دمشق/ أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
ماذا يجري في السويداء، وفي الجنوب السوري؟
سؤال قفز إلى واجهة الأحداث في وسائل الإعلام العربية والعالمية، منذ بدء حراك متعدد الوجود في السويداء، التي تقع جنوب سورية، ضمن منطقة تمتد على شريط الحدود مع الأردن والكيان الصهيوني، وتشمل أيضاً محافظة درعا، التي بدأ منها العدوان على سورية عام 2011، ومحافظة القنيطرة المحاذية للاحتلال «الإسرائيلي»، ويقع قسم منها تحت الاحتلال في منطقة مرتفعات الجولان.
ما يجري في السويداء، اليوم لا ينفصل عما يجري في شمال وشرق سورية، حيث يتواجد الأمريكي، الذي يقود كل ما يجري، من موقعه في قاعدة «التنف» غير الشرعية، عند مثلث الحدود السورية مع العراق والأردن، ومن هناك يدير مليشياته العميلة، وفي مقدمتها «داعش الإرهابية»، و»قسد» الانفصالية، التي تعمل لإقامة حكم ذاتي في المناطق الواقعة شرق نهر الفرات.
أيضا ما يجري في السويداء، لا ينفصل عما يجري في عموم المنطقة، من فلسطين المحتلة، إلى لبنان والعراق، وصولاً إلى اليمن، حيث تزامن ما يجري في سورية، مع الإنزال الأمريكي البريطاني في حضرموت.
كل هذا الحراك من تحالف العدوان، يؤكد أن هناك محاولة لإحياء مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، بنسخة جديدة، بعدما فشل المخطط في نسخته الأولى في الميدان السوري.
لمعرفة ما يجري في السويداء، التقينا الأسير السوري المحرر «صدقي المقت» ابن الجولان السوري المحتل، والذي أعاد الاحتلال «الإسرائيلي» سجنه، بعدما كشف بالصوت والصورة، العلاقة التي تربط بين الكيان الصهيوني، والمجموعات الإرهابية المسلحة، في الجنوب السوري، وهو على تواصل مع ما يجري في السويداء، وكان له بيان خاص حول ما يجري.

مخطط معاد
 السويداء اليوم في واجهة الأحداث.. برأيك هل الأمر متعلق بمطالب معيشية محقة أم أن الأمر أبعد من ذلك؟
ما يجري في محافظة السويداء خليط بين أمرين، من جهة هذه المحافظة تعاني من التهميش، وتعاني من الحرمان، وتعاني من ظروف معيشية صعبة، وهذه الظروف السيئة ليست وليدة السنوات العشر الأخيرة، إنها أزمة قديمة متراكمة، تفجرت في الآونة الأخيرة، ولكن العنصر الثاني من هذه الأزمة، هو الأجندة الخارجية، المرتبطة بجهات معادية (العدو الإسرائيلي، أطراف عربية، الغرب الاستعماري)، منذ سنوات وهم يهيئون لهذه المرحلة، من خلال ضخ الأموال، ونحن على دراية بذلك، وخلق ولاءات لجهات خارجية، وخلق مليشيات ومجموعات مسلحة، وعندما حانت لحظة الصفر، انطلقت هذه المجموعات، وتم تفعيل هذه الأجندات، وتم تركيبها على الأزمة المعيشية، التي تعاني منها هذه المحافظة.

طموحات المستعمر القديم الجديد
  هناك معلومات تقول بأن المخابرات الفرنسية، هي التي تتولى إدارة ما يجري في السويداء، عبر بعض عملاء استخباراتها.. السؤال المطروح لماذا الفرنسية تحديداً؟
الدور الفرنسي هو الدور البارز، ولماذا فرنسا بالذات؟ فرنسا مازالت تعتقد أنها تعيش عصر الاستعمار، وأنها تتربع على عرش الدول الاستعمارية، وهي في حقيقة الأمر غير ذلك، لقد طردت من سورية، بفعل نضالات الشعب السوري وتحقق الجلاء، مازالت تحلم، وهناك أطماع وطموحات تراود هذا المستعمر القديم الجديد، بأن يستعيد نفوذه وقواعده الاستعمارية، في بلدان عديدة ومنها سورية، ربما هناك توزيع أدوار بين الغرب الاستعماري، من جهة أمريكا لها حصة، وفرنسا تأخذ دورا، والأهم في هذا الأمر الدور “الإسرائيلي” واضح وجلي.

