طلال سفيـان / لا ميديا -
بعد خروج مرتزقة العدوان من منطقة كيلو16 عاد الشريان الحيوي للنبض من جديد, 
وتدفقت الدماء في جسد هذا الطريق وعادت الحياة.. أزيلت مخلفات المرتزقة وأعلن عن تأمين هذا الخط الذي يربط الحديدة مع بقية المحافظات, فاتحا أمام العابرين بشارة نصر جديد.
يربط كيلو 16 من جهة الدوار شرقا خط صنعاء وريمة والمحويت وجنوبا تعز ويمتد حتى منطقتي كيلو 4 وكيلو 7 الصناعيتين، ويحده من الجهة الغربية الجنوبية مطار الحديدة، وصولاً إلى شارع الشهيد الصماد فمنطقة 7 يوليو، مفتاح مدينة الحديدة.

كيلـو 16  طــــواف بيــــن ركام الخراب
في رحلة طواف قام بها رياضيو الدراجات الهوائية امتدت من العاصمة صنعاء حتى مدينة الحديدة، بمناسبة اندحار قوات مرتزقة العدوان من منطقة كيلو 16 ومديريتي الدريهمي والتحيتا، كانت لحظة فارقة عند الوصول إلى نصب قوس كيلو 16.
ظهر الخميس 18 نوفمبر 2021، كنت أقف مع هؤلاء الدراجين الذين رافقتهم في طوافهم، وفي لحظة استقبالهم من مسؤولي الرياضة ومحليات الحديدة، تحت القوس المدمر البوابة الثانية في شرق مدينة الحديدة.
كل شيء مدمر، المنازل، المصانع والطرقات، ويمكن أن تلاحظ كتابات تعبر عن ذكرى مرتزق باع نفسه للشيطان على جدران دكان محطم، وعليك أن تتوخى الحذر من الدخول إلى المناطق الفرعية لخط كيلو 16 المؤدي لمدينة الحديدة وفق لوحات وضعها الجيش واللجان عن أماكن تواجد الألغام التي زرعها العدوان خلال تواجده في هذه المنطقة التابعة لمديرية الحالي من سبتمبر 2018 حتى انسحابه منها في 12 نوفمبر الجاري.
أثناء تواجدي في مدينة الحديدة التقيت بصديقي أمجد الدبعي. يقول أمجد: «جئت للحديدة لتفقد منزلنا في شارع الشهيد الصماد (الخمسين سابقاً)، الحي مدمر ولم يسمح لنا بالدخول حتى تنتهي الفرق من نزع الألغام وتأمين المنطقة، المهم سنعود إلى منازلنا بعد ثلاث سنوات من النزوح من الأحياء بعد انسحاب المرتزقة منها».
وهكذا فتح طريق كيلو 16 أمام الزوار والمسافرين والعائدين إليها من مختلف محافظات الجمهورية، الذين استبشروا خيراً بفتح هذا الممر الاستراتيجي الذي يعد شريان حياة لأبناء محافظة الحديدة والوافدين إليها بعد تصعيد وإغلاق دام ثلاث سنوات من قبل مرتزقة العدوان.

حين كانت المسافة 600 كيلومتر
«من يصدق أننا كنا نقطع مئات الكيلومترات للوصول إلى المصنع. أنا أسكن في منطقة 7 يوليو بمدينة الحديدة، التي تبعد عن مكان عملي 3 كيلومترات، ومع وجود المرتزقة في كيلو 7 كنت أسافر لمدة يومين حتى أصل إلى مكان عملي!». هكذا تحدث، عبده كليب، أحد عمال شركة إخوان ثابت، أثناء تواجده فجراً في جولة يماني مع بقية زملائه انتظارا لحافلة الشركة.
ويقول عبدالقادر عطاء، الموظف في مجموعة ثابت: «كانت رحلة طويلة مليئة بالمشقة والمعاناة لعمال المجموعة حتى يصلوا إلى مقر مصنع يماني قادمين من أحياء المدينة ومن المناطق القريبة للمصنع».
ويشرح عطاء كيف كان يتم إيصال العمال والموظفين إلى المصنع الذي كان يقع ضمن نطاق سيطرة مرتزقة العدوان: «كانت شركة إخوان ثابت تأخذ تصاريح تنقل عمالها مما تسمى قوات حراس الجمهورية، وكذلك من الجيش واللجان الشعبية، ثم تقوم باستئجار حافلات لهم ويسافرون بها من مدينة الحديدة إلى الضحي ثم الكدن بسردد وإلى باجل والمراوعة والقطيع وصولاً إلى كيلو 16، بعدها يتجهون إلى طريق تعز ويمرون ببيت الفقيه والجراحي ثم إلى مفرق العدين وجبل راس وسقم، ويواصلون رحلتهم إلى الخوخة ومنها إلى التحيتا والدريهمي عبر الخط الساحلي، ويصلون إلى خلف المطار ومنها ينتهي المطاف بوصولهم للمصنع أو حتى خروجهم منه في رحلة تقطع ما بين 500 إلى 600 كيلومتر».
ويشير إلى أنه «كان يتم تقسيم العمال إلى مجموعات، وكانوا يبقون داخل المصنع لمدة شهرين، ومنهم يبقون 4 أشهر، ويتم صرف مبلغ 5 آلاف ريال يومياً لكل عامل مع السكن والتغذية خلال بقائهم في المصنع».
ويختم القصة: «ساحات المصنع كانت ثكنة عسكرية لمجاميع هيثم التابع للعمالقة، نهبت الأدوات ودمر وتضرر المصنع من قبل هؤلاء المرتزقة، قتل من عمالنا 42 عاملاً منذ بدء العدوان، كما تم نقل كافة العاملات إلى مجمع الكدن الصناعي تأمينا لهن خلال تواجد مليشيا العمالقة داخل المصنع وفي كيلو 16».

الصماد تهامي الهوى
مع انسحاب مرتزقة العدوان من منطقة كيلو 16، نصب المجلس المحلي لوحة ضخمة على جولة شارع الخمسين المكان الذي استشهد فيه الرئيس صالح الصماد عام 2018، مع مرافقيه، بعملية اغتيال جوية نفذها التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني للعدوان على اليمن.
الشارع الذي اطلق عليه اسم الرئيس الشهيد يمتد إلى كيلو 16 من وسط المدينة، كما تنتشر على شوارعها ومداخلها لوحات ورسومات معبرة عن الحب والفخر بهذا الرمز الخالد.
عندما يذكر اسم الشهيد الصماد تكون أول بادرة لأبناء الحديدة الترحم عليه وتنهيدة أسف، هذا الأمر الذي يفسره السيد حسن الأهدل مدير التعليم الفني بمحافظة الحديدة، بأنه ارتباط روحاني ووجداني عميق جمع الصماد مع أبناء الساحل الغربي، وحب أبدي صادق لن يمحى من الذاكرة ولن يكف اللسان عن الترنم به.
ويستدرك الأهدل أن الصماد ربما اختار الرحيل بالشهادة فوق تراب تهامة، واصفاً الرئيس الشهيد بأنه تهامي الهوى وبندقية حديدية في وجه أعداء اليمن الذين لايزال تفكيرهم الشيطاني مصوبا على الساحل الغربي.