ذكرى اغتيال وطن
 

أحمد عبدالله جحاف

أحمد عبدالله جحاف / لا ميديا -

هناك شخصيات عظيمة تظل ذكراها خالدة لكونها حفرت بصماتها بين صفحات التاريخ بما قامت به من أعمال مميزة، أعمال في الواقع وليست مجرد كلام في الخطابات، لإفادة بلدها وشعبها ووطنها. ويُعد زعيم اليمن الشهيد إبراهيم الحمدي من هذه الشخصيات. وأنا هنا لست بصدد الحديث عن إنجازات هذا الرجل العظيم، بل سأتحدث عن خواطري ومشاعري في ذكرى رحيله، بالرغم من أني لم أكن حينها قد خلقت إلا أن هذا الرجل البسيط يعرفه الجميع، الكبير والصغير، وسيظل يذكره الجميع حتى قيام الساعة.
ففي مثل هذا اليوم الموافق 11 أكتوبر 1977 انتقل إلى جوار ربه رجل من أقوى الرجال وزعيم قلّما تجود به الأزمان وهو الشهيد ابراهيم الحمدي، وكذلك أخوه الشهيد عبدالله الحمدي رحمهما الله رحمة واسعة وتجاوز عنهما سيئاتهما وأدخلهما الجنة بعفوه ومنه.
حينها فقدت اليمن ابنها البار الذي وهب حياته كلها لرفعتها وبناء أساس قوي لها.
كلما أحاول أن أتخيل شعوري إن كنت متواجداً حينها وما مدى الصدمة والحزن والألم الذي كنت سأشعر به ساعة علمي بهذا الخبر، كانت الدموع تسيل أنهارا عند ذكراه؛ فكيف ستكون وقتها؟
في ذكرى استشهاد هذا الزعيم، أحب أن أعبر عما في نفسي من محبة وتقدير لهذه الشخصية الرائعة ذات الكاريزما العالية التي ملأت وسيطر حبها على كل من تعامل معها وعلى كل من عرف بتاريخها وقصتها، لكن يصدمني دائماً واقع اليمن الأليم الآن وحالها المزري فيزداد حزني وألمي وأبكي مرارة وألماً مردداً في نفسي: يا خسارة تعبك ومعاناتك يا حمدي وجهودك التي بذلتها للبلد والشعب فقد ضاعت هباءً منثورا، أين البلد الذي بنيته وصنعت نهضته؟
فنحن نعيش الآن أيها الشهيد الحمدي في عدوان غاشم من الدول التي اغتالتك وحاربتك وحاربت مشروعك المدني، نعيش في حصار بري وجوي وبحري وقصف ودمار وقتل وتشريد ومجاعة واحتلال وصمت عربي وعالمي مخز، فعدونا بماله ونفطه اشترى العالم بعد أن قتلنا ودمر كل شيء جميل.
لا يسعنا إلا أن نقول: منهم لله هم وكل من تسببوا في إحداث ذلك من الخونة والمرتزقة والمنافقين وحسبنا الله ونعم الوكيل، لقد قذفوا باليمن إلى منزلق وهوة سحيقة لا ينجيها منها إلا الله سبحانه القادر على كل شيء. وبالرغم من كل هذا فمازال هناك من يسعى للدفاع عن هذا الوطن، فقد جاءت باكورة الخير بثورة 21 أيلول/ سبتمبر 2014 والخلاص من أساس الفساد وبناء جدار صلب للدفاع عن مقدسات وسيادة هذا البلد. وهذا الجدار هو أبطالنا في الجيش واللجان الشعبية، وربنا يُلهم الخيرين من أبناء البلد الصواب ويعطيهم القوة والسداد والرشاد ويخرجونه بعونه تعالى وفضله وتوفيقه من عنق الزجاجة، ويخطون به إلى طريق الأمن والأمان والسلامة والخير..
لعل هذه المُستجدات المفرحة التي أعطتني الثقة في أمر الله بأن اليمن بمشيئته ستتقدم وتعوض ما فاتها وتبني ما دمره العدوان وتُلملم شتات رُفاتها ويشتد عودها وتحتضن أبناءها ليكونوا قوة بأمره تعالى.
في الختام، رحم الله إبراهيم الحمدي وتغمده برحمته الواسعة هو وكل الأوفياء والشهداء الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم لنصرة دينهم ورفعة بلادهم.

أترك تعليقاً

التعليقات