«إعـادة تموضع» أم خيانـة عفاشيـة أم فدية إماراتية لدبي وتضحية بالرياض!

ذو الفقار يوسف / لا ميديا -
مثّل انسحاب مرتزقة ما تسمى "ألوية العمالقة" التابعة للاحتلال الإماراتي، من الساحل الغربي، أمس، دفعة وقود كبيرة وصادمة صبت في بؤرة لهب الاتهامات المتبادلة بـ"الخيانة" بين فصائل ومكونات الارتزاق، وفاقمت من اشتعالها.
في الوقت الذي بات فيه اندحار عملاء تحالف العدوان الكوني عن مأرب بالكامل حتمية موقوفة على بضعة أيام قادمة، اندحر العملاء بصورة "ملغزة" وباغتة عن مناطق سيطرتهم في الساحل الغربي خلال بضع ساعات... كيف حدث ذلك ولماذا وبموجب ماذا؟!
"إنها الخيانة ولا غيرها.." صرخ فصيل من العملاء...
الانسحاب "الإماراتي" من الساحل أو "إعادة التموضع" جاء عقب نحو يومين من "إعادة تموضع سعودي" وفق تعبير ناطق تحالف الاحتلال تركي المالكي، وتمثل في مغادرة عديد وعتاد عسكري سعودي - سوداني من عدن عبر ميناء الزيت، الثلاثاء الفائت.
وأكدت مصادر مطلعة أن انسحاب "ألوية العمالقة" التابعة للاحتلال الإماراتي من الساحل هو لشغل فراغ الانسحاب السعودي في عدن وشبوة.
من يخون من... إذن؟... ولماذا الآن؟
إجابة هذا السؤال تتطلب تظهير المواقع التي انسحب منها المرتزقة في الساحل الغربي ومحيط مدينة الحديدة حيث يفترض أن الاشتباك مقيد باتفاقية ستوكهولم الموقعة في كانون الأول/ديسمبر 2018.
صحيفة "لا" حصلت من مصادر خبيرة على معلومات مؤكدة تمثل خارطة كاشفة لطبيعة الانسحاب وقوام العديد والعتاد المنسحب.
تحت ستار الساعة الأولى من ليلة الجمعة شرعت كامل "ألوية العمالقة" بالانسحاب من الساحل الغربي، الذي استغرق الاستعداد له أياماً قبيل الشروع فيه ولا ريب.
وبحسب مصادر "لا" فإن الألوية العميلة أخلت مناطق سيطرتها بالكامل في تخوم الكيلو16 المدخل الشرقي لمدينة الحديدة، ومشارف مديرية الدريهمي المتاخمة للبحر جنوب المدينة، كما ومديريات الجاح والتحيتا والجبلية، وشمل الانسحاب إخلاء جميع المرافق الفنية واللوجستية الميدانية التابعة للألوية العميلة... وهي بحسب. معلومات حصرية لـ"لا" الورشة الفنية العسكرية وغرف العمليات المشتركة وقاعدة الإمداد والتموين وطاقم المشفى الميداني الواقع ضمن مديرية الدريهمي لجهة البحر، كما ومطابخ الألوية الواقعة في "كود عنبة" بالمديرية.
واستمراراً لمعلومات "لا" فإن القوة المنسحبة التي تمثل كامل قوام ما تسمى قوات العمالقة، هي "اللواء الخامس" بقيادة التكفيري أبو هارون اليافعي، والذي ارتكب مذابح موثقة بحق أسرى الجيش واللجان الشعبية استخدم خلالها عناصره السواطير في ذبحهم، علاوة على "اللواء السادس" بقيادة المدعو ناصر قاسم الصبيحي.
وإذ تفيد الأخبار الواردة من الحديدة بأن المدينة تنفست واتصلت شرايينها المقطوعة لما يقارب 3 أعوام، وسيطر الجيش واللجان على كامل مسرح الاشتباك القديم، فإن مصادر الصحيفة تؤكد أن ألوية العمالة المنسحبة تعيد تموضعها في محافظتي عدن وشبوة، بالإضافة للمناطق المحتلة من محافظة الضالع وسط البلاد، كما وفي مديرية كرش التابعة لمحافظة لحج والمتاخمة لتعز شمالا، إضافة للشريجة على التماس "الشطري السابق للوحدة" بين تعز ولحج.