نقاط غير قابلة للنقاش
  كان الجميع ينتظر رأي وموقف مشيخة العقل وهو ما صدر عبر عدة بيانات.. كيف تنظر إلى ما صدر عن شيوخ العقل لمعالجة الوضع..؟
بداية نحن نجل هذه القيادات الوطنية والدينية، وهذا الموقع الهام، ولكن كنت أتمنى على مشيخات العقل في هذه الأزمة، وفي السنوات السابقة، أن يأخذوا دورا أكثر فاعلية، وأكثر وطنية باتجاه التصدي لهذه المؤامرات والأجندات، مشيخات العقل الثلاثة لهم مواقف وطنية، ونحن نقدرها ونجلها، ولكنها غير كافية، من بموقع مشيخة العقل عليه أن يكون واضحاً وحاسماً، والانحياز للدولة السورية، وأن هذا الموضوع لا يقبل الجدل، ولا يخضع للنقاش، وغير قابل لإدخال أي اعتبارات أخرى في هذه النقطة، أتمنى على مشيخات العقل الثلاثة، شيوخنا الأفاضل، الذين نقدرهم ونجلهم ونحترمهم، أن يكونوا أكثر وضوحاً، وأكثر حزماً، في اتجاه الانحياز للدولة السورية، والالتفاف خلف جيشنا العربي السوري البطل، وخلف قيادة السيد الرئيس بشار الأسد، هذه النقاط غير قابلة للنقاش، وغير قابلة لأن نقحم بها أي اعتبارات أخرى.

أجندات مشبوهة
  هناك من يقول إن المجموعات، التي تقود الحراك، لا تلتزم بما يقوله شيوخ العقل، وهو ما سمع منهم عبر غرفهم الخاصة.. برأيك إلى أي مدى هو تأثير شيوخ العقل على المجتمع الأهلي في محافظة السويداء؟
المجموعات التي تقود وتوجه هذا الحراك، جزء منها مرتبط بأجندات خارجية، مرتبط باستخبارات العدو الصهيوني والفرنسي والقطري والأردني، وبالتالي هي غير معنية بأي صوت يرتفع، وينادي بوحدة الدولة السورية، وبسيادة الدولة السورية، والانحياز إلى الدولة السورية، هذه المجموعات لا تلتزم بأي مرجعية دينية أو وطنية أو سياسية، لا بل العكس أكثر من ذلك، يوجد بعض الأطراف، بداخل هذه الأجندات الخارجية، تهاجم مشيخات العقل، وتتطاول عليها، لأن لها أجندات مشبوهة وعميلة وخائنة، لا تمت بصلة لمشيخات العقل، ولا للدولة الوطنية السورية، شيء طبيعي أن تصطدم هذه الأطراف، المرتبطة والمرتهنة للخارج، والتي تنفذ أجندات خارجية، بمشيخات العقل، لأن مشيخات العقل في الأول وفي الآخر انحيازها للوطن.

محاولة لضرب إسفين داخل محور المقاومة
  هناك دور “إسرائيلي” واضح، وهناك من يتحدث عن دور للشيخ موفق طريف، والوزير “الإسرائيلي” السابق أيوب قرة.. كيف تنظر إلى الدور “الإسرائيلي”؟
العدو الصهيوني هو الذي يقف خلف تلك الأحداث، وهو الذي يحركها، ليس فقط بما يجري الآن في السويداء، أيضا طيلة الاثني عشر عاماً المنصرمة من العدوان على الوطن الأم سورية، وهو الذي كان يوجه ويقود ويخطط وينفذ، وما كان يجري على السياج الفاصل في الجولان السوري المحتل، هو نقطة في بحر مما يقوم به العدو الصهيوني، بما يجري في محافظة السويداء.
العدو الصهيوني منذ مدة طويلة يهيئ لمثل هذه الظروف، عبر ضخ الأموال، وهنا يجب أن أوضح كي لا أظلم أحداً، هناك مال نظيف دخل إلى المحافظة، من خلال أقارب لأبناء محافظة السويداء، موجودين في الجولان، أو في فلسطين المحتلة، أقارب يقومون بدعم أقاربهم في هذه المحنة التي يعيشونها، لكن إلى جانب هذا المال يوجد المال الملوث والوسخ، المرتبط بأجندات، يقف خلفها العدو الصهيوني من خلال أدواته، وهناك أسماء عديدة، ليس فقط الأسماء التي ذكرت في السؤال، هناك شخصيات عديدة نعرف العديد منهم، هناك صناديق مشكّلة لجمع هذه الأموال وضخها، لخلق ولاءات له داخل محافظة السويداء، عبر أطراف من أبناء الطائفة المعروفية في فلسطين المحتلة، الذين يؤدون ذات الدور الذي يريد أن يلعبه الصهيوني، وهناك بعض الأفراد المرتبطين بهذه الأجندات أيضاً من الجولان السوري المحتل، نحن على دراية بكل هذه الأجندات والأدوار للانطلاق بأجندة خاصة بمحافظة السويداء، ترتبط بمشاريع انفصالية كونفدرالية، وإدارات ذاتية مرتبطة بالعدو الصهيوني، وبالعدو الأمريكي، لخلق حزام يفصل سورية عن العراق والأردن، وخلق هذا الامتداد ما بين العدو الصهيوني وجنوب سورية وشرق سورية، وصولاً إلى إقليم كردستان العراق، وصولاً إلى تركيا، لإحكام الطوق على الوطن الأم سورية، ولضرب إسفين داخل محور المقاومة.

دور جنبلاط القذر
  هناك أيضا معلومات عن دور لوليد جنبلاط.. ماذا عن هذا الدور؟
منذ بدء العدوان على الوطن عام 2011م وقبل ذلك بكثير، وهذا المدعو وليد جنبلاط، هذا العميل الصغير، لعب أدواراً قذرة ضد الوطن الأم سورية، وتآمر وتحالف مع الاستعمار، وربط أجنداته بأجندات الاستعمار، وحاول أن يكون له نفوذ في الداخل السوري، وحرّض وعمل كل شيء ضد الوطن، ليس مستغرباً أن يكون له دور سلبي في هذه المرحلة، خصوصاً وأن أدواره وتاريخه أسود تجاه سورية، هذا الإنسان لا نكن له أي احترام، ولا أي تقدير، وليس له أي مكانة في عقولنا وضمائرنا.

مشاريع فاشلة
  قرأنا كثيرا عن مخطط لإيجاد كوريدور، من منطقة كردستان العراق، إلى الكيان الصهيوني، عبر خط الحدود السورية العراقية والأردنية، وأن ما يجري في السويداء هو لتنفيذ هذا المخطط، برأيك هل يمكن أن ينجح الأمريكي بذلك؟
بما يتعلق بالمنطقة الجنوبية هناك مشروع قديم، لإقامة كانتون درزي، حاول العدو الصهيوني تمريره في العام 1968م ولكنه فشل، وطيلة العدوان على الوطن منذ العام 2011م حاول العدو الصهيوني إقامة الحزام الأمني “الحد السوري” وفشل، حاول إقامة الإقليم الجنوبي، مجموعة محافظات السويداء والقنيطرة ودرعا، لخلق كانتون لفصله عن الوطن الأم سورية وأيضاً فشل، حالياً يحاول من خلال أدواته، خلق نزعة انفصالية لدى بعض الأشخاص في محافظة السويداء، لخلق إدارة ذاتية، وخلق ما يشبه الحركة الانفصالية والكانتون، لإلحاقه بأطراف خارجية، تماماً كما “قسد”، وكردستان في العراق، لتفكيك الدولة السورية، إلى مكونات طائفية وعرقية ومذهبية، وفشل العدو في المرات السابقة، وأنا كلي ثقة بأن هذه المشاريع أيضاً ستفشل، أولاً لأصالة أهل السويداء، الجزء الأكبر من محافظة السويداء، أبناء جبل العرب الأشم هم أوفياء للوطن، وما أصحاب الأجندات إلا فئة قليلة جداً جداً، ومحدودة جداً، ولكنها مدعومة من الخارج، وتمتلك أبواقا إعلامية هائلة، لتبدو كأنها تمثل الغالبية الساحقة من محافظة السويداء، أنا على ثقة بأن أبناء محافظة السويداء، سيفشلون هذه المؤامرة الجديدة أيضاً، وسيفشلون بسبب صمود الدولة السورية، والشعب السوري، والقيادة السورية، التي تقود هذه المعركة بكل كفاءة واقتدار.

أهالي الجولان مع الوطن وقيادته
  أين يقف أهل الجولان المحتل مما يجري في السويداء؟
الأهل في الجولان السوري المحتل، إلى جانب الوطن، والدولة السورية، بكل مكوناتها، إلى جانب الشعب السوري بكل فئاته، وإلى جانب الجيش العربي السوري البطل، وهم خلف قيادة السيد الرئيس بشار الأسد، وطيلة هذا العدوان وما قبل العدوان، وهم يعبرون عن هذه الأصالة الوطنية الدائمة والمتجددة، التي لن تتوقف إلا بزوال المحتل “الإسرائيلي” وعودة الجولان، الأهل في الجولان، يتمنون على الدولة السورية أن يتم احتواء هذه الأزمة، عبر الحوار مع المرجعيات الوطنية والدينية الشريفة، في محافظة السويداء، ومعالجة وتلبية المطالب المحقة، كي نتخطى هذه المرحلة.

مع تحقيق المطالب المشروعة
   كان لك بيان، نستطيع أن نقول إنه يعبر عن رأي معظم أهل الجولان المحتل.. ماذا أردت أن تقول..؟ وماذا استجد على البيان اليوم؟
البيان الذي أصدرته منذ بدء هذه الأزمة في محافظة السويداء، منسجم مع الثوابت الوطنية، وهذا يعبر عن رأيي، ويعبر عن شريحة كبيرة جداً جداً في الجولان، هذا الموقف يستند على وحدة الدولة السورية، وتماسك الدولة السورية، وسيادة الدولة السورية، شعباً وجيشاً وقيادة، بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد، وهذا الموقف يستند أيضاً، على ضرورة معالجة المطالب المحقة والمشروعة، لكل فئات الشعب السوري، ليس فقط محافظة السويداء، وعدم ترك الأمور كي يتسلل الأجنبي من خلال هذه المطالب، وأيضاً المعالجة تستند على ضرورة محاربة الفساد والمفسدين، ومعاقبة المقصرين، ونكون بذلك قد أغلقنا ثغرة كبيرة يتسلل منها المستعمر الأجنبي، يجب أن يكون هناك تصد للأجندات الخارجية والقائمين عليها، بكل الوسائل والإمكانات بلا هوادة وبلا رحمة.