تقرير- عادل بشر / لا ميديا -
حذّر خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ الدكتور عكرمة صبري، من أخطار كبيرة تواجه المسجد الأقصى المبارك بالقدس المحتلة، خصوصا خلال موسم الأعياد اليهودية الممتد طوال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، وتعمل خلالها جماعات «جبل الهيكل» اليهودية المتطرفة على حشد أنصارها لتكثيف الاقتحامات، وتأدية الطقوس علناً وبشكلٍ جماعي في باحات المسجد الأقصى.
وقال الشيخ صبري، في حديث مع «لا»، إن «السلطات الإسرائيلية المحتلة طامعة بالمسجد الأقصى المبارك، وتستغل أعيادهم المتعددة للانقضاض عليه، من خلال تكثيف اقتحام الجماعات اليهودية المتطرفة له بتأييد وحماية من حكومة الاحتلال، التي تعزز تلك الجماعات بالحراسة المشددة، كونهم لا يستطيعون اقتحام الأقصى إلا بوجود حراسة كثيفة لهم من قبل الأمن الإسرائيلي».
وشدد الشيخ صبري على أنّ ما يمر به الأقصى حالياً هو الأخطر في تاريخه، حيث باتت ترى حكومة الاحتلال وجماعات الهيكل المتطرفة أنّ الوقت أصبح مناسباً لتنفيذ أوهامهم بـ»بناء الهيكل المزعوم والكنيس» على أنقاض المسجد.

حفريات أسفل الأقصى
وأشار رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس المحتلة إلى أحد أبرز المخاطر التي تتهدد المسجد الأقصى المبارك، وتتمثل في الإجراءات الصهيونية السرية أسفل المسجد.
وقال: «من الأخطار التي تتهدد الأقصى المبارك تتمثل في الحفريات أسفل هذا المسجد المبارك، ليوهموا العالم بأن لهم آثاراً أثناء الحفريات».
وأضاف: «ولا يخفى أن هذه الحفريات قد كشفت أساسات البنيان الأمامي للمسجد الأقصى، وهذا يعرض المبنى للانهيار لا سمح الله في حالة حصول زلزال قوي، كما كان يتوقع اليهود».
وحول الطريقة التي يمكن من خلالها إيقاف هذه الحفريات، قال الشيخ صبري: «حقيقة، نحن لا نستطيع أن نمنع هذه الحفريات؛ لأنها أسفل المسجد ولوجود الحراسة المشددة حولها».

مخطط التقسيم
وفيما يتعلق بمشروع التقسيم الزماني والمكاني الذي يهدف الاحتلال إلى تطبيقه في المسجد الأقصى، ضمن محاولاته للسيطرة الكاملة على المسجد المبارك، أفاد الشيخ صبري بأن الاحتلال ماضٍ في هذا المخطط والمشروع العدواني الذي طرحته سلطات الاحتلال منذ أكثر من عشر سنوات، ويهدف إلى «التقسيم الزماني» الذي يعني تخصيص أوقات بعينها ثابتة لليهود داخل المسجد الأقصى بحيث لا يدخله أي مسلم في هذه الأوقات، و»التقسيم المكاني» بتخصيص ساحة أو ساحات مُحددة لهم لا يدخلها أي مسلم؛ غير أنهم في كل مرة يحاولون تنفيذ هذا المشروع يفشلون، نتيجة لوعي أبناء فلسطين وتصديهم لهم.
وأضاف: «ما هو مطروح من قبل سلطات الاحتلال لا يعني أن باستطاعتها تنفيذه، ونحن وجميع المسلمين في فلسطين قادرون بحمد الله على إحباط المخططات العدوانية الاحتلالية».

مستقبل القضية الفلسطينية
ورداً على سؤال «لا» حول مستقبل القضية الفلسطينية في ظل التطورات الحالية وما يصفه البعض بـ»المؤمرات الظاهرة والخفية» من قبل بعض الأنظمة العربية، والهرولة في طريق التطبيع مع كيان الاحتلال، قال الشيخ صبري: «لا بد من التأكيد أن القضية الفلسطينية هي قضية إسلامية تخص جميع المسلمين في العالم، وأن المسجد الأقصى المبارك أمانة في أعناقهم جميعاً، وأن التخلي عن نصرة القضية هو إثم كبير، وأن الله سبحانه وتعالى سيحاسب كل من يقصر بحق القدس والأقصى».

ثبات على الموقف
ومع تساقط الكثير من الدعاة، وتغيير العديد منهم بوصلتهم مع اتجاهات السياسات العربية الخنوعة الساعية نحو التطبيع مع عدو الأمة، بقي الشيخ عكرمة صبري صوت القدس والأقصى المسموع فلسطينياً وعربياً وعالمياً، لانتهاجه خطاباً علمياً دينياً، فضح به السياسات الصهيونية وما يخططه الكيان للمسجد الأقصى، موجهاً انتقادات صريحة للسلطة الفلسطينية، ومعلناً في الوقت ذاته رفض سياسات بعض الأنظمة العربية للتطبيع مع الاحتلال، وكانت له مواقف مشهودة في هذا الأمر، خصوصاً في السنوات الأخيرة منذ العام 2019.
وفي تذكير بتصريحات له في هذا السياق أفاد فيها بأن «إسرائيل في قمّة الراحة، فالدول العربية تُطبع والسلطة الفلسطينية تُنسق، ولا نُعول إلا على المرابطين في القدس المحتلة»، وأخرى أعلن خلالها «رفض المسلمين في فلسطين المحتلة للتطبيع مع الاحتلال»، معتبرين أن أي زيارة للمسجد الأقصى من أي رئيس أو مسؤول عربي من خلال التطبيع «تعد مشبوهة»، كما أصدر فتوى بأن من يردد «النشيد الوطني الإسرائيلي» هو آثم، وأن ترديد البعض في دولة الإمارات لهذا النشيد يُعد «صهينة أو جهلا»، مضيفاً أن لـ«لا»: «هذا هو الواقع مع الأسف الشديد»، مؤكداً ثباته على تلك المواقف.

أمة واحدة
وتعليقاً على ما تعرض له من اعتقال واستدعاء للتحقيق من قبل الاحتلال، بعد خطبته في المسجد الأقصى، التي نعى فيها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الشهيد إسماعيل هنية، الذي اغتالته «إسرائيل» في 31 تموز/ يوليو الماضي، وبسبب ذلك النعي قرر الاحتلال إبعاده عن المسجد الأقصى ومحيطه لمدة 6 أشهر ومنعه من السفر، وهناك تحريض كبير في وسائل إعلام عبرية بأن مصيره سيكون نفس مصير الشيخ أحمد ياسين، قال الشيخ صبري: «إن الله سبحانه وتعالى حمّلني هذه الأمانة الثقيلة بحق المسجد الأقصى المبارك، فلا بد من الدفاع عنه وحمايته من المؤامرات المحدقة به، لذا فإن المسلم يتوقع كل شر من الاحتلال».
واختتم رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وإمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ الدكتور عكرمة صبري، حديثه مع «لا» بالقول: «إننا كمسلمين نمثل أمة إسلامية واحدة، يجمعنا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ولا نلتفت الى دعاة التفرقة، وأن الرسول محمداً -صلى الله عليه وسلم- يقول: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً».