إشفاقاً على البعض
 

وليد مانع

وليد مانع / لا ميديا

كان السياب قد قال:
(إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون
أيخون إنسان بلاده؟!
إن خان معنى أن يكون
فكيف يمكن أن يكون؟!)
وكفى بالوقوف أو التواطؤ مع العدوان خزياً وعاراً. وفوق ذلك فإنه الخزي الذي يجرُّ خزياً، والعار الذي يستتبع عاراً.
إنه موقف إفلاس، لا فقط من الضمير ومن قيم الوطنية والولاء الوطني، بل وأيضاً من العقل والمنطق. وهو موقف كثيراً ما يوقع صاحبه في مآزق عويصة تعري حقيقة مزاعمه، وتفضح زيف دعاواه.
ولتبرير خيانة بلده وأهله ونفسه، يلجأ الخائن إلى خيانة عقله، فلا يتورع عن الجهر بفجاجة تناقضاته، ووقاحة منطقه.
يتضح هذا جلياً، ونلمسه اليوم عياناً في المبررات التي يسوقها أولئك الواقفون والمتواطئون مع العدوان والاحتلال الذي تواجهه اليمن.
أهون هؤلاء -وجميعهم أهون!- أولئك الذين يقرون ولا ينكرون حقيقة كونه عدواناً واحتلالاً؛ غير أن فريقاً منهم يبررون وقوفهم أو تواطؤهم معه بالقول إن (جماعة الحوثي هي التي جلبت العدوان)، وكأن هذا -إن صحَّ- يعفيهم من مسؤولية الدفاع عن الوطن ضد العدوان والاحتلال! ولسنا بحاجة بعد هذا إلى تذكيرهم بما تجمع عليه كل علوم التاريخ والسياسة والاجتماع، عن أن كل عدوان خارجي لا تحركه إلا مصالحه، ولا يجلبه إلا استضعاف الآخرين المعتدى عليهم.
ومثل هؤلاء أولئك الذين يقولون: لسنا مع العدوان؛ ولكننا ضد جماعة الحوثي!
ونتساءل هنا: ما الذي قد يدفع بخصومتنا مع الحوثيين إلى حد الاستعداد للتفريط بالوطن برمته؟! (صمٌّ بكم عمي فهم لا يرجعون)!
قد يجيب مجيبهم قائلاً: سوء جماعة الحوثي!
ولهذا نقول: سنسلم لك جدلاً بما تقول؛ لكنك بموقفك هذا تنتصر لجماعة الحوثي (أو لسوئها كما تقول) من حيث أردت الانتصار عليها؛ ذلك أنك تلغي الفرق بينك وبين خصمك، وتصير بمثل سوئه، على الأقل!
وبالمناسبة، فإننا لا نقول لك هذا إلا على أساس من حسن الظن فيك. ومن هذا الأساس نفسه نقول لك أيضاً إن الأرجح أن موقفك هذا لا لشيء إلا لأن جماعة الحوثي لم تفعل سوى إسقاط قناعك، وتعرية قبحك -أو على الأقل عجزك- أمام نفسك، وكشفت لك حقيقتك التي كنت تصعر لها خدك، وتغضّ عنها بصرك وبصيرتك، فاستفزك صغار نفسك وشنار بخسك إلى تأييد العدوان والاحتلال، أو التواطؤ معه.
لسنا نقسو عليك بهذا، بل هو والله الإشفاق، الذي استحققته بحسن الظن فيك، أما من خابت فيه الظنون فلا يستحق إشفاقاً، ولا أقسى عليه من نفسه!

أترك تعليقاً

التعليقات