لمعلومات استخباراتية دقيقة، فالعدو يعاني -من ضمن جملة أمور- من مسألة الترقيات المتواصلة في الجيش السعودي وتبعاتها، إثر تزايد أعداد القتلى وسط ضباطه خاصة الذين يعتبرهم الأكثر أهلية من مختصي المهام العملياتية واللوجستية، الأمر الذي يؤدي لشلل جانب من البنية البينية في هرم الجيش السعودي وينتج عنه تفكك الوحدات العسكرية بالميدان خاصة خلال المواجهات على شاكلة الذعر القطيعي المدرع كما بينت عدسة الإعلام الحربي.
وقد فاقمت هذه المعضلة الانقسامات الأميرية العليا التي انعكست على الولاءات داخل الجيش.
وإزاء ذلك، تقول المعلومات إن العدو اتجه لاستجلاب وحدات خاصة من القوات الأمريكية ومنها (القبعات الخضراء) وضباط مصريون وآخرون باكستانيون، في محاولة لتغطية العجز القيادي الميداني التكتيكي، والأمر ذاته على المستوى الاستراتيجي، فضلاً عن إعطاء دفعة معنوية لوحداته ترفع من المستوى الذي تعاقره تحت الرقم صفر.

فيما كانت الخطوة الأخرى هي إعادة توزيع القوى على النحو الآتي:
الخط الأول للمواجهة: المرتزقة المحليون.
الثاني: المرتزقة الجنجويد.
الثالث: السعوديون وخلفهم خبراؤهم الأجانب.
وهذه الخطوة هي كذلك تأتي من يقين بهزالة القوات السعودية ورخاوة أدائها الفاضح، حيث لا عقيدة قتالية ولا قضية ولا انتماء، ولا يكذب الرئيس الأمريكي ترامب حين يقول ضمن سياقه الابتزازي للخزينة السعودية: (لن تصمدوا من دوننا اسبوعين). وفي وقت سابق كان قد أبدى ضباط واستراتيجيون أمريكيون ذهولهم من مدى العجز والفشل السعودي أمام الإدارة اليمنية للمعركة على الرغم من كل الإمكانيات والتقنيات فائقة التطور بأيدي السعوديين ومرتزقتهم والدعم اللوجستي والمعلوماتي بما في ذلك الأقمار الصناعية... ومن هؤلاء كان العسكري الاستراتيجي كولن باول حين قال: (إنهم لا يعرفون حتى معنى كلمة حرب)، وهو واقع الحال المعاش فعلاً.
ولعل السائل سيتساءل، وجدير به ذلك، عن جدوى استمرار الزحوفات في عسير وتكثيفها على الرغم من النتائج المأساوية التي تصاحبهم دون فكاك؛ وإلى متى؟!
تجيب المعطيات المختلفة وتقر بأن الأمر لا يعدو كونه استرخاص الدوائر العليا للعدوان دماء ورؤوس المرتزقة المحليين ليُدفع بهم إلى مطاحن موت لا تتوقف وتصل في كثير من الأحيان إلى استخدامهم لتنفيذ تكتيك حربي معهود، وهو (الاستطلاع بالنار)، كجرذان رخيصة يُختبر بها تواجد الخصم وفاعليته من عدمه، وبذلك يوفر أكلاف استخدام الطيران والأقمار الصناعية.
وبناء على هذه الحقيقة -التي يحول المال السعودي القذر دون وصولها للمرتزقة- يعتري العدو أمل مخبول في أن ذلك سينهك القدرات اليمنية الحربية باستمرار الضغط الميداني عله ينجز من بين عشرات الزحوفات نجاحاً واحداً يسد به رمق سجلات إنجازاته البيضاء أمام سجلات إخفاقاته السوداء حد العتمة.
وأما عن (إلى متى؟!)، فالعدو يجيب: سنحارب حتى آخر مرتزق يمني وحتى تجف الخزينة السعودية..
وذلك ليس ببعيد.