شعب العيدروس يموتون عطشا ومؤسسة المياه قبال أعينهم

تقرير: دنيا حسين فرحان / لا ميديا -
الماء هو أساس الحياة، فكيف سيكون حال الناس إذا كان هذا الأساس غير موجود، فكثيراً ما نسمع أن المؤسسة العامة للمياه تحذر من كارثة مائية ستحل بمحافظة عدن في حال لم يتم إمداد الخزانات بالديزل اللازم لها حتى تتمكن من ضخ المياه إلى الأحواض ومنها إلى المناطق ومنازل المواطنين.
لكننا نسمع أيضا أن هناك مجموعة كبيرة من المواطنين في مناطق نائية أو حتى في المدن يشكون من انعدام المياه في منازلهم، إما لصعوبة وصولها إلى المنازل، أو لأنها لا تصل إليهم أبدا، فيضطرون لتوفير ما يقدرون عليه مما يحتاجونه من المياه باتباع طرق مجهدة فيها الكثير من المعاناة، أو بالشراء المستمر للمياه.. وهو ما يرهق كاهلهم ويكلفهم ماديا.
في هذا التقرير نستعرض معاناة سكان بعض المناطق في محافظة عدن بسبب غياب المياه، وكيف يتعاملون مع هذا الأمر، وكيف هي حياتهم اليومية في غياب أحد المصادر الأساسية للحياة والعيش، إن لم يكن المصدر الرئيس لها.
هناك عدة مناطق في عدن «المحررة»، مع الأسف، تفتقد المياه في بعض أحيائها، وأبرزها: شعب العيدروس بمديرية صيرة، مديرية الشيخ عثمان، مديرية المنصورة، مديرية البريقة، ومناطق أخرى في مديريات دار سعد والتواهي والمعلا.

شعب العيدروس بلا ماء
يشكو سكان منطقة العيدروس وبعض من أحياء القطيع في مديرية صيرة من عدم وصول الماء إليهم منذ سنوات، ويقومون باستئجار «البوز»، أو يقوم الشباب والنساء والرجال بنقل الماء من المساجد أو من البيوت التي يصل إليها عن طريق تعبئته في دبب أو أوان منزلية أو زجاجات إذا كان ماء للشرب، وكل يوم يتكرر نفس سيناريو المعاناة للحصول على المياه.
وقد أوضح سكان المنطقة أن هناك أماكن وأحياء لا يصل إليها الماء نهائيا منذ سنوات. مشيرين إلى أنهم حاولوا مراراً وتكراراً التواصل مع المسؤولين في المديرية ومؤسسة المياه القريبة منهم، من أجل تنفيذ مشروع مضخة للمياه في مناطقهم للتخفيف من أعبائهم، إلا أن كل محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح، ومطالباتهم بلا جدوى.
«لقد تعبنا من هذا الوضع الذي لا نعرف له نهاية»، حسب قولهم.

صعوبة الحصول على قطرة ماء 
مديرية الشيخ عثمان، هي الأخرى تحوي مناطق سكنية لا يصل إليها الماء، ويعيش سكانها معاناة دائمة في نقله من المساجد وفي انتظار «البوزات» التي تأتي من أجل أن يأخذوا منها ما يحتاجونه.
فالمعروف أن الشيخ عثمان منطقة شعبية، أغلب قاطنيها شبه معدمين أو معدمون، كالمهمشين والنازحين والأسر المحتاجة والمتعففة، فكيف سيتمكنون من شراء الماء بشكل يومي من «البوز» أو من البقالات، وليس لهم أي مصدر دخل، خصوصاً هذه الأيام في ظل ارتفاع أسعار كل شيء، ومن ضمنها المياه التي يحتاجونها سواء في الشرب أو في الاستخدام المنزلي.

ناس يشربون وآخرون يموتون عطشا
مديرية المنصورة تعاني أيضاً في بعض أحيائها من مشكلة عدم توفر المياه، بخاصة وأنها مديرية كبيرة وتضم عدداً من المدن السكنية، إضافة إلى زيادة عدد السكان فيها، وهو ما يعني زيادة الضغط على مصادر الماء الرئيسية، فالكل بحاجة للماء، لكن العديد منهم يلجؤون إلى استخدام «الدينمات» والمضخات لشفط المياه واستغلالها لصالحهم بشكل يومي، وهو ما يؤثر بشكل كبير على أحواض الماء الرئيسية، فيما يحرم بقية السكان من الحصول على الماء.

«السلطات» في موقف المتفرج
والأسوأ من ذلك أن السلطة المحلية في المديرية، ممثلة برأس هرمها محمد البري، مدير مديرية المنصورة، تكتفي بالتصريحات التي تحذر من كارثة مائية وشيكة في محافظة عدن، دون أن تقوم بأي شيء لتفادي هذه الكارثة أو التخفيف منها على الأقل.
فقد صرح البري قبل فترة بأن بعض الأشخاص قاموا بإنشاء مساكن لهم بجوار أحواض المياه في بير أحمد وناصر، وربطوا أنابيب (بيبات) مياه من الأحواض مباشرة إلى مساكنهم، محذراً بأن هذا الأمر غاية في الخطورة، بحسب قوله.
وناشد المسؤولين في الجهات المعنية (مؤسسة المياه والوزارة) وكل من يهمه الأمر، سرعة التدخل والقيام بإجراء لإبعاد هذه الأسر من جوار أحواض الماء التي تغذي مناطق عدن بأكملها، ما لم سوف تحدث كارثة، وشحة في المياه قد تحل بمحافظة عدن وتحرم ساكنيها من المياه نهائيا.

إهمال ولامبالاة
البريقة المديرية التي تمتد على مساحة كبيرة تضم العديد من المناطق تشكو معظمها من غياب المياه، ومن تلك المناطق، منطقة صلاح الدين التي كان الماء فيها لا ينقطع حتى في فترة الحرب وتعرضها للقصف، أما اليوم فهي تعاني من انقطاع المياه عنها لأيام عدة.
البعض يقول بأن المشكلة سببها ربط المنطقة بمناطق أخرى مرتفعة عنها، ما تسبب بعدم وصول الماء إليها من نقطة التوزيع الرئيسية بشكل مباشر، بينما البعض الآخر يرى أن السبب يكمن في قيام بعض السكان بقطع الأنابيب الرئيسية لضخ المياه إلى المنطقة وتحويلها إلى أماكن قريبة من مساكنهم أو من بنايات تابعة لهم في مناطق بعيدة، وذلك من أجل الاستحواذ على كمية المياه القادمة للمنطقة واستغلالها لمصلحتهم.
وهناك من يوجه أصابع الاتهام نحو السلطات المعنية في المديرية بسبب إهمالها لمعالجة مشكلة انعدام المياه التي يعاني منها المواطنون في منطقة صلاح الدين، وكذا المناطق المجاورة لها التي يكابد سكانها نفس المعاناة، دون أن تحرك هذه الجهات ساكنا لحل المشكلة وتخفيف وطأتها على المواطنين.

معاناة مستمرة
مشكلة انعدام المياه تثقل كاهل المواطنين في الكثير من مناطق محافظة عدن، حيث يشكو أيضا سكان عدد من الأحياء في مديريات دار سعد والتواهي والمعلا من تردي خدمات المياه في مناطقهم، بخاصة بعد الحرب الأخيرة.
وبحسب السكان، فإن هناك مناطق لا تصل إليها المياه أبدا، الأمر الذي فرض عليهم العيش في معاناة مستمرة من أجل الحصول على المياه.
ووجه السكان انتقادات لاذعة للجهات المعنية (الحكومية والمحلية) التي لم تقم بأي جهود، ولم تنفذ أي مشروعات من شأنها حل هذه المشكلة وتوفير المياه للمواطنين الذين يعتبر من حقوقهم الرئيسية وواجباً على كل دولة القيام بها تجاه سكانها.
ومع ازدياد معاناة المواطنين في مختلف مناطق عدن والمحافظات المجاورة من أجل الحصول على المياه وتوفيره كمطلب أساسي للحياة، تبقى آمالهم معلقة باستجابة السلطات المعنية و«المحافظ الجديد» لمناشداتهم المستمرة والمتكررة.
فهم لا يطلبون سوى تدخل الجهات المعنية لتوفير المياه لهم، وضمان الحصول عليه دون تعب أو مجهود كبير، فيكفي غلاء الأسعار الذي حل عليهم، والأزمات المتكررة والأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي تعصف بالبلاد، وعدم قدرتهم على ملاحقتها.