لا غوستافو للعرب!
- محمود ياسين الأثنين , 29 سـبـتـمـبـر , 2025 الساعة 1:53:43 AM
- 0 تعليقات
محمود ياسين / لا ميديا -
أطلقت العنان للفارس الذي داخلك. مازلت الإنسان الذي لم تنل منه المحاذير والحسابات.
هناك حيث ومن وكر الشيطان أعلنت انحيازك الكامل للمظلومين.
وقفت وحدك يا غوستافو لتؤكد للبشرية أنها لا تزال بخير طالما أنت واحد من البشر.
ولتبدد بنبلك وشجاعتك وإنسانيتك مقولة أن السياسة مقايضة وحسابات وتواطؤ. توشك أن ترد الاعتبار الأخلاقي للزعامة، وتمنح السياسة طهراً لم تعهده يوماً.
لا غوستافو لدينا نحن العرب. لا رئيس معترفاً به ينكر ويتهكم على القوى العظمى المتواطئة.
من المنبر الأممي ذاته الذي تحدث منه غيفارا، أطلقت النداء لتكوين جيش عالمي لإنقاذ الفلسطينيين، وخرجت بعدها لتنضم إلى المتظاهرين في الشارع القريب وتحثهم على المضي قدماً، وتدعو رجال الشرطة إلى الانضمام لصوت الإنسانية والحرية، وكأن أمريكا اللاتينية قد استأثرت دون بقية جغرافيا العالم بالأبطال المدهشين الصادقين حد الذهول.
اللاتيني وهو يمنح نفسه كلها ثائراً منشقاً أو رئيساً منتخباً، هذه التضاريس ومزيج المطر والطينة المشبعة بالنخوة والسخاء، منحتك لنا وكأنك الكولونيل أورليانو وقد خرجت للتو من رواية «مائة عام من العزلة» لغارسيا ماركيز، يقال إنها سردية الواقعية السحرية، ومن غير الواقعية السحرية تخرج للعالم رئيساً على هذا القدر من الجسارة والتلقائية وجاذبية الروح؛ واستعدادها للوصول إلى الأقاصي واتباع المغامرة لنصرة كل ما هو يتيم في هذا العالم.
أمريكا اللاتينية، وكولومبيا تحديداً، منحت للخيال البشري غارسيا ماركيز ليهبه كفايته من سحرية التفاصيل وسخاء الإفصاح عن الجسارة، جسارة الخيال وهي تقسر واقع السياسة للتحلي ببعض الخيال وصولاً للموقف المشرف، هي ذاتها كولومبيا التي إن خاضت مباراة كرة قدم تخوضها كمعركة مصير ووجود ولا يسعها الهزيمة، وإن هُزمت قتلت حارس المرمى، تخوم غوستافو هي حواف مخيلة ماركيز، وركلات الترجيح يحسمها غالباً من يلعب متخففاً من القواعد ومن إيماءات سرفانتس.
هكذا هو الكولومبي، يغرفها مرة واحدة هذه الحياة التي يمضيها بإحساس المغامر المجازف بكل شيء وهو يسعى لتركيع الأقوياء منحازاً للضعفاء، سواء كان زعيم عصابة كـ»بابلو أسكوبار» أو رئيس دولة كـ»غوستافو بيدرو».
لاحظ الحضور الكولومبي الباذخ في الأسماء والصفات والأداءات: غوستافو، أسكوبار، غارسيا ماركيز... مواقف جسورة ومجازفات سردية وسياسية، وحتى في الجريمة المنظمة، أداء باذخ لا مبالٍ، مزيج الجسارة والسخاء واستبعاد الحسابات وتجاهل إشارات المخاطر.
لم تعد ابناً لأمريكا اللاتينية وحدها؛ أنت ابن القارات الست.
إن ما تتمتع به من مزايا وأخلاق الفرسان تكاد تجعلنا نحلم بكونك من أحفاد العرب الذين هاجروا إلى جنوب العالم الجديد. فيك من أخلاق أجدادنا عندما كانوا رجالاً، فيك من فلسطين ومن الناصرة، فيك من روائح الماضي وشرف تبقى للحاضر... كل ما فيك يشبه كل الذي كان لنا ذات يوم، واليوم لا شيء فينا يشبهك.
لك المجد أيها الـ»غوستافو» العظيم.
المصدر محمود ياسين
زيارة جميع مقالات: محمود ياسين