«صوت الملائكة» مع اليمن
 

أحمد عبدالله جحاف

أحمد جحاف / لا ميديا -
نام أطفال المنزل أثناء مشاهدتهم الرسوم المتحركة، فحملناهم إلى السرير وذهب كل فرد إلى غرفة النوم. كان الجميع نائمين وقد انطفأ التيار الكهربائي؛ ولكني لم أستطع النوم. فتحت جهازي اللابتوب لكي أشاهد حلقة وثائقية. فجأة، انفجارات ضخمة جدا هزت العاصمة صنعاء من كل صوب! لم أستطع تمالك نفسي، وصرخت بصوت مرتفع وأنا أركض باتجاه غرفة الأطفال. حملت أنا وإخوتي جميع الأطفال، ولم نكن نعلم إلى أين نذهب، أو ما الذي يحدث!
ذهبنا إلى الدور الأول من المنزل وعلامات الرعب والدهشة في وجوه جميع أفراد الأسرة، والأطفال يصرخون. ومن هول الحدث لم نستطع حتى أن نحاول أن نطمئنهم أو نخدعهم. اتصل أخي الذي كان مسافرا في الصين ليخبرني بأن السعودية أعلنت عملية عسكرية، والآن تقصف صنعاء. لم أستطع التحدث معه أكثر بسبب أصوات الانفجارات والقصف والتحليق الجوي الكثيف. كانت هذه هي الساعات الأولى من ليلة 26 مارس 2015.
أعلنت المملكة السعودية من واشنطن في الـ26 من مارس 2015 انطلاق عملياتها العسكرية ضد اليمن، وتشكيل تحالف مكون من أكثر من 10 دول وبدعم لوجستي وعسكري من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول عظمى أخرى، لتبدأ معاناة الشعب اليمني من قصف جوي وبري وبحري وحصار جوي وبري وبحري، وبالموازاة تبدأ مصانع السلاح في جميع أنحاء العالم بتوقيع صفقات توريد السلاح ومستلزماته للسعودية والإمارات وتجني من هذه الحرب ملايين الدولارات، بينما الشعب اليمني يعاني من أفدح أزمة إنسانية في العالم. وبالتأكيد لن يتحرك العالم لوقف هذه المعاناة، لأنه يربح ويستفيد ويستمر في إبرام الصفقات على حساب الدم اليمني.
الآن نمضي في العام السابع من هذه الحرب التي دفع ثمنها دماء الآلاف من الشعب اليمني. وفي المقابل دفعت الخزينة السعودية مليارات الدولارات في عدة مجالات، منها لشراء السلاح ومنها لشراء الولاءات وتغيير السياسات ومنها لشراء ضمائر بعض منظمات حقوق الإنسان لتصمت على ما يحدث في اليمن. واكتشف العالم أن التحالف هذا لن يستطيع أن يحقق أي نصر، لهذا بدأ في استخدام ورقة ابتزازه ليجني أيضا المليارات من الدولارات.
وبينما العالم يمارس الصمت المدفوع ثمنه على المجازر في اليمن، كان هناك أصوات تنادي بوقف هذا العبث، أحب أن أطلق عليها اسم «صوت الملائكة»، فهم من وقفوا معنا ومع معاناتنا دون أي دوافع أو مصالح، وقفوا معنا لأنهم فقط بشر وقلوبهم حية. رأينا العديد من الوقفات الاحتجاجية في عدة دول، كبريطانيا وفرنسا وكندا وألمانيا. وبالرغم من أن أعدادهم قليلة إلا أن صدى أعمالهم كانت مزعجة لحكوماتهم، وكانت تبعث فينا الأمل، ولن ننسى أبدا مثل هذه المواقف، كما لن ننسى كل منظمة أو مجموعة أو حتى فرد دافع عن إنسانيته عبر التضامن مع مظلومية الشعب اليمني، سواء بالوقفات الاحتجاجية أم بالرسائل إلى حكوماتهم لوقف الدعم لهذا التحالف أو بكسر حاجز الصمت ونقل هذه المظلومية إلى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأيضا وقف معنا العديد من الأشقاء العرب من لبنان وسورية والعراق والبحرين والجزائر والمغرب وسلطة عُمان، ومازالوا يناصرون قضيتنا ومظلوميتنا، بل إنهم يعيشون معنا في كل حدث يمر به اليمن، بالرغم من أن بعضهم يعيشون أوضاعاً صعبة في بلدانهم، مثل لبنان والعراق، إلا أنهم جعلوا الأولوية لليمن واليمنيين، بالرغم من الجرح والألم الذي يعيشونه، فسلام عليكم أيها الأحرار الشرفاء.
في الأخير، كل ما أتمناه بعد أن تتوقف الحرب في اليمن أن أوجه دعوة لكل من وقف معنا إلى زيارة اليمن ويكون لي السبق في استقبالهم ويكونوا ضيوفنا، وهذا أقل ما يمكن فعله تعبيرا عن حبنا لهم، ولن ينسى اليمنيون والتاريخ مواقفهم المشرفة.

أترك تعليقاً

التعليقات