اغتيال ترامب بالقنبلة النووية
 

نبيه البرجي

نبيه البرجي -

هل يتحول المشهد على هذه الصورة: من حصار أميركا للمنطقة إلى حصار أميركا في المنطقة؟
هذا ما يمكن أن نستشفه من رؤية بعض كبار الباحثين، والمعلقين، في الولايات المتحدة على ضوء التهديدات الإيرانية التي لا يرى فيها مايك بومبيو سوى فقاعات فولكلورية. المرشحة الديمقراطية للرئاسة إليزابيث وارن تسخر من "أوركسترا الطناجر" في الإدارة. لا تستبعد أن يتحول "وجودنا في الشرق الأوسط إلى جحيم". 
 قد لا تكون السناتور عن ولاية ماساشوستس قرأت وصف برنارد لويس للمنطقة بـ"العربة العتيقة التي تجرها آلهة مجنونة"، لكنها تحذر من "النيران المتحركة" فيها. الرئيس الأميركي ظهر في رسم كاريكاتوري على شاكلة قيصر روماني. بدل إكليل الغار إكليل النار.
 وارن علّقت: "ذاك القيصر الذي لا يفرّق بين الجمر والرماد". تستغرب كيف أن ترامب، الذي راهن على تقويض نظام آيات الله، لم يلاحظ حتى الساعة، أنه، بسياسات المهرج، جعل ذلك النظام يأخذ شكل... البركان.
 حين كان بومبيو مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية (من كانون الثاني 2017 إلى نيسان 2018) أعدّ لائحة بأسماء الشخصيات التي ينبغي التخلص منها في الشرق الأوسط كونها تهدد المصالح الأميركية هناك. اللائحة وصفت بالمحدودة. اسم الجنرال قاسم سليماني أحد اسمين أو أحد ثلاثة أسماء.
 لا بد أن المسؤولين الإيرانيين تنبهوا إلى ما أشارت إليه الصحف الأميركية آنذاك من أن بومبيو يريد العودة إلى فلسفة الاغتيالات. كان يفترض ألا ّ يقتل سليماني قرب مطار بغداد. ما الذي حدث للعقل الإيراني؟ ماذا حدث لحائكي السجاد؟
 ما يمكن تأكيده أن القيادة الإيرانية لم تصغ إلى الرؤوس الساخنة، أو المسطحة. هذه كانت ترى تنفيذ مجزرة بالجنود الأميركيين في قاعدة "عين الأسد". في تلك اللحظة كانت العودة إلى "العقل الإيراني". لا أحد إلا ويعلم أي تداعيات كارثية لأي موقف انفعالي.
 التركيز الآن على زعزعة الأعصاب الأميركية بالرغم من كل بهلوانيات دونالد ترامب ووزير خارجيته الذي كاد يقول إن الجنرال الإيراني كان وراء تدمير الأسطول الأميركي في بيرل هاربر عام 1941.
 الإيرانيون وحلفاؤهم يبحثون الآن في السيناريو الذي يحول دون بقاء دونالد ترامب في البيت الأبيض. قد يكونون فكروا في اغتيال الرجل. ما يحكى الآن يتجاوز الشخص. الهدف هو الوجود الاستراتيجي الأميركي في المنطقة.
 الصراع طويل، شاق، ومعقد. دونالد ترامب قال إن بلاده لم تعد بحاجة إلى نفط ولا إلى غاز الشرق الأوسط. لماذا، إذاً، البقاء هناك؟! لا تستغربوا، إذا ما بقي لولاية ثانية، أن يتخذ قراراً بالانسحاب الشامل إذا لاحظ أن تكلفة البقاء تتعدى تكلفة الخروج.
 في كل الأحوال، ما بعد مقتل سليماني ليس كما قبله. أميركيون و"إسرائيليون" يعتقدون أن آية الله خامنئي سيعطي الضوء الأخضر لصناعة القنبلة النووية. ما إن يقترب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني المقبل ستكون أصداء التجربة النووية الأولى داخل أحد الجبال قد تناهت إلى البيت الأبيض.
 هذا ليس ضرباً من الخيال. الباحث الأميركي جون ألترمان قال: "حدقوا جيداً في الأسنان الإيرانية"، ناصحاً بالرحيل إلى الباسيفيك "حيث صراعنا الحتمي مع التنين".
 لا بأس أن يضع الإيرانيون أعصابهم في الثلاجة. لا مجال لأن يضعوا أسنانهم أيضاً. ألترمان، الذي يتوجس من ألسنة اللهب في الشرق الأوسط، يصر على الرئيس "إعادة جنودنا إلى ديارهم". 
 كلام أوروبي وراء الضوء: "التسوية أقرب بكثير من الحرب. لا تكترثوا بهذا الضجيج"!
*كاتب وصحفي لبناني.

أترك تعليقاً

التعليقات