وبحسب مصادر "لا" فإن قوام الألوية العميلة المنسحبة من الساحل الغربي يبلغ 9 آلاف فرد.
في ما يشبه الرد، وضع مقربون من "الانتقالي" ما وصفوه بـ"إعادة التموضع" في سياق "الحاجة الملحة لتحصين حدود الجنوب في مواجهة قوات الحوثي" التي "مكنتها خيانات الإصلاح من السيطرة والتوغل في أبين وشبوة جنوباً بتسليمها البيضاء ومأرب شرقاً"، بينما اعتبر "الإصلاح" العميل والمثخن بالخيبات، انسحابات الساحل "خيانة إماراتية عفاشية" له، لاسيما وأن الساحل الغربي كان بمثابة قشة يراهن عليها في النجاة من غرق مؤكد بعد خسارته مأرب.
غير بعيد، كانت صليات الجيش واللجان الشعبية تدك، الأربعاء الفائت، بالتزامن، أهدافاً عسكرية حساسة للعدو السعودي في عمقه، ولمفاصل الارتزاق التابعة للإمارات في الداخل، ملحقةً خسائر نوعية فادحة في صفوفهم، أبرزها مصرع العشرات من الرتب السعودية على رأسهم قائد الفوج الأول في ظهران الجنوب بعسير شمالاً، وحصيلة صرعى ودمار عتاد مماثلة في معسكر لعميل الإمارات طارق عفاش في مديرية المخا الساحلية ومعسكرات ارتزاق خونجية في مأرب شرقاً.
بالتزامن كذلك هيمن على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيل مصور لناطق القوات المسلحة العميد يحيى سريع يتوعد خلاله بدك بنك أهداف إماراتية يقع أبرزها في دبي وأبوظبي، ورغم أن التسجيل المتداول يعود للعام 2019 فإن عودته لواجهة المشهد لم تكن عفوية بحسب مراقبين، بل تحمل رسالة بالغة القوة يمكن قراءة الانسحاب الدراماتيكي لعصابات الارتزاق من الساحل الغربي على ضوئها، لاسيما وأن الإمارات باتت هدفاً تالياً لصنعاء ينضج على وقع تهاوي قلاع الرهان السعودي الكبرى وانقشاع ورقة توت "الشرعية" عن خاصرة تحالف العدوان بما لا يتيح للرياض الاستمرار فيه دون أن تلحقها خسارة وجودية تهدد بتداعي المملكة ذاتها. 
ويستبعد مراقبون كون تداعيات الانسحاب الدراماتيكي الأخير جرت بـ"اتفاق سري" تنفيذاً لبنود ستوكهولم المراوحة في ثلاجة المماطلة الأممية منذ توقيعها نهاية العام 2018 خصوصاً وأن الانسحاب تم خارج إشراف لجان إعادة الانتشار المؤلفة أممياً من طرفي الاشتباك ضمن الاتفاقية، كما أن صنعاء نفذت باكراً إعادة انتشار أحادي الطرف عقب توقيع الاتفاقية لم تملك الأمم المتحدة حياله سوى المباركة.
بالمحصلة فإن وتيرة الغزل المتصاعدة بين "الإصلاح وطارق" قد ارتدت على إثر صدمة الانسحاب إلى سدة التخوين والتناحر البيني السابق بما يجعل مما يسمى "اتفاق فاضل/ طارق" الأخير خدجاً أُجهض في مأتم خلطة العمالة المثخنة بالهزائم شرقاً وغرباً وجنوباً ووسطاً وشمالاً.
هل يمكن -إذن- تأويل الانسحاب كإعادة تموضع متفق عليه لـ"حوار شطري" محتمل مقبل يدفع نحوه المبعوث الجديد على خطى سلفه؟
ربما كان هذا السؤال سيبدو منطقياً فقط قبل أن تهدر أقدام رجال الرجال على مقربة من "مسقط الدنبوع- وضيع أبين"، وتكبح جماحها اقتداراً عند الشرفة الحاكمة على ميناء بلحاف شبوة... وأهم من ذلك قبل أن تستوي على عرش سبأ.