تقرير / لا ميديا -
المأساة في غزة تُروى اليوم بالدم والدموع، وتُكتب فصولها بأجساد الشهداء وأنين الجوعى. «الحرب» ليست فقط على الأرض، بل على القيم والضمائر، والمأساة ليست فقط في الدمار، بل في العجز العالمي أمام مشهد تتكسّر فيه الإنسانية على عتبات المصالح والاعتبارات السياسية.
في مشهدٍ كارثي يتكرّر يومًا بعد يوم، استشهد أكثر من 50 فلسطينيًا وأُصيب العشرات، بينهم أطفال ونساء، جرّاء استمرار الغارات الصهيونية المكثفة على مناطق متفرقة في قطاع غزة، أمس الاثنين. ووفق وزارة الصحة في القطاع، فإن الحصيلة الإجمالية منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 قد بلغت 52,567 شهيدًا و118,610 إصابات، في واحدة من أكثر الهجمات دموية في التاريخ الحديث.
وسط هذا النزف، أقرّ ما يسمى «المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون الأمنية (الكابينيت)»، بالإجماع، خطةً لتوسيع العدوان العسكري على قطاع غزة.
وأعلن العدو عن إطلاق عملية «مركبات جدعون»، وهي خطة وحشية جديدة عبر هجوم برية وجوي وبحري كثيف تهدف إلى تهجير واسع جديد لسكان القطاع، وتحويل جنوب غزة إلى ما يشبه سجنًا جماعيًا بحجة «فصل المدنيين عن المقاومين».
ووفق مراقبين فإن القرار الصهيوني يحمل في طياته معاني الإبادة المنظمة، إذ يُخطط له أن يُنفذ وسط منطقة مكتظة بمئات الآلاف من النازحين الذين فرّوا مرغمين من جحيم الشمال ليجدوا أنفسهم اليوم على موعد مع جحيم جديد في الجنوب. رفح، التي باتت الملاذ الأخير، تُهدد الآن بأن تتحول إلى مسرحٍ لواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، حيث لا ماء ولا غذاء ولا مأوى ولا دواء.
توسيع العدوان الواسع والوحشي أكثر يعني ببساطة تعميق حفرة الموت، وتوسيع رقعة المجاعة، وتوسيع رقعة اليُتم والفقد والدمار. إنه قرار لا يستهدف المقاومة بقدر ما يستهدف البنية الإنسانية لغزة، ويقوّض كل ما تبقى من مظاهر الحياة فيها. فحين يجمع الكيان على قرار شن هجوم على منطقة محاصرة، محطمة، جائعة، ومكتظة بالأطفال والنساء، فإنه يعلن صراحةً أن الحرب لم تعد ضد مقاتلين بل ضد الوجود الفلسطيني نفسه.

الاحتلال يستخدم الطعام سلاحاً والمساعدات رهينة
في ظل اتساع رقعة العدوان، تزداد الكارثة الإنسانية تفاقمًا.
وزارة الصحة في غزة حذّرت من انهيار شامل للقطاع الصحي بعد مرور أكثر من 18 شهرًا على بدء الإبادة، مشيرة إلى أن 57 طفلًا على الأقل لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية والمضاعفات الصحية، وسط نقص حاد في الأدوية وحليب الأطفال وانعدام التطعيمات الأساسية كشلل الأطفال.
وأعلنت الوزارة عن استشهاد طفل يبلغ من العمر أربعة أشهر نتيجة سوء التغذية، ما يرفع عدد إجمالي الأطفال الذين قتلوا خلال الإبادة إلى 16,278 طفلًا، بينهم 908 رُضّع.
العدو الصهيوني، الذي أغلق المعابر منذ أكثر من شهرين، حرم آلاف الأطفال والنساء من الرعاية الصحية، فيما سُجّلت حالات وفاة مؤلمة لأطفال أثناء محاولتهم الحصول على وجبات من تكيات خيرية تم قصفها لاحقًا. وزارة الصحة أطلقت حملة عالمية للتضامن مع أطفال غزة، مؤكدةً أن «الصمت جريمة»، في وقت تحذر فيه منظمات أممية من خطة العدو الصهيوني لتحويل المساعدات إلى أداة أمنية، ما يُعد خرقًا صريحًا للمبادئ الإنسانية الدولية.

حماس: «إسرائيل» تفتعل المجاعة وتتنصل من مسؤولياتها القانونية
من جهتها، وصفت حركة حماس نوايا العدو في السيطرة على توزيع المساعدات بأنها آلية «استخدام فاضح للغذاء كسلاح ضد المدنيين»، واعتبرت ذلك خرقًا صارخًا للقانون الدولي وتنصلًا واضحًا من المسؤوليات الأخلاقية والقانونية للاحتلال تجاه سكان غزة.
وأضافت الحركة أن تعطيل الاحتلال المتعمّد لنظام التوزيع الإنساني يهدف إلى صناعة مجاعة ممنهجة، داعية المجتمع الدولي إلى الوقوف بحزم أمام هذه الممارسات التي تفضح بشاعة الحرب وتكشف عجز العالم عن حماية الأبرياء.

عمليات بطولية للقسام
في ظل محاولات الاحتلال فرض واقع جديد بالقوة، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن تنفيذ كمينٍ مركب شرق مدينة خان يونس، استهدف قوة صهيونية راجلة بقذائف مضادة للأفراد، أعقبه اشتباك من نقطة صفر، ما أسفر عن وقوع خسائر مباشرة في صفوف الاحتلال.
كما استهدفت القسام دبابتين وجرافة عسكرية بقذائف «الياسين 105»، مؤكدة استمرار عملياتها العسكرية ردًا على العدوان.