بحلول اليوم الاثنين 6 أيار/ مايو، تكون قد مرت عشرة أيام على اعتقال وإخفاء الزميل الإعلامي والناشط في منصات التواصل الاجتماعي خالد العراسي، دون معرفة مصيره.
وفي هذا الصدد ناشدت أسرة وذوي وزملاء خالد العراسي النائب العام القاضي الدكتور محمد الديلمي، توجيه الجهات الأمنية بالكشف عن مصير الزميل المخفي منذ السبت 27 نيسان/ أبريل الماضي، وسرعة الإفراج عنه.
وأوضحوا أنه حتى مساء أمس الأحد 5 أيار/ مايو 2024، مازال مصير خالد العراسي مجهولاً، رغم مضي تسعة أيام على اقتحام قوة أمنية لمنزله بالعاصمة صنعاء، واقتياده إلى جهة مجهولة.
وحمّلوا النائب العام ووزارة الداخلية المسؤولية عن سلامة الزميل العراسي.
في السياق، وجّه نجل خالد العراسي رسالة إلى معالي وزير الداخلية، اللواء الركن عبدالكريم الحوثي، كشف فيها جانباً من المأساة التي ألمّت بأسرته نتيجة اعتقال والده وإخفائه دون الإفصاح عن الجهة الأمنية التي اعتقلته أو المكان الذي اقتادته إليه، ومنعه من التواصل مع أسرته، طوال فترة الإخفاء التي مازالت مستمرة.
وناشد يحيى خالد العراسي معالي وزير الداخلية "بكل معاني الإنسانية والأخلاقية والمسؤولية" التوجيه بإطلاق والده، وفي حال كان هناك ما يستوجب التحقيق معه أو محاكمته، فليتم التعامل معه ضمن الأسس القانونية والقضائية.
وجاء في رسالة يحيى خالد العراسي، التي نشرها، الخميس الماضي، على حائطه بمنصة "فيسبوك":
"إلى الوالد  السيد عبد الكريم الحوثي  وزير الداخلية، تحية إجلال وإكبار .
وضعنا، نحن أولاد وزوجة وأم وأبناء خالد العراسي، في وضع صعب لا تتصورون  مدى فداحته، فجدتي في غيبوبة بعد ارتفاع السكر نتيجة الألم البالغ على ابنها،  وزوجته (والدتي) التي لم تعد تعرف النوم ووضعها الصحي متدهور جدا، وأطفاله الستة  خائفين متعلقين بوالدهم،  وجميع الأخوات والأرحام في حالة يرثى لها".
نناشد سيادتكم التوجيه بالإفراج الفوري عن والدي، الذي تم اعتقاله بصورة مخيفة وكأنه من المجرمين! نناشدكم بكل معاني الإنسانية والأخلاق والمسؤولية، التوجيه بإطلاق سراحه.
وإذا كان هناك ما يستوجب المحاكمة أو التحقيقات،  فهناك طرق قانونية تصدر حكمها العادل.
أملنا فيكم كبير، وأنتم خير من يقدر، وقد تنامى إلى مسامعنا اليوم أنه في البحث الجنائي، وهذا مكان للمجرمين والسرق، ووالدي مجرد كاتب وصحفي جرى عليه ظلم في وظيفته وحقوقه وحُرم من كل مستحقاته القانونية حتى بلغ به اليأس مبلغه.
نأمل تقديركم الكبير لكل هذه الحقائق البالغة السوء.
ابنكم يحيى خالد العراسي".

وكان نجل الإعلامي خالد العراسي قد تحدث في مداخلة مع قناة "الساحات"، عصر الاثنين 29 نيسان/ أبريل المنصرم، عن تفاصيل اقتحام منزلهم فجر السبت 27 نيسان/ أبريل، واعتقال والده، موضحاً بأن قوة أمنية نزلت حوالى الساعة الخامسة وعشرين دقيقة فجراً إلى الحي الذي يقطنون فيه بالعاصمة صنعاء، وقاموا بإغلاق الحي ومنع الأهالي من الدخول أو الخروج أو مغادرة منازلهم، ثم قاموا بطرق باب المنزل بقوة، فاستيقظ يحيى خالد من النوم وفتح الباب، وسألوه: أين خالد العراسي؟ وكان رده: "غير موجود"، فقام "مُلثمان" اثنان بسحبه إلى خارج المنزل وتكتيفه، فيما تولت الشرطة النسائية الدخول إلى المنزل، وبعد أن تأكد لهن عدم وجود نساء في المنزل خرجن ليقتحم رجال الأمن المنزل واعتقلوا والده الذي كان نائماً، وأخذوا هاتفه واقتادوه إلى جهة مجهولة، وحين سألهم نجله إلى أين يأخذون والده، ردّ عليه أحدهم: "عندما تقول الصدق ستعلم أين والدك".
وبحسب يحيى خالد العراسي فإن أفراد القوة الأمنية كانوا "ملثمين"، واصفاً القوة بـ"الكبيرة"، حيث كانوا يستقلون طقماً أمنياً وباصاً "مُعكّس" وسيارة نوع "كورولا"، إضافة إلى سيارات أخرى لم يذكرها.
وأشار إلى أنهم تابعوا الأمر لدى وزارة الداخلية والبحث والجنائي وجهاز الأمن والمخابرات، وكانت إفادة جميع تلك الجهات أن والده ليس لديهم ولا علم لهم بالجهة التي اعتقلته أو المكان الذي اقتادته إليه.
ورغم مضي هذه المدة، إلا أن أصداء اقتحام منزل الزميل العراسي واعتقاله بتلك الطريقة، مازالت تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، وتنوعت ما بين السخط والاستنكار والتضامن.
وتداول رواد شبكات التواصل الاجتماعي هاشتاج #الحرية_خالد_العراسي، الذي ذيلوا به جميع منشوراتهم على مدى الأيام التي تبعت عملية الاقتحام والاعتقال، مطالبين في العديد من المنشورات قيادة وزارة الداخلية بالكشف عن مصيره، وتوضيح أسباب عملية الاقتحام لمنزله واعتقاله بطريقة قالوا إنها "لا تصدر عن دولة نظام ومؤسسات".
واشتهر العراسي بانتقاداته اللاذعة لجوانب من الاختلالات في حكومة تصريف الأعمال، مستنداً في الكثير من منشوراته في منصة "فيسبوك" على وثائق رسمية ينشرها بين آونة وأخرى، مقدماً في العديد منها رؤى تتضمن حلولاً ومعالجات لما يُسمى بـ"الوضع المزري" في بعض القطاعات الحكومية، وأبرزها قطاع الزراعة.
وفي الأيام الأخيرة تبنى الناشط العراسي، مع ناشطين آخرين على منصات التواصل الاجتماعي، حملة ضد المبيدات الفتاكة المهربة والممنوعة التي يتم إدخالها إلى اليمن، لتتحول إلى قضية رأي عام.
ونشر خالد العراسي وثائق عدة كشفت عن إدخال شحنات مبيدات سامة ومحظور تداولها، بينها مبيدات مصنوعة في الكيان الصهيوني، إلى أراضي الجمهورية اليمنية بكميات هائلة خلال السنوات الماضية، وتداول الناشطون ووسائل إعلام تلك الوثائق، مطالبين بإحالة جميع المتورطين في تلك الشحنات إلى القضاء بشكل عاجل، ومحاكمتهم علنياً.
وبينما كان الجميع يرتقب إجراءات قانونية صارمة تجاه المتورطين بشحنات المبيدات السامة، وغيرها من القضايا التي تمس حياة الملايين من أبناء الشعب وتضر بتربته الزراعية وتستهدف أمنه الغذائي، فوجئوا بقوة أمنية تقتحم منزل الزميل العراسي وتعتقله، وتقتاده إلى جهة مجهولة